مخاطر الاتفاق مع السعودية، البدائل الممكنة، وسبل المواجهة
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف
  • إن إمكانات التوصل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات مع السعودية تضع إسرائيل أمام أكثر المعضلات تعقيداً. من جهة، فإن المطروح هو إمكان تطبيع للعلاقات مع إحدى أكبر الدول وأهمها في العالمين العربي والإسلامي، ولاحقاً مع سلسلة من الدول الأُخرى، ومن جهة ثانية، فهناك تنازلات ضخمة في مسائل في قلب الأمن القومي في إسرائيل تشمل قضايا ستؤدي إلى تغييرات تكتونية في المنطقة.
  • من الناحية الإيجابية، لا ضرورة للإكثار من الكلام. السعودية هي جائزة كبرى سياسية وأمنية وفي الأساس اقتصادية، والاتفاق معها سيفتح طريقاً اقتصادية كبيرة إلى المنطقة وإلى مصالحة تاريخية مع الإسلام (أو على الأقل مع الأغلبية العاقلة). كما سينشئ محوراً أمنياً - سياسياً ثابتاً، تحتل فيه إسرائيل مركزاً أساسياً في مواجهة التهديد الإيراني، وسيهمش القضية الفلسطينية، أو على الأقل سيساعد في إعادة تشكيلها بموافقة كل الأطراف.
  • هذه الفوائد مهمة، لكن من غير الممكن تجاهل السيئات التي ترافقها. لقد وضع السعوديون قائمة مطالب طموحة، في طليعتها 3 موضوعات: حلف دفاعي [مع الولايات المتحدة]، وعمليات شراء مكثفة للسلاح والقدرات العسكرية والتكنولوجية المتقدمة، وبرنامج نووي مدني يتضمن تخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية.
  • المطلب السعودي الأول جيد بالنسبة إلى إسرائيل وإلى الشرق الأوسط، لكن ثمة شك في حصول السعودية على ما تريده (حلف شبيه بالناتو)، ومن الممكن أن ترضى بأقل من ذلك ("شريكة أمنية مركزية" شبيهة بوضع الهند) وربما أقل بكثير. لكن مجرد وجود هذا الاتفاق سيزيد التدخل الأميركي في المنطقة بصورة يمكن أن تردع الأطراف السلبية وتكبحها.
  • الطلب السعودي الثاني إشكالي جداً بالنسبة إلى إسرائيل؛ فإن موضوع سلاح ومنظومات سلاح متقدمة تتضمن تكنولوجيات عالية سيضع السعودية ضمن جبهة عسكرية - تكنولوجية في المنطقة، تكون فيها نداً لإسرائيل. وما دامت السعودية في معسكر الدول العاقلة، فإنها لا تشكّل تهديداً، لكن ماذا سيحدث إذا جرى فيها انقلاب أو إذا ولي العهد فيها أصيب؟
  • لهذا السبب تحديداً، يحرص الأميركيون على المحافظة على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل. وهذا يجري تحت قانون من الكونغرس، وستطالب إسرائيل حالياً بتقديمات كبيرة كي تستطيع العيش بسلام مع المطالب السعودية. وتعمل المؤسسة الأمنية منذ الآن على إعداد قائمة بذلك، لكن يتعين على إسرائيل أن تتأكد من الحصول عليها (أو على الأقل أن تضمن ذلك) قبل التوصل إلى اتفاق مع السعودية.
  • الطلب السعودي الثالث هو الأكثر إشكالية؛ فالمقصود على ما يبدو برنامج مدني يهدف إلى المحافظة على السعودية كدولة عظمى في مجال الطاقة، حتى في عهد ما بعد النفط، لكن هذا البرنامج يمكن تكييفه بسهولة وخلال وقت قصير كي يتلاءم مع أهداف عسكرية. لقد طرح السعوديون عدة حلول لتبديد الشكوك، منها أن تقوم شركة أميركية - سعودية بالسيطرة على عملية التخصيب والتأكد من أنه معد للاستخدام المدني فقط. هذا حل جيد فقط إذا كان سيُطبق، لكن ماذا سيجري إذا سيطرت قوات معادية على الحكم في السعودية، أو إذا قررت السعودية ذات يوم تأميم الشركة (كما فعلت مع شركة النفط الوطنية آرامكو)؟
  • مؤيدو الصفقة يدّعون أنه إذا لم تزود الولايات المتحدة السعودية بقدرات لتخصيب اليورانيوم فإن الصين وفرنسا ستقومان بذلك. هذه حجة ضعيفة، ليس فقط لأن الدولتين امتنعتا من القيام بذلك حتى اليوم، بل لأنه ثمة شك في أنهما ستقومان بخطوة بعيدة المدى كهذه تتعارض مع السياسة الأميركية بصورة يمكن أن تعرّضهما للعقوبات الأميركية، وثمة شك في أن تفعل السعودية ذلك، لأن هدفها هو دخول هذه العملية تحت المظلة الأميركية.
  • حجة أُخرى يطرحها مؤيدو الصفقة هي حقيقة أن الإمارات لديها برنامج نووي مدني، لكن الإماراتيين يقومون بذلك بعد توقيعهم البروتوكول الإضافي للوكالة الدولية للطاقة النووية، الذي يمنع معالجة البولوتونيوم وتخصيب اليورانيوم، وهم يعملون تحت رقابة مشددة، وجزء من العمليات يجري في دول أُخرى. ومن أجل الانتقال إلى المسار العسكري، سيحتاجون إلى وقت وموارد ومنشآت، الأمر الذي سيعطي الدول التي تمر فيها هذه العمليات فرصة وقف هذه العملية.
  • في المقابل، سيعطى السعوديون الاستقلال الكامل، وهذا الأمر سيؤدي إلى بدء سباق إقليمي عندما تطالب دول أُخرى، كتركيا ومصر وحتى العراق والأردن، بالحصول على قدرات تخصيب مشابهة. ونتيجة لذلك، سيتزعزع الاستقرار الإقليمي، وستحصل جهات متعددة على المفتاح الذي سيسمح لها بالقفز للحصول على قدرات تخصيب عسكرية.
  • بالنسبة إلى إسرائيل، يمكن أن يتسبب هذا بكارثة حقيقية، ويتعارض تماماً مع سياستها المعلنة؛ عدم السماح لأي طرف في المنطقة بالحصول على قدرات نووية عسكرية.
  • في مقابلة أُجريت مع الوزير رون دريمر في واشنطن قبل أسبوعين، قال إن إسرائيل لا ترفض النووي المدني السعودي. في الأشهر الأخيرة، جرت عدة نقاشات، بمشاركة مجموعة محدودة من كبار الخبراء، لمناقشة الموضوع بحثاً عن حلول تمكن إسرائيل من العيش معه بسلام.
  • لكن ثمة شك في حدوث ذلك. يجب على إسرائيل الامتناع من تجميل الواقع، وأن تنظر إليه مباشرة، وأن تسأل نفسها بصدقٍ ما إذا كانت إيجابيات هذا الاتفاق توازي سيئاته. الجواب واضح: أغلبية الخبراء لا يعتقدون ذلك أساساً بسبب المسألة النووية.
  • يبدو أن نتنياهو يعتقد العكس، وهذا أمر مدهش، ليس فقط لأنه خصص العقود الأخيرة لمحاربة النووي الإيراني، بل أيضاً لأنه قبل عام، حذّر من اتفاق الغاز مع لبنان، وقال إنه يشكّل خطراً أمنياً على إسرائيل. المطروح الآن خطر أكبر من أي مرة، لأن أي قرار سيتخذه، سيصوغ وجه المنطقة لسنوات كثيرة.