الفشل قبل الحرب
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

  • قبل وقت قصير من الهجوم المفاجئ لـ"حماس" صبيحة يوم السبت، انتبه رجال الاستخبارات إلى ارتفاع في وتيرة عمل الشبكات المسلحة لـ"مخرّبي حماس" الذين يتابعونهم. مصدران في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، اللذان كشفا ذلك أمام صحيفة "نيويورك تايمز"، قالا إن الاستخبارات انتبهت إلى شيء ما استثنائي يجري، ووجّها تحذيرات إلى المقاتلين على الحدود مع غزة. لكن هذا التحذير لم يؤدّ إلى أيّ عمل، إمّا لأن الجنود لم يستقبلوا الرسالة، وإمّا لأنهم لم يقرأوها.
  • بعد ذلك بوقت قصير، أرسلت "حماس" مسيّرات، وأوقفت عمل جزء من شبكة الاتصالات الخليوية وأبراج التنصت على الحدود، بهدف منع المراقبة عن بُعد، عبر الكاميرات. المسيّرات عطّلت أيضاً منظومة "يرى - يُطلق النار" التي تفعِّلها وحدات الرصد عن بُعد، بهدف إلحاق الضرر بـ"المخربين" الذين يقتربون من الحدود. وبحسب "حماس"، فإن عدد المسيّرات التي شاركت في الضربة الاستهلالية كان 35 مسيّرة، بينها المسيّرة الانتحارية "الزواري".
  • هذه هي الضربة الاستهلالية هي التي سمحت لمخربي "حماس" بتفجير الجدار وتوسيعه، باستعمال جرافات، وبسهولة مذهلة، هذه الإشارة هي التي سمحت لمئات "المخربين" الإضافيين بالدخول، عبر هذه الفتحات، إلى "الأراضي الإسرائيلية". في "المذبحة" التي نفّذها "المخربون" من "حماس"، قُتل أكثر من 1200 إسرائيلي، وأصيب أكثر من 3000 آخرين.
  • "حماس" فاجأت إسرائيل على صعيد الهجمة، وأيضاً على صعيد الطرق المختلفة التي استخدمتها من أجل عبور الجدار الصلب والدخول إلى إسرائيل. مسؤول كبير في أجهزة الأمن قال إنه كان لدى أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية مؤشرات معينة، تدل على أن هناك تفكيراً في عملية كبيرة لدى "حماس"، لكن هذه الإشارات كانت بعيدة كل البعد عن تشكيل صورة واضحة، ومن المؤكد أنها لم تكن قادرة على التحذير بشأن الزمان والمكان. ومن جهة أخرى، فإن سلوك "حماس" وقيادتها أقنع إسرائيل باتجاه عكسي - وأن "حماس" تعيش فترة معتدلة نسبياً.
  • الهجوم المفاجئ الذي قامت به "حماس" - وفي أغلبيته، كان ناجحاً بالنسبة إليها - كشف خللاً جدّياً في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية. فبحسب 4 مصادر كبيرة في أجهزة الأمن الإسرائيلية، إن التحليل الأولي دلّل على أن نجاح "حماس" في تنفيذ "مذبحة" كان نتيجة فشل في الاستخبارات والجيش في إسرائيل:
  1. ضباط الاستخبارات فشلوا في رصد شبكات الاتصالات المركزية التي استخدمها "المخربون" الفلسطينيون.
  2. إسرائيل استندت، أكثر من اللازم، على أدوات مراقبة وملاحقة ورصد، عطّلتها "حماس" بسهولة نسبياً، وهو ما جعل القوات على الحدود في حالة عمى، وخلق ضباباً استغله "المخربون" من أجل اقتحام القواعد والبلدات.
  3. منذ المرحلة الأولى للهجوم، اقتحمت "حماس" قاعدة كان يوجد فيها ضباط كبار، وبذلك أيضاً، منعت التواصل مع بقية القوات وطلب الدعم.
  4. في إسرائيل، صدّقوا عندما سمعوا المسؤولين في "حماس" يقولون في شبكات الاتصالات الداخلية، التي يعلمون بأن الإسرائيليين يتنصّتون عليها، أنهم لا ينوون خوض معركة.
  • المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي يوئيل غوجانسكي، قال: "صرفنا المليارات لجمع المعلومات الاستخباراتية عن ’حماس’. وفي لحظة، انهار كل شيء، كالدومينو."
  • الفشل الأول حدث قبل أشهر من بدء الحرب، عندما عرض المسؤولون الكبار في الجيش تقديرات خاطئة بشأن التهديد من غزة. رئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي، قال في مقابلة إذاعية قبل 6 أيام من الهجوم، إنه "منذ عملية ’حارس الأسوار’ في أيار/مايو قبل عامين، اتخذت قيادة ’حماس’ قراراً بضبط النفس بشكل غير مسبوق." وبثقة كبيرة، أقرّ بأنه "منذ أكثر من عامين، لم تطلق ’حماس’ قذيفة واحدة من غزة. إنها تكبح نفسها، وتعرف تداعيات استفزاز آخر. ’حماس’ مرتدعة جداً لـ15 عاماً على الأقل. إنها لا تتجه نحو التصعيد.
  • حتى أنه خلال الأسبوع الماضي، عندما جرى تبليغ رجال الاستخبارات بمعلومات بشأن التهديدات الملحة على إسرائيل، شددوا على الخطر من الشمال. التحدي من طرف "حماس" لم يُذكر. أحدهم قال إن "حماس مرتدعة"، بالضبط، كما قال هنغبي علناً.
  • وفعلاً، من خلال محادثات نشطاء "حماس" فيما بينهم - التي عرفوا جيداً- أن إسرائيل تتنصت عليهم، وخلقوا انطباعاً بأن الحركة تريد تجنّب نشوب حرب إضافية، بعد عامين على "حارس الأسوار". الآن، قال المصدران الإسرائيليان إن الاستخبارات تفحص ما إذا كانت هذه المحادثات حقيقية أو مزيفة.
  • مصدران قالا لـ"نيويورك تايمز" إن منظومة المراقبة استندت، تقريباً فقط، إلى الكاميرات وأجهزة الاستشعار عن بُعد ومنظومة "يرى - يُطلق النار" التي تُفعّل عن بُعد. المسؤولون الكبار في الجيش اعتقدوا أن الدمج ما بين منظومة المراقبة عن بُعد، وبين الجدار الصلب والحاجز تحت الأرض لمنع الأنفاق التي تمرّ تحت الجدار، سيحوّل اختراق الحدود إلى إسرائيل إلى غير ممكن تقريباً، ويقلل الحاجة إلى عدد كبير من الجنود الموجودين في القواعد.
  • بعد تركيب المنظومات، بدأ الجيش بتقليل حجم القوات على حدود غزة ونقلها إلى مناطق أُخرى، ولا سيما إلى الضفة الغربية. الجنرال في جيش الاحتياط يسرائيل زيف، الذي قال هذا الكلام للصحيفة الأميركية، أضاف: إن تقليل القوات كان منطقياً، بعد بناء الجدار والأجواء التي نشأت بعد ذلك، كان يبدو أنه لا يمكن اختراقه، ولن يستطيع أحد المرور منه. هذا ما قلل من مستوى التوتر لدى الضباط والجنود، ودفع إلى حالة من الاستهتار بالالتزام العملياتي. هذا في الوقت الذي تحوّل تركيز الجيش إلى مناطق أُخرى، ولم يكن لدى قيادة الجنوب أي سيناريو يطرح إمكانية حدوث عمل أمني كبير كالذي حدث."
  • إلا أنه توجد سلبيات للمنظومات التي يتم التحكم فيها عن بُعد - ويمكن تدميرها عن بُعد أيضاً. "حماس" استغلت نقاط الضعف هذه بإرسال عشرات المسيّرات لضرب أبراج الاتصالات التي نقلت الإِشارات من المنظومات وإليها. ومن دون إشارات خليوية، تصبح المنظومة غير صالحة. الجنود الموجودون في المواقع وغرف السيطرة لم يتلقوا أيّ إنذار بشأن الاختراق، ولم يستطيعوا رؤية أفراد "حماس" بالفيديو، وهم يدمرون الجدار بالجرافات. حتى أن الجدار ذاته، كما تبين، كان اختراقه أسهل مما هو مُتوقع.
  • أكثر من 1500 "مخرب" من غزة اخترقوا الجدار من أكثر من 30 نقطة على الحدود، بعضهم عبر الطائرات الشراعية التي مرّت من فوق السياج، ووصلوا في الضربة الاستهلالية إلى 4 قواعد على الأقل من دون أيّ اعتراض. يظهر في الصور التي تناقلها الضباط الإسرائيليون عدد كبير من المقاتلين الذين تعرضوا لإطلاق النار عليهم في غرف السكن داخل القواعد، بعضهم عندما كان نائماً. وبعدها هاجم "المخربون" قواعد أُخرى.
  • الفشل العملياتي الثاني كان في تركيز الضباط من لواء غزة في مكان واحد كبير، غير بعيد عن الحدود. عندما تم احتلال لواء غزة والهجوم على الجنود، الكثيرون من الضباط الكبار الذين خرجوا للدفاع عن جنودهم، قاتلوا "ببسالة"، وقُتلوا، أو أصيبوا. وبحسب مصدرين إسرائيليين، بعضهم تم أسره. كل هذا منع رداً منسقاً والتحول إلى الهجوم، وصعّب مهمة نقل خطورة الوضع إلى الضباط الكبار.
  • "كنتيجة لذلك، لم يشعر أحد بالحاجة الفورية إلى ضربة جوية كثيفة وتغطية جوية واسعة، حتى عندما انتشرت صور للهجوم على عدة بلدات على وسائل التواصل الاجتماعي،" هذا ما جاء في "نيويورك تايمز"، بحسب مصادر إسرائيلية. "احتاج سلاح الجو إلى ساعات للوصول إلى المنطقة، على الرغم من أن القواعد على بُعد دقائق طيران من هناك."