مزايا الاتفاق مع السعودية ومخاطره
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

  • في الأيام الأخيرة، تتشكل دراما من حجم عالمي. اتفاق التطبيع مع السعودية يمكن أن يشكل منعطفاً استراتيجياً يؤثر في مستقبل دولة إسرائيل والشرق الأوسط كله. وإلى جانب الفرص، هناك أيضاً مخاطر، لكن من خلال عملية مناسبة ومخطَّط لها، يمكن معالجة هذه المخاطر وتقديم الرد المناسب. على هذه الخلفية، يجب أن يُطرح أمام المجلس الوزاري المصغر السياسي - الأمني إطار الاتفاق ومبادئه لمناقشتها في أثناء المفاوضات، وليس اللجوء إليه في نهاية العملية مع "اتفاق منجَز" من أجل التصويت عليه.

لماذا الآن تحديداً؟ خلفية الاتصالات

  • السؤال الذي يطرحه الجمهور والمختصون هو: لماذا الآن؟ ما الذي حدث الآن، تحديداً، وأنضج اتفاقاً تاريخياً؟ توضيح هذه المسألة يسمح بفهم الوضع، وتوجهات العملية، والنتائج القصوى والفرص. تشهد هذه الأيام تضافُر ظروف خاصة بين الدول الثلاث التي لها علاقة بالاتفاق: السعودية والولايات المتحدة وإسرائيل. وهو تضافُر مصالح داخلية (حيال الجمهور في كل دولة) وخارجية (جيو - استراتيجية) شكّلت أرضية خصبة للدفع قدماً باتفاق مشترك.
  • السعودية. يشعرون في المملكة بالقلق على أمنهم القومي، وبالأساس بسبب التهديد الإيراني (على الرغم من الاتفاق الموقّع بين الدولتين). حادثة الهجوم على منشآت النفط في شركة أرامكو في سنة 2019 كان بمثابة جرس إنذار، وشكّل في الواقع نقطة تحوُّل. فقد أدركت السعودية ضعفها في مواجهة خطر الصواريخ والمسيّرات، وخصوصاً عدم قدرتها على الاعتماد على حليفتها الولايات المتحدة في الدفاع عنها.
  • الإدراك بعدم القدرة على الاعتماد على الولايات المتحدة دفع وليّ العهد محمد بن سلمان إلى الدفع قدماً باستراتيجيا مبتكرة والذهاب حتى النهاية في العلاقة مع الولايات المتحدة. على سبيل المثال، لقد شجّع على الاتفاق مع إيران برعاية الصين، ولم يتعاون مع الطلب الأميركي بشأن تنسيق أسعار النفط (في السياق الروسي)، ونوّع مصادر سلاحه من خلال مشترياته من الصين. البيت الأبيض التقط هذه الإشارات بصورة جيدة، وكانت النتيجة محاولة الدفع قدماً بالاتفاق.
  • بالإضافة إلى ذلك، يحاول بن سلمان ترسيخ مكانته الداخلية في المملكة، على خلفية التنافس بين الأمراء، وصورة عدم النجاح في حرب اليمن، والمقاطعة غير الناجحة لقطر، وغير ذلك. فهو يريد أن يبدو في صورة الحاكم العاقل، وأن يعزز المكانة الإقليمية للسعودية ويرسخّها كقائدة للعالم العربي - السّني، وتصوير نفسه كزعيم صاحب رؤيا.
  • الولايات المتحدة. تعاني الإدارة الديمقراطية جرّاء صعوبات. فإلى جانب ضُعف التأييد الشعبي للرئيس وسياسته، فإن هذه الإدارة لم تنجح في التضييق على الصين في الساحة الدولية. الانسحاب من العراق وسورية وأفغانستان كجزء من الانفصال عن الشرق الأوسط والخليج الفارسي، لم يساهم في تعزيز موقع الولايات المتحدة، بل سمح للصينيين بالتسلل والدفع قدماً بنفوذهم هناك. واضطر حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة إلى مراجعة تقديراتهم بشأن قدرتهم على الاعتماد على الولايات المتحدة كسند استراتيجي، ولذلك، اقتربوا من الصين، ومن روسيا أيضاً في مجالات معينة.
  • تحقيق بايدن إنجازاً سياسياً مهماً، مثل اتفاق ثلاثي مع السعودية وإسرائيل، وتحقيق إنجاز في الساحة الفلسطينية يمكن أن يشكّلا ورقة ناجحة في الانتخابات الرئاسية في نهاية سنة 2024 (رؤيا دولتين لشعبين هي موضوع مهم بالنسبة إلى الناخبين الديمقراطيين). بالإضافة إلى ذلك، الدفع بصفقة بيع سلاح أميركية للسعودية سيقدم مساهمة لا بأس بها للاقتصاد الأميركي.
  • إسرائيل. وضعها الاستراتيجي وصل إلى نقطة حساسة: إيران تتقدم نحو دولة على عتبة النووي؛ وازدادت ثقتها بنفسها بفضل قدراتها المتطورة في مجال الصواريخ والفضاء والمسيّرات؛ ونجحت في مواجهة العقوبات الأميركية، ودفعت روسيا إلى تطوير اعتمادها على سلاحها. كل هذا يجعل إيران في وضع أكثر جرأة وثقة بالنفس، وهو ما يشكل تهديداً لإسرائيل.
  • وينعكس هذا الوضع أيضاً على ثقة حزب الله بنفسه، وعلى خطر محتمل لاندلاع حرب في الجبهة الشمالية. ويجب أن نضيف إلى ذلك "الإرهاب" في الضفة الغربية، والتحدي في مواجهة قطاع غزة، ومشكلة الحوكمة في داخل الخط الأخضر، وتصاعُد الجريمة والأزمة المدنية الداخلية. كل هذا يفرض على إسرائيل البحث عن استقرار ومبادرات خارجية أصيلة. وفي هذا الإطار، لا يمكن تجاهُل رغبة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في إدامة إرثه من خلال التوصل إلى اتفاق سياسي من هذا النوع يرسّخ مكانته كزعيم فريد في جيله.

الفرص التي تنتظر الدول الثلاث

  • في ضوء التحليل العام السابق، فإن التوصل إلى اتفاق سيؤدي إلى نشوء فرص استراتيجية مهمة للولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل.
  1. على الصعيد العالمي: تعزيز صورة ومكانة الولايات المتحدة؛ التضييق على الصين في الخليج الفارسي والشرق الأوسط، وتعزيز التحالف الغربي - السنّي ضد التحالف الشرقي - الإيراني.
  2. على الصعيد الإقليمي: الدفع قدماً بالاستقرار الإقليمي الذي يعتمد على التعاون الأمني والاستخباراتي والعملاني في مواجهة التهديد الإيراني (في مجال الدفاع ضد الصواريخ والطائرات).
  3. على الصعيد الاقتصادي: الدفع بمشاريع، الأهم بينها خط سكة حديد وممر تجاري يربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا. إعلان الرئيس بايدن لهذا المشروع في قمة الدول العشرين (G-20) هو من أبرز معالم الرؤيا الاقتصادية السياسية الاستراتيجية. معبر بري سريع للبضائع والطاقة بين السعودية والإمارات والأردن وإسرائيل لا يؤدي فقط إلى تقصير الوقت مع الشرق الأدنى، بل أيضاً يقلل كثيراً من تكلفة النقل، ويحوّل إسرائيل إلى نقطة التقاء استراتيجية في الربط بين القارات (وستعبر من هنا البضائع في سفن إلى أوروبا، ولهذا السبب، تحاول تركيا التقرب من إسرائيل والحصول على إمكانية أن تتحول إلى ميناء عبور). علاوةً على ذلك، إسرائيل دولة عظمى في مجال التكنولوجيا والسلاح، واحتمال عقد صفقات في هذه المجالات كبير جداً.
  4. على الصعيد السياسي: كل ما ذُكر سابقاً، يزيد في أهمية إسرائيل. والاستقرار هو اسم اللعبة الاقتصادية، ومصلحة أوروبا والهند والولايات المتحدة وسائر العالم هي في الاستقرار في إسرائيل، كي لا يتضرر اقتصاد هذه الدول. بالإضافة إلى ذلك، تعزيز العلاقات الخاصة مع الولايات المتحدة له قيمة عليا في العقيدة الأمنية الإسرائيلية. فمن شأن اتفاق التطبيع تقوية عنصر الجذب والدفع باتفاقات مع دول إسلامية أُخرى (باكستان، وأندونيسيا، وبنغلادش، ومالي، والنيجر، والصومال، وموريتانيا).
  5. على الصعيد الإيراني: الدفع باتفاق سلام يتضمن مكونات أمنية مشتركة يمكن أن تؤدي إلى ميزان مضاد في مواجهة نفوذ طهران وقوتها. وستحاول إسرائيل استغلال ذلك لإعادة فرض العقوبات على إيران، وبصورة خاصة لإبقاء فكرة الخيار العسكري ضد البرنامج النووي الإيراني مطروحة على الطاولة.

المخاطر

  • إلى جانب الفرص الكبيرة، ينطوي الاتفاق الثلاثي مع الولايات المتحدة والسعودية على مخاطر غير بسيطة، وعلى عقبات يجب تجاوُزها قبل التوقيع التاريخي.
  1. إيران. يمكن أن تؤدي المفاوضات إلى تسريع عمل عسكري ضد إسرائيل أو السعودية بصورة مباشرة، أو بواسطة أذرعتها (الحوثيون في اليمن، والميليشيات في العراق وسورية، وحزب الله في لبنان)، كل ذلك من أجل التأثير وعرقلة الدفع بالاتفاق وتحقُّقه.
  2. الصين وروسيا. التضييق عليهما وتقليص نفوذهما العالمي يمكن أن يحفّزا على خطوات مضادة واستفزازات ضد السياسة الأميركية والتأثير بصورة غير مباشرة في إسرائيل (تعزيز قدرات إيران في المجال النووي، منع العقوبات، بما فيها في مجال الصواريخ، وغيرها).
  3. المطالب السعودية. الطلب المركزي للسعودية يتمحور على المستوى الأمني الذي تطالب به لمواجهة التهديد الإيراني. بناءً على ذلك، فإن طلبها الحصول على دائرة وقود [نووي] كاملة هو أمر خطِر لأنه يتيح لها الانتقال إلى الحصول على قدرة عسكرية...
  4. مصر. يجب الانتباه إلى احتمال المسّ بمصر نتيجة اتفاق كهذا. فالاقتصاد المصري الضعيف يمكن أن يتلقى ضربة قاسية إذا تقلص شحن البضائع عبر قناة السويس بسبب إقامة سكة الحديد من السعودية إلى الأردن وإسرائيل. ويمكن التقليل من ذلك بوسائل مختلفة (تقديمات اقتصادية وحوافز، وتعزيز المساعدة المدنية لمصر).
  5. القضية الفلسطينية. السلطة الفلسطينية ليست طرفاً في الاتفاق، لكنها تؤثر فيه وتتأثر به. يتعين على إسرائيل المحافظة على مبادىء اتفاق أوسلو (احتكار قوة في يد السلطة الفلسطينية، ومستوى الأمن، ومنع التحريض، وغيره) من خلال تقديمات، بالأساس مبادرات اقتصادية جوهرية لتحسين مستوى الحياة في الضفة الغربية.
  • أبو مازن أمام معضلة صعبة: هل يعطي الاتفاق مباركته ويكتفي بتحسُّن اقتصادي؟ أو يضيّع الفرصة مرة أُخرى، ويبقى يشعر بالمرارة إزاء اتفاق سلام مع إسرائيل موقّع من الدولة الإسلامية الأكثر أهمية؟
  • إسرائيل أمام مفترق طرق استراتيجي. إن توقيع اتفاق مع الاستفادة من الفرص التي يتيحها (وهناك الكثير منها لم نتطرق إليه هنا)، ومع توفير الرد المناسب على المخاطر، هو بمثابة بشرى كبيرة.  يجب أن نستخلص من دروس الماضي والتعاون مع أطراف من المؤسسة الأمنية خلال مرحلة المفاوضات عبر تشكيل طاقم من الخبراء، ودعوة المجلس الوزاري المصغر إلى مناقشة الإطار الاستراتيجي للمخاطر والفرص. وخصوصاً أنه يجب عدم المجيء باتفاق منجَز للتوقيع النهائي.