تفاهمات إيران - الولايات المتحدة تدفع إسرائيل إلى عزلة خطِرة
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
قناة N12
–
قناة التلفزة الإسرائيلية
- الولايات المتحدة وإيران توصلتا إلى تفاهمات بشأن صفقة تبادل أسرى - إطلاق سراح أميركيين اعتُقلوا في إيران، في مقابل تحرير إيرانيين اعتُقلوا في الولايات المتحدة، والإفراج عن 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية التي سيتم تحويلها إلى قطر لتستخدمها إيران لأهداف إنسانية.
- الحديث يدور عن تفاهمات واتفاقات، وليس عن اتفاق رسمي، ولا عودة إلى اتفاق 2015. تطبيق التفاهمات بشأن الأسرى، بالإضافة إلى تسريبات إعلامية بشأن خطوات إيرانية لخفض تخصيب اليورانيوم وتراجُع في عدد الضربات التي تنفّذها أذرع إيران ضد الولايات المتحدة في المنطقة، كلها أمور تشير إلى تفاهمات غير رسمية وواسعة أكثر بين إدارة بايدن وإيران: امتناع أميركي من فرض عقوبات جديدة على إيران، في مقابل إبطاء التقدم الإيراني في المجال النووي، والامتناع من الوصول إلى درجة 90% من تخصيب اليورانيوم - أي تخطّي الخط الأحمر الذي سيؤدي إلى الضغط على الرئيس الأميركي للعمل.
هذه التطورات تشير إلى فشل حكومة إسرائيل استراتيجياً
- إسرائيل لم تؤثر قط في سياسة الولايات المتحدة، وذلك يعود، إما إلى وضع العلاقات مع واشنطن وانعدام الإصغاء السياسي بسبب التركيز على الوضع الداخلي في إسرائيل، وإما إلى عدم وجود خيار موثوق به لوقف التقدم الإيراني النووي.
- الهدف الإسرائيلي كان منع إيران من التمركز كدولة على عتبة النووي، لكن إيران قامت بذلك، وعملياً، الاتفاق يعترف بذلك، ويكتفي بالالتزام بعدم التقدم إلى درجة تخصيب 90%، من دون التنازل عن القدرات التي تملكها أصلاً. وفي حال لم تتضمن التفاهمات خفضاً جدياً في كمية المواد المخصبة التي تملكها إيران اليوم، فإن هذه الأخيرة ستبقى على مسافة أسبوعين من إنتاج المواد الانشطارية الجاهزة على مستوى عسكري، والتي تكفيها لصنع عدة قنابل.
- إيران ستستطيع التقدم في برنامجها النووي، من دون خرق الخط الأحمر الذي وضعه الغرب والولايات المتحدة. إذا أرادت إسرائيل العمل ضد البرنامج النووي الإيراني، فستقوم بذلك وهي معزولة، من دون دعم من حلفائها، وفي مقابل برنامج نووي متقدم ومحمي.
- بايدن أشار إلى أنه لا يريد التصعيد ضد إيران، وهو جاهز لتقديم التنازلات من أجل تركيز جهوده على الصين وروسيا، وهذا بحد ذاته رسالة معاكسة لخيار تهديد عسكري موثوق به، كانت إسرائيل تريد من الولايات المتحدة طرحه.
- وحتى في ظل الأخبار المتتالية عن قيام الولايات المتحدة بتعزيز قواتها في المنطقة بطائرات حربية وسفن وآلاف الجنود من "المارينز"، بهدف ردع إيران عن الاستمرار في مهاجمة السفن التجارية والحاويات في مقابل مضيق هرمز، يمكن الافتراض أن احتكاكات موضعية لن تؤدي إلى تحول استراتيجي في العلاقات ما بين الولايات المتحدة وإيران، ومن المؤكد أن هذا لن يحدث خلال سنة الانتخابات في واشنطن.
- في ضوء هذا كله، على رئيس الحكومة نتنياهو أن يفهم أن الاستراتيجيا الإسرائيلية التي يقودها - كبح إيران قبل تحوُّلها إلى دولة على عتبة النووي، ومعارضة كل اتفاق - حتى لو كان "أطول زمنياً وأفضل"، وعدم الرغبة في تنسيق السياسات مع الولايات المتحدة- فشلت. المطلوب الملائمة مع الواقع الجديد: السعي لتفاهمات بين إسرائيل والولايات المتحدة في مقابل التفاهمات بين الولايات المتحدة وإيران.
- أولاً، على نتنياهو أن يتذكر ما كان بارعاً في القيام به سابقاً: إزاحة جميع المواضيع الأُخرى عن الطاولة وإعادة الموضوع الإيراني إلى رأس سلّم الأولويات بين الدول. حتى الآن، سلوك وزرائه المتطرفين في الضفة والتركيز على الانقلاب القضائي، يعرقلان لقاءاته مع الرئيس الأميركي، ومع قيادات المنطقة، ويسرقان الوقت من لقاءات المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين، على حساب القضايا الاستراتيجية.
- ثانياً، على رئيس الحكومة السعي ليعلن الرئيس الأميركي بايدن أن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة باتفاق "أطول وأفضل"، كهدف دبلوماسي وحيد في مقابل إيران، وأنه لا يزال ملتزماً بعدم امتلاك إيران سلاحاً نووياً، كجميع الرؤساء قبله. هذه التصريحات المهمة ستعزز التزام الحزب الديمقراطي بالصراع ضد النووي الإيراني، وبصورة خاصة في الوقت الذي تهمّش التفاهمات مع إيران القضية وتقلل من أهميتها، على الأقل حتى انتخابات 2024.
- التغيير في السياسة الإسرائيلية، من نهج المواجهات المنفردة إلى التنسيق والتفاهمات، هو ثمن معقول جداً، على الحكومة تقديمه بهدف صوغ إطار تفاهمات استراتيجية، وحتى تنسيق عملياتي مع إدارة بايدن بشأن الخطة لمنع إيران من الوصول إلى النووي. من المؤكد أن الحديث يدور عن بديل استراتيجي أفضل لإسرائيل من السماح لإيران بالتمركز في العتبة النووية، حيث تستطيع تخطّي هذه العتبة حين تريد، ويشجعها على ذلك أن الولايات المتحدة وإسرائيل لا تمثلان جبهة واحدة.
كيف ستبدو هذه التفاهمات بين إسرائيل والولايات المتحدة؟
- الاتفاق على خطط دبلوماسية وسرية تتمكن من منع إيران من الوصول إلى سلاح نووي بطريقة فاعلة - من خلال تجديد الالتزام الأميركي باتفاق "أطول وأفضل"، كهدف دبلوماسي لهذه الحملة.
- خطة استخباراتية منسّقة لتقوية القدرات المشتركة والإسراع في تشخيص القرار الإيراني بتخطي العتبة النووية.
- الاتفاق على مؤشرات من شأنها التدليل على أن إيران تتقدم، تكنولوجياً وعملياتياً، نحو القنبلة النووية، وعلى الردود على هذه المؤشرات.
- تجهيز مشترك لبدائل إضافية لوقف إيران، في حال قررت الانزياح عن المسار الدبلوماسي.
- جهود مشتركة، الهدف منها وضع تهديد عسكري علني وصادق، إسرائيلي- أميركي، يتضمن تنسيقاً وتدريبات على تنفيذ ضربة ضد المفاعلات النووية في إيران.
- الاتفاق على التعاون وتوزيع المسؤوليات عندما يتخطى الإيرانيون الخط الأحمر - وحجم المساعدة والدعم المتبادل لضربة كهذه.
- التنسيق بين الدول بشكل يضمن للإدارة الأميركية ألا تتفاجأ استراتيجياً من إسرائيل، وفي السياق نفسه، مطالبة الرئيس الأميركي بالتزام مكتوب بأن حرية الحركة الإسرائيلية ضد إيران لن تتضرر.
- تقوية قدرات إسرائيل الدفاعية والقوات الأميركية في المنطقة والتنسيق فيما بينهما.
- تنسيق الجهود لردع إيران وتقليل حجم ردها على هجوم عليها، إذا حدث. واستعمال أدوات الضغط الموجودة لدى الدولتين لوقف المواجهة، في حال بدأت.
- التزام أميركي بمنع إيران من ترميم خطتها النووية بعد الضربة، إذا حدثت.
- وفي الختام، على رئيس الحكومة الاعتراف بالقيود وعدم نجاعة سياسته الحالية في مقابل إيران. حتى لو كان على قناعة بأن الأميركيين تصالحوا مع إيران النووية، وأنهم في حالة "استراتيجيا احتواء"، عليه أن يحرج الإدارة باستعمال تصريحات الرؤساء الأربعة السابقين، التي تتضمن التزاماً باستراتيجيا "المنع"، وأن يحسّن الظروف لعملية إسرائيلية عسكرية أكثر ما يمكن، هذا في حال اضطرت إسرائيل إلى التحرك. من الأفضل الآن اختيار خطوة مبادرة، تهدف إلى التوصل إلى تفاهمات مع الولايات المتحدة بشأن الاستراتيجيا والخطة العملياتية المشتركة لمنع وإحباط تزوُّد إيران بسلاح نووي.
الكلمات المفتاحية