قطع الماء والكهرباء، وإخلاء موقت من غزة؟ الأبعاد القانونية
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

  • في أعقاب الهجوم القاسي الذي قامت به "حماس" يوم السبت، أعلنت حكومة إسرائيل أنها ستوقف تزويد القطاع بالكهرباء والوقود. في الظروف الاستثنائية التي نشهدها، يمكن تبرير هذه الخطوة. فالمحكمة العليا حكمت، بعد فكّ الارتباط وسيطرة "حماس" على القطاع، أن إسرائيل لم تعد تسيطر على غزة، لذلك، فإنها غير مرغمة على تزويد المجتمع الفلسطيني هناك بحاجاته. في سنة 2007، عادت المحكمة وقالت أنه بسبب الاحتلال المستمر الذي خلق ارتباطاً مطلقاً بإسرائيل، لا يمكن وقف الكهرباء كلياً، لكن أشك في أن تكون الأمور ما زالت كما كانت عليه، بعد 16 عاماً. فمنذ اختارت السلطة في غزة الاستثمار في الصواريخ والأنفاق، بدلاً من تطوير شبكة الكهرباء، فإن المسؤولية لا تقع بكاملها على إسرائيل.
  • بشكل مشابه، يمكن تبرير وقف التزويد بالماء. وأتمنى أن يكون قد تم الحصول على استشارة من المختصين بشأن التداعيات البيئية لقطع الماء، قبل اتخاذ الخطوة، ذلك بأنه يمكن في أعقاب القطع، زيادة الضخ من الخزانات الجوفية في قطاع غزة، وهو ما يؤدي إلى ملوحة في المياه لا يمكن تغييرها لاحقاً، وهذا ما سيؤثر أيضاً في إسرائيل.
  • نشرت مصادر إعلامية، كذّبها المصريون لاحقاً، أن مصر تنوي السماح بتزويد غزة من أراضيها، وأن إسرائيل حذّرتها بأنها ستقصف الشاحنات، ولذلك، أغلقت معبر رفح. من الجيد أن مصر نفت هذه الأخبار، لأن هذه الخطوة إشكالية جداً. ففي القانون الدولي، يجب السماح لطرف ثالث حيادي بنقل مساعدات إنسانية إلى منطقة العدو. على إسرائيل أن تشترط ذلك بترتيبات تضمن أن تكون المساعدات إنسانية فقط، وللسكان المدنيين. بسبب سيطرة "حماس" وطبيعة التنظيم المثبتة، لا يمكن ضمان تحقيق ذلك في الوضع القائم.
  • ومع وجود حصار مطبق على غزة، يُطرح السؤال التالي - وماذا بعد ؟ سكان غزة لديهم خبرة في الحروب، ويمكن الافتراض أنهم سيستطيعون الصمود أياماً معدودة، حتى من دون ماء وكهرباء من إسرائيل، ولكن، في حال استمر هذا الوضع، فسيواجه نحو مليونيْ شخص أزمة إنسانية على مستوى غير مسبوق. يبدو أن الأمر لا يُقلق الكثيرين من الإسرائيليين. يمكن تفهُّم هذا الشعور بسبب "البربرية" التي تم التعامل معها بفرح في شوارع غزة، ولكن في رأيكم، ما الذي سيحدث عندما تصل صور آلاف الأطفال الذين ماتوا عطشاً إلى العالم؟ كارثة إنسانية يمكنها تحريك المجتمع الدولي للعمل بشكل يصعّب على إسرائيل الاستمرار في العمل على تفكيك قوة "حماس". لذلك، من المهم التفكير والعمل بعقلانية.
  • ولأن الهدف من الحصار هو إلحاق الضرر بالقوة العسكرية لـ"حماس"، وليس بالمدنيين، فإن إسرائيل يمكن أن تعلن أنها ستسمح بخروج السكان من القطاع. في المرحلة الأولى، يمكن فرض قيود على الخروج، كالسماح للمصابين والمرضى وكبار السن والأطفال والنساء الحوامل بالخروج. فمنطقة "غلاف غزة" مهددة بالصواريخ، ويوجد أساس للادّعاء الإسرائيلي أنها لا تستطيع استقبال النازحين إليها. الحل الأكثر معقولية هو تجنيد مصر لفتح معبر رفح واستقبال المواطنين النازحين إلى أراضيها. لدى مصر شكوك كبيرة بشأن محاولات توطين الفلسطينيين في أراضيها، لذلك، على إسرائيل أن تؤكد لها أنها ستسمح لهم بالعودة إلى القطاع، بعد انتهاء القتال.
  • ومن أجل السماح للمدنيين المعنيين بالإخلاء، على الجيش أن يحدد مناطق وممرات إنسانية وإعلان ذلك للمدنيين الغزّيين (عبر مناشير وبيانات في الراديو وأدوات أخرى)، وأن يتأكد أن قوات الجيش على علم بذلك، ولا تعمل بشكل يعرّض النازحين للخطر.
  • الجهات الدولية القلقة من الوضع الإنساني في غزة تستطيع التجند لمساعدة مصر وإقامة مخيم لاجئين في مقابل معبر رفع، بالإضافة إلى مستشفيات وكل ما هو مطلوب لاستقبال النازحين، حتى نهاية المعارك. حتى أن الطقس يسمح بذلك، حالياً، كما يسمح بالتجهيز له. طبعاً، يمكن أن تكون إسرائيل مسؤولة عن الترتيبات الأمنية التي تضمن أن نشطاء "حماس" لن يهربوا بهذه الطريقة. تتم إدارة الحرب ببرودة أعصاب وفهم، لا بالاندفاع. يمكن قتال "حماس" بتصميم، وفي الوقت نفسه، يجب أن نُظهر أننا مختلفون عنهم.