من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
الخطوة السعودية بتعيين قنصل عام لدى السلطة الفلسطينية وفي القدس، لم يجرِ تنسيقها مع إسرائيل. والمؤسسة السياسية الإسرائيلية تجد صعوبة في تفسير تأثير هذه الخطوة في المساعي الجارية للدفع قدماً باتفاق تطبيع مع السعودية.
في الأمس، قالت مصادر إسرائيلية رفيعة المستوى إن البيان السعودي الصادر في نهاية الأسبوع بشأن تعيين السفير السعودي في الأردن، من الآن فصاعداً، كممثل للمملكة أيضاً لدى السلطة الفلسطينية، وقنصل غير مقيم في القدس، وضع إسرائيل أمام حقائق على الأرض، ولم يسبقها حوار بين الدولتين في هذا الشأن.
المسؤول الإسرائيلي الوحيد الذي وافق على التطرق إلى البيان السعودي، كان وزير الخارجية إيلي كوهين الذي صرّح في مقابلة أجرتها معه إذاعة 103، بأن إسرائيل "لن تسمح بأي تمثيل دبلوماسي من هذا النوع أو غيره." واستند كوهين في تصريحه إلى السياسة الرسمية الإسرائيلية المعتمدة منذ عشرات الأعوام، والتي تقضي بعدم السماح بفتح قنصليات في القدس، باستثناء تلك التي كانت موجودة في غربي المدينة قبل سنة 1948، وفي شرقيها قبل سنة 1967. عملياً، لا يوجد تناقُض بين كلام كوهين وبين الإعلان السعودي، لأن السعودية لا تنوي في هذه المرحلة إقامة قنصلية جديدة في المدينة.
يعترف الإعلان السعودي بالصلة التاريخية التي تربط المملكة الأردنية بالقدس الشرقية، وأن الممثلية السعودية في القدس ستمر عبر السفارة في عمّان.
اعتُبرت الخطوة رسالة علنية إلى الفلسطينيين بأن المملكة لن تتجاهل مصالحهم في إطار الاتصالات الجارية حالياً بشأن اتفاق إسرائيلي - سعودي – أميركي. ومع ذلك، لم تبلور إسرائيل بعد موقفها من مغزى هذه البادرة السعودية حيال الفلسطينيين. وقال مصدر إسرائيلي رفيع المستوى لـ"هآرتس": "إنها خطوة رمزية لن نقف ضدها. والمسألة التي لا نعرف جوابها هي ماذا يريد أن يقول السعوديون هنا."
في الأسابيع الأخيرة، برزت رسائل متضاربة من إسرائيل حيال القسم الفلسطيني من الاتفاق المستقبلي مع السعودية. وفي الوقت الذي يحاول رئيس الحكومة والمقربون منه التقليل من الموضوع الفلسطيني، ويقولون إنه سيُطلب منهم القيام بخطوات محدودة فقط من أجل إرضاء السعوديين في هذا الشأن، يعتقد الجانب الأميركي أنه سيكون من الصعب على ولي العهد محمد بن سلمان توقيع اتفاق تاريخي مع إسرائيل، من دون تنازلات إسرائيلية ملموسة لمصلحة الفلسطينيين. وجاء الإعلان السعودي الأخير بعد لقاءات جرت مؤخراً بين السعوديين والفلسطينيين الذين طلبوا من المملكة عدم تجاهُل الموضوع الفلسطيني في إطار المحادثات مع الولايات المتحدة وإسرائيل.
وذكرت صحيفة "معاريف" (14/8/2023) أن السفير السعودي في الأردن نايف بن بندر السوديري قدم يوم السبت أوراق اعتماده إلى مستشار أبو مازن مجدي الخالدي في احتفال جرى في السفارة الفلسطينية في عمّان. وعلمت الصحيفة من مصادر مسؤولة بأن إسرائيل كانت على عِلم بالخطوة، وأن تعيين السفير السعودي لدى السلطة لم يكن مفاجأة.
وتابعت الصحيفة أنه على الرغم من ذلك، فإن هؤلاء أشاروا في حديث غير رسمي مع جهات دبلوماسية في إسرائيل، فيما يتعلق بما وراء الخطوة، إلى أن السياق الذي جاء فيه هذا التعيين هو كلام رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عن المصلحة السعودية في اتفاق تطبيع محتمل مع إسرائيل، وحديثه في وسائل الإعلام الأجنبية مؤخراً عن أن القضية الفلسطينية لم تعد في رأس سلّم أولويات السعودية، وأن ما يهم المملكة هو إيران، وما سيحصلون عليه لتحقيق توازُن للقوى في المنطقة. وبذلك يمكن تفسير الخطوة السعودية بأنها رد على ادعاءات نتنياهو.
ورأت الصحيفة أن تعيين سفير في السلطة وقنصل عام في القدس الشرقية يدل على أن الموضوع الفلسطيني لا يزال على جدول الأعمال السعودي، ومن المعقول أن يظهر في قائمة المطالب في أي اتفاق محتمل مع إسرائيل. مع ذلك، فالتعيين يمكن أن يشكل تلميحاً سعودياً إلى الفلسطينيين، مفاده "نحن نتقدم نحو التطبيع مع إسرائيل". ووفقاً لمصادر دبلوماسية، يمكن أن يدّعي الفلسطينيون أنه يتم التخلي عنهم كما جرى في اتفاقات أبراهام، لذلك، يقوم السعوديون بخطوة تصريحية نحوهم.
وأشارت الصحيفة إلى أن تعيين السفير السعودي لدى السلطة الفلسطينية زاد في التعقيد الحاصل نتيجة الرسائل المتضاربة بشأن التقدم في المفاوضات بواسطة الولايات المتحدة لتطبيع العلاقات السعودية - الإسرائيلية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون التعيين التاريخي رسالة إلى الأردن، وإلى الملك عبد الله، المسؤول عن الأماكن المقدسة الإسلامية في القدس، بأن السعودية تريد إظهار وزيادة وجودها في هذه الأماكن. وعلى أي حال، يقدّرون في إسرائيل أن تعيين سفير في هذا التوقيت ليس صدفة قبل المحادثات التي من المفترض أن يقوم بها وزير الشؤون الاستراتيجية رون دريمر في واشنطن الأسبوع المقبل.