أكدت مصادر عسكرية إسرائيلية رفيعة المستوى أن قوات الجيش الإسرائيلي كثّفت أمس (الخميس) استعداداتها لشنّ هجوم بري على قطاع غزة، يهدف إلى القضاء على حركة "حماس"، في حال اتخاذ المستوى السياسي القرار بهذا الشأن، وأضافت أن هناك مؤشرات إلى أن هذه الحركة تستعد لخوض صراع ممتد مع إسرائيل.
ودخلت إسرائيل أمس يومها السادس في حرب "السيوف الحديدية" مع حركة "حماس"، والتي اندلعت في إثر الهجوم المباغت الذي شنّته الحركة على مستوطنات "غلاف غزة" في ساعات الصباح الباكر من يوم السبت الماضي. وأدى هذا الهجوم، وفقاً لآخر حصيلة أمس، إلى مقتل أكثر من 1300 إسرائيلي، وإصابة أكثر من 3300 آخرين، وتم أسر ما يقدَّر بنحو 200 شخص ونقلهم إلى قطاع غزة، ولم يُعرف مصيرهم بعد.
وقال قائد الجبهة الداخلية الإسرائيلية اللواء رافي ميلو إن الوتيرة البطيئة نسبياً لإطلاق الصواريخ من قطاع غزة خلال يوم أمس، تشير إلى أن حركة "حماس" تستعد لمعركة طويلة. وأضاف: "يبدو أن ’حماس’ تدير إطلاقها للنيران بطريقة تتهيأ بواسطتها لأسابيع من القتال، إذ خفّضت معدل إطلاق النار إلى نحو 200-400 صاروخ يومياً، للسماح لنفسها بخوض معركة طويلة جداً، في حين أطلقت في الهجمات الأولية آلاف الصواريخ على إسرائيل في غضون ساعات قليلة."
وقال ميلو إن "حماس" تستهدف وسط إسرائيل مرة أو مرتين يومياً، لإبقاء العديد من الإسرائيليين تحت تهديد إطلاق الصواريخ.
في غضون ذلك، واصل الجيش الإسرائيلي أمس شنّ غاراته الجوية ضد قطاع غزة، مدّعياً أنه يستهدف آلاف المواقع التابعة لـ"حماس" وأعضائها في محاولة للقضاء على الحركة.
وكان وزير الدفاع يوآف غالانت تعهّد الليلة قبل الماضية بمحو "حماس" من على وجه الأرض. كما كرّر هذا التعهد قائد سلاح الجو الإسرائيلي اللواء تومر بار أمس.
وقال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي دانييل هجاري إن الغارات التي شنّها سلاح الجو أدت أيضاً إلى مقتل محمد أبو شمالة، وهو قائد كبير في القوات البحرية التابعة لـ"حماس" في جنوب قطاع غزة. كما أدت إلى مقتل مصطفى شاهين، وهو ناشط "حماس" الذي قام بتصوير وبثّ الهجوم الذي نفّذته الحركة على جنوب إسرائيل يوم السبت الماضي.
وأضاف هجاري: "سنصفّي الحسابات مع كل مَن شارك في فظائع الحرب. نحن نأخذ مقاطع فيديو من الإنترنت ونتعرف عليهم بمساعدة تقنيات التعرف على الوجه."
وأوضح هجاري أن الجيش قام حتى الآن بتبليغ عائلات 97 أسيراً تم التعرّف عليهم من بين مئات الأسرى الذين تحتجزهم "حماس" في قطاع غزة.
وردّ هجاري على تقرير نشرته قناة التلفزة الإسرائيلية 13، وأفاد بوجود بعض المؤشرات في الليلة التي سبقت شنّ "حماس" هجومها الدامي على جنوب إسرائيل. وبحسب التقرير، ناقش كبار الضباط الإشارات في وقت متأخر من ليلة الجمعة، واتفقوا على مواصلة المحادثة في الصباح. وقال هجاري إنه لم يكن هناك تحذيرات استخباراتية كبيرة، لكنه أكد وجود بعض المؤشرات، وقال: "لم يكن هناك مثل هذا التحذير. والمؤشرات التي ظهرت قبل ساعات لم تنطوِ على تحذير حقيقي،" وأشار إلى أن الجيش سيحقق في كل ما يحيط بالهجوم المباغت، بعد انتهاء الحرب.
من ناحية أُخرى، أُعلن أمس أن قوات الجيش الإسرائيلي تخوض اشتباكات متقطعة مع مسلحين فلسطينيين ما زالوا في "الأراضي الإسرائيلية"، في الوقت الذي تستمر عمليات التفتيش عن متسللين آخرين في المنطقة.
وقالت مصادر عسكرية رفيعة المستوى إن قوات الجيش قتلت مساء أول أمس (الأربعاء) اثنين من المسلحين بالقرب من مستوطنة "مفلاسيم"، وتم اعتقال فلسطينيين آخرين غير مسلحين بالقرب من مستوطنة "سديه تيمان". ووفقاً لهذه المصادر نفسها، لم يتمكن مسلحون من التسلل عبر السياج الحدودي في الأيام الأخيرة، حيث عملت قوات الهندسة القتالية على إغلاق الحاجز الأمني، وهاجم سلاح الجو الإسرائيلي المسلحين الذين اقتربوا من المنطقة.
هذا، وأعلنت وزارة الصحة في غزة مقتل نحو 1300 شخص في الغارات الإسرائيلية على غزة خلال الأيام الماضية.
وقالت الأمم المتحدة في بيان صادر عنها أمس، إن أكثر من 338.000 من سكان غزة نزحوا من منازلهم، وهو أكبر عدد من النازحين في القطاع منذ الهجوم الجوي والبري الذي شنّته إسرائيل سنة 2014، والذي أدى إلى نزوح نحو 400.000 شخص. وتلجأ الأغلبية العظمى منهم إلى المدارس التي تديرها وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين [الأونروا]. وقالت الأمم المتحدة إن الأضرار التي لحقت بثلاث منشآت للمياه والصرف الصحي أدت إلى قطع الخدمات عن 400.000 شخص على الأقل.
ونقل البيان عن وزارة الأشغال العامة والإسكان في غزة قولها إن القصف العنيف الذي تشنّه إسرائيل على القطاع تسبّب بتدمير ما لا يقلّ عن 2540 وحدة سكنية في القطاع، أو جعلها غير صالحة للسكن. وأضاف أن 22850 وحدة سكنية أُخرى أصيبت بأضرار متوسطة إلى طفيفة. كما أعرب البيان عن قلق المنظمة الدولية إزاء الدمار الكبير الذي لحِق بالبنى التحتية المدنية في القطاع جرّاء القصف الإسرائيلي. ولفت البيان إلى أن مرافق للصرف الصحي تخدم أكثر من مليون شخص تعرّضت لغارات جوية، وهو ما أدى إلى تراكُم المخلّفات الصلبة في الشوارع، مع ما ينطوي عليه ذلك من أخطار صحّية.