الوحدة الخاصة لمكافحة الإرهاب "يمام" هي التي يجب أن تتحرك ضد الجريمة المنظمة
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- أعداد القتلى في المجتمع العربي في إسرائيل تقترب بخطوات كبيرة في السنة الأخيرة من الـ 200 قتيل، وإذا استمر معدل الجريمة اليومي على هذا النحو، فإن عدد القتلى يمكن أن يصل إلى 250 شخصاً.
- كي نفهم مغزى هذا العدد من القتلى، يمكن أن نقارنه بعدد القتلى في حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006]، والذي لم يتجاوز الـ 121 مقاتلاً من الجيش الإسرائيلي الذين سقطوا في المعارك، و44 قتيلاً مدنياً، أي ما مجموعه 165 قتيلاً. عدد القتلى في المجتمع العربي في 9 أشهر يفوق عدد القتلى في حرب استمرت 34 يوماً.
- صحيح أننا قلنا في البداية أنه لا مجال للمقارنة بين نتائج جريمة عنيفة مع أثمان الحرب الباهظة، لكن هذا الرقم يفسّر قليلاً حجم التوجه والضربة الموجهة إلى الدولة، والتي تُلحق ضرراً بالأمن القومي لدولة إسرائيل، وتشكل علامة مقلقة لِما هو آتٍ بشأن العلاقات بين العرب واليهود في دولة إسرائيل. وهذه ليست مشكلة شخصية، بل مأساة يشهدها القطاع العربي. إلى جانب مطالبة زعامات المجتمع العربي بتحمُّل المسؤولية بشأن كل ما له علاقة بحمل السلاح والعنف داخل الأسرة وجرائم الشرف، والنزاعات بين الجيران.
- إن الارتفاع الدراماتيكي في عدد القتلى واستخدام الأسلحة النارية هو ما يجب التوقف عنده في صراعات عصابات الجريمة التي خرجت عن السيطرة. من دون خطوط حمراء وردع، فإن الاغتيالات الأخيرة الموثقة تبدو كأنها مشاهد من أفلام حربية.
- ووفقاً للأرقام التي جمعها معهد أبحاث الأمن القومي، بدءاً من كانون الثاني/يناير 2012 وحتى حزيران/يونيو 2023، خلال 11 عاماً، قُتل في القطاع العربي 856 رجلاً و143 امرأة، وهذا العدد مرتفع مقارنةً بالمجتمع اليهودي، لكن في السنة الأخيرة، قُتل تقريباً 200 شخص مقارنةً بأقل من 900 طوال العشرة أعوام الماضية، وتفسير ذلك يمكن أن نجده في التصعيد الدراماتيكي في الصراعات بين عائلات الجريمة، وفي توفُّر السلاح وعدم الخوف من استخدامه باحترافية متزايدة، وفي حالات كثيرة، فإن عدد القتلى كبير في عملية اغتيال واحدة. وحتى من دون أن يكون لذلك علاقة واضحة بالأمن، فإن ما يجري يشكل ضربة قاسية موجهة إلى الدولة التي تريد أن تنتمي إلى دول العالم المتحضر، وليس إلى دول العالم الثالث التي يعيش جزء كبير من مواطنيها من دون الشعور بالأمن. هناك مسؤولية يتحملها المجتمع العربي غير قابلة للجدل، لكن هذا لا يعفي الدولة والحكومة من المسؤولية الحصرية عن معالجة جذور عائلات الجريمة المنظمة.
- من بين القتلى في حرب العصابات، هناك الكثيرون من المواطنين الذين لا علاقة لهم مباشرة بعالم الجريمة. مقتل خمسة أشخاص من عائلة واحدة في بسمة طبعون في الأسبوع الماضي، بينهم فتيان، انتقاماً لاغتيال جرى في حيفا، كان سيُطرح على رأس جدول الأعمال العام والحكومي والإعلامي لو حدثت الجريمة في المجتمع اليهودي.
- إلى جانب فهم حجم الكارثة والمأساة التي تعيشها عائلات وجماعات كاملة في القطاع العربي، فإن كل مَن يعتقد أنه بمرور الوقت، يمكن حصرها في المجتمع العربي فقط، يبدو أنه يعيش في فيلم، والذكريات من أحداث عملية "حارس الأسوار" الخطِرة هي دليل واضح على الخيط الرفيع الذي يفصل بين مَن يستخدم السلاح في حياته اليومية من أجل حروب تدور في العالم السفلي، وبين "الإرهاب" القومي في أوقات الطوارئ مع نشوب القتال في قطاع غزة.
- كل المؤشرات المسبقة والتحذيرات باللون الأحمر تشير إلى أن ما حدث خلال عملية "حارس الأسوار" يمكن أن يبدو لعبة أطفال مقارنةً بما سيحدث في الحرب المقبلة، في حرب حقيقية. وليس من قبيل الصدفة أن يفهم الإيرانيون و"حماس" وحزب الله جيداً هذه الإمكانية الكبيرة، ويحاولون تعزيز العلاقات مع "أطراف إجرامية في العالم السفلي".
- بالنسبة إلى إسرائيل، إن الفجوة الكبيرة هي فجوة استخباراتية. إذ تدور حرب حقيقية بين أطراف الجريمة في وضح النهار، وتحت أنظار الشرطة الإسرائيلية. في القضايا التي لها علاقة غير مباشرة بالمسألة القومية وبالسلطة المحلية، ما من شك في الحاجة إلى تدخُّل الشاباك، لكن في القضايا الإجرامية الصرفة، فإن المطالبة بتدخُّل الشاباك هي بمثابة إطلاق الشعارات في الهواء، فهذا ليس هو الهدف من عمل الشاباك، ولاستخدامه تكلفة باهظة في دولة ديمقراطية، ناهيك بأنه على الرغم من القدرات العالية للشاباك، فإن هذا المجال ليس مجال خبرته، كما أن تحويل جهود الشاباك إلى محاربة الجريمة يمكن أن يضرّ بالحرب ضد "الإرهاب".
- إن إغلاق الفجوة الاستخباراتية الذي تعمل عليه الشرطة يتطلب وقتاً، لكننا في حالة طوارئ وطنية، ويجب أن نسرع في تنظيم السماح باستخدام وسائل تكنولوجية متقدمة وتجسُّسية. وجزء إضافي من هذه المعركة يجب أن يكون في التركيز على الردع المفقود.
- كميات السلاح والعبوات الناسفة وتبادُل إطلاق النار الذي حدث هذا الأسبوع في جوريش، كلها تؤكد جيداً الهدف المركزي لوحدة "يمام"، وهو محاربة عائلات الجريمة والعمليات في المناطق التي فقدت دولة إسرائيل الحوكمة فيها عملياً. الوحدة القومية الخاصة التي تحارب "الإرهاب" تحولت مع وحدة المستعربين في حرس الحدود، وبحق، إلى رأس حربة للعمليات العملانية الخاصة للقيادة الوسطى.
- إن الخبرة القديمة للمقاتلين، بالنسبة إلى أعمارهم وخبرتهم، لها قيمة إضافية إزاء الوحدات الخاصة والجيدة في الجيش الإسرائيلي، لذلك، تعمل وحدة "يمام" في الضفة الغربية من دون توقف. واستمرار التصعيد في المناطق يتطلب أحياناً كثيرة استخدام قوات هجومية عالية المستوى، من هنا، تأتي حاجة الجيش أيضاً إلى هذه الوحدات إلى جانب استخدام وحدة الدوفدفان...
- الآن، يجب توجيه "يمام" نحو محاربة الجريمة المنظمة والعصابات التي يعرف الجميع أنه لا توجد مشكلة في الحصول على أسلحة نارية وعبوات ناسفة في الأحياء التي تنشط فيها، من هنا، تأتي الحاجة الماسة إلى التحرك. الفجوة الاستخباراتية في محاربة الجريمة المنظمة تحتاج إلى وقت كبير من أجل ردمها، لكن الردع والعمليات في أماكن ومناطق تتحرك فيها الشرطة بصورة قليلة، خوفاً من التصعيد، هو بالضبط المكان الذي يجب أن تعمل فيه وحدة "يمام".