ثمن المفاجأة أكبر مما يُحتمل، لكن قواعد اللعبة في غزة تغيرت
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف
  • إسرائيل في حالة حرب. نحن لم نبادر إلى هذه الحرب، الضربة الافتتاحية نفّذها العدو، وثمن المفاجأة الاستراتيجية - صعب التحمّل. التحقيقات الأساسية والعميقة وغير المتهاونة مع سلسلة الفشل والالتزام بالرؤية التي تبين أنها خاطئة - ضرورية، ولكن، الآن ليس الوقت الملائم للبحث في ذلك. لدينا جيش واحد، جيش الشعب جيشنا جميعاً، ولا نستطيع من دونه.
  • أنا أعرف قدراته، وأنا بالأساس أعرف ضباطه وقياداته - تحويل التوجه يجري فعلاً على الأرض. أحد الامتحانات المهمة من أجل حصانتنا وقوة جيشنا هو في سرعة النهوض من أزمة خطِرة بشكل خاص. لا نملك الرفاهية الآن للانشغال بشيء لا يتعلق بالنصر في الحرب، وفي تفكيك "حماس". سيكون لدينا ما يكفي من الوقت لبقية القضايا بعد ذلك. يجب على قياداتنا الانشغال فقط الآن بالمبادرة، وبإلحاق الضرر، وبهدم بنى "حماس" واغتيال قيادتها ونشطاء الحركة.
  • الآن، الصورة العامة هي أننا في مرحلة تنظيم الجيش، بعد النهوض من الأزمة، والمفاجأة في الضربة الافتتاحية لـ"حماس". تجنيد الاحتياط الواسع لا يزال مستمراً وتجهيز القوات يجري فعلاً.
  • التوتر المركزي الذي يرافق التخطيط لاستمرار المعركة في غزة هو المعضلة بين التركيز على القطاع في الوقت الذي يأتي تهديد حزب الله من الشمال. أو بكلمات أُخرى، كيف يمكن تفعيل الضغط كله على القطاع من دون الدفع بحزب الله إلى فتح جبهة مقابل إسرائيل. حزب الله هو تهديد أكبر بكثير من تهديد "حماس"، وهذا التهديد لا يُختصر في اقتحام قوة "الرضوان" التي هدفها الأساسي احتلال بلدات في الشمال (ولو موقتاً). التهديد الأساسي من طرف حزب الله هو بكثافة النيران لديه، وتأثيرها في الجبهة الداخلية لإسرائيل. تجنيد الاحتياط الذي يشهد ذروته، وتقوية خطوط الدفاع في الشمال، يشكّلان رداً ممتازاً على قوة "الرضوان"، ولكن، ليس على كثافة النار لدى حزب الله (قذائف وصواريخ). لذلك، لا يجب التعامل مع تعزيز القوات الواسع على أنه فرصة لإزالة خطر حزب الله.
  • خلال الأيام الأخيرة، نشهد أحداثاً كثيرة على الحدود الشمالية - حزب الله منخرط في القتال، لكنه في هذه المرحلة يلتزم بما يُعتبر، في نظر نصرالله، أنه معادلات الرد الطبيعية الخاصة به. يسمح للفلسطينيين بالعمل من لبنان ضد إسرائيل (وهو ما حدث أيضاً خلال جولات القتال السابقة في غزة)، ويطلق النار بنفسه، بشكل رمزي، نحو مزارع شبعا (أبعد نقطة عن البلدات الإسرائيلية)، لكن الجزء الأخطر، هو أن نصر الله يلتزم بالمعادلة التي وُضعت سابقاً، وتنص على أن كل قتيل من حزب الله يستوجب الرد المشابه من التنظيم ضد إسرائيل ومحاولة تدفيعها ثمناً مشابهاً من جنود الجيش. هذا هو التفسير لإطلاق صاروخ مضاد للدروع: إطلاق النار هذا وصل، بعد أن أصاب الجيش وقتل عدة "مخربين" من حزب الله، قبل أيام معدودة، في إطار الرد على حادثة مشابهة.
  • هذا السلوك يتماشى مع الثقة بالنفس المبالَغ فيها لدى نصر الله، ونلاحظها خلال الآونة الأخيرة، وهنا بالذات تكمن المشكلة. ولنفترض أن الأحداث في الشمال سترافقنا طوال المعركة الطويلة في الجنوب، فإن احتمال سوء الفهم والتقدير يتصاعد بشكل جدّي: حدث محدود قاسٍ يُقتل خلاله جنود، أو مواطنون إسرائيليون، يمكن أن يصعّد الرد في لبنان، وهو ما يمكن أن يدفع حزب الله إلى ردّ آخر - ومن هنا، فإن الطريق إلى جبهة إضافية كاملة قصيرة. فالثقة المبالَغ فيها بالنفس لدى نصر الله تدفعني إلى التفكير في أنه يمكن أن يصعّد تدخُّله إلى مستوى بضعة أيام قتال في مواجهة إسرائيل، وفي تقديره، إن هذا لن يؤدي إلى حرب. الخطأ في التقدير هو ما يمكن أن يدفعنا في الأيام المقبلة إلى فتح جبهة ثانية.
  • لكن لا يجب علينا أن نتردد - حزب الله يحاول تركيز انتباه إسرائيل على الشمال، في حين أن أهداف الحرب المركزية في الجنوب. حزب الله عدو مرّ، وسنتعامل معه في يوم من الأيام، أما مَن قتلوا الأطفال في الغلاف، "الحيوانات البشرية" الذين ذبحوا الأطفال والعجزة - لا يتواجدون في الضاحية في لبنان، بل في غزة. التصعيد على الحدود الشمالية يمكن أن يؤدي إلى الاعتقاد الخاطئ أن حزب الله هو المشكلة الآن، ولذلك، يجب التعامل معه أولاً. المعنى هو تقسيم الجهد العسكري الإسرائيلي. يمكن ألّا يكون أمامنا خيار آخر، ونصعّد بشكل شامل في الشمال، إمّا عبر ديناميكية تصعيد، أو إذا قرّر حزب الله الدخول إليها (إن علّمتنا الأحداث في الجنوب شيئاً، فهو أنه يجب أن نتواضع في التقديرات). يجب التجهّز لذلك على الصعيدين النظري والعملاني. ومرة أُخرى، يجب تركيز المبادرة الهجومية في الجنوب.
  • وبالعودة إلى غزة - طريقة القتال وأهدافه هما السرّ الذي لا يجب كشفه للعدو. يمكن أن تتضمن المعركة مناورة، أو نيراناً، أو دمجاً فيما بينهما. في جميع الأحوال، فإن الحديث يدور عن قوة، وبوتيرة غير مسبوقة. طريقة العمل الدقيقة والضرر اللاحق والمفاجآت التكتيكية - هذه الأمور يجب تركها للقيادات المتخصصة فيها. ما يمكن قوله في هذه المرحلة: إن الجيش يعمل بطريقة مختلفة عن السابق بخصوص تفعيل النيران. كميات الأسلحة التي يتم إلقاؤها على غزة كبيرة جداً، وهناك جهود كبيرة يتم استعمالها في مساحة صغيرة.
  • الأيام والأسابيع المقبلة لن تكون سهلة - إلى جانب الأثمان الثقيلة التي ستدفعها غزة، للأسف، نحن أيضاً سنتكبد خسائر. لذلك، فإن توضيح الأمور للجبهة الداخلية مهم جداً، وبصورة خاصة إذا تطورت المعركة إلى معركة متعددة الجبهات.
  • هناك أيضاً أخبار جيدة: أولاً، كما ذُكر سابقاً، النهوض السريع للجيش الذي يعمل بقوة في غزة. هذا بالإضافة إلى أننا تلقينا أول أمس بشرى سارة إضافية، نتيجة للوضع الأمني، حكومة الطوارئ التي تم تأليفها وكابينيت الحرب هما حاجة استراتيجية - أمنية وليس شأناً سياسياً. وبالإضافة إلى حقيقة أنه من الجيد انضمام أشخاص لديهم عشرات الأعوام من الخبرة المتراكمة إلى دائرة اتخاذ القرار في هذه الحرب، هذه الخطوة ستعزز التكاتف الداخلي في إسرائيل، وشرعية العمل قبل اتخاذ القرارات الصعبة التي أمامنا، وهناك أيضاً رسالة للعدو الذي أخطأ التقدير بأن الانقسام الداخلي في إسرائيل يسمح بهذا التحدي.
  • حقيقة أنه يوجد الآن حكومة طوارئ تتضمن ممثلين لفئات المجتمع الإسرائيلي - علمانيون، متدينون، حريديم، وممثلو أحزاب أُخرى- لا تمرر فقط رسالة داخلية، بل رسالة إلى المحيط برمّته. ولذلك، يجب إضافة المعجزة العلنية، المسماة المجتمع الإسرائيلي: شبان وشابات يقاتلون من أجل الصعود إلى الطائرة الأولى العائدة إلى البلد من أجل القتال دفاعاً عن الوطن، الدعم الكامل ومظاهر الحب التي يتم غمر الجيش بها، وتجنُّد المجتمع المدني للحرب. هذه كلها مركّبات أساسية في أمننا القومي.
  • وهناك أيضاً أخبار إضافية إيجابية - الدعم غير المحدود لإسرائيل من رئيس الولايات المتحدة، يمكن القول إنه يؤجج المشاعر أيضاً. الخطاب الذي ألقاه سيذكره التاريخ كأحد الخطابات المهمة والأكثر دعماً لإسرائيل في التاريخ. جو بايدن الآن، يحقق مقولته المعروفة "يمكن أن تكون صهيونياً من دون أن تكون يهودياً". ولم يكتفِ الرئيس بالأقوال - بل أرسل حاملة طائرات إلى المنطقة، وجسراً جوياً، وسمح لإسرائيل باستنفاد الخطوة العسكرية، وهذه خطوات غاية في الأهمية. وقوف الولايات المتحدة غير المحدود إلى جانب إسرائيل يشدد مرة أُخرى على أهمية حفظ القيم المشتركة بين الدول، قيم كانت في أساس السياسة الأميركية.
  • إرسال حاملة الطائرات والتحذيرات الأميركية لحزب الله وإيران، هذا لا يعني أن الجنود الأميركيين سيكونون جزءاً من المعركة إذا توسعت إلى جبهات أُخرى. إسرائيل لم تكن يوماً مرتبطة بقوة خارجية لتقاتل في معاركها، إسرائيل قوية، ويجب التشديد على ذلك، المرة تلو الأُخرى. يجب نفي السردية القائلة إن الولايات المتحدة تتجند لإنقاذ إسرائيل لأنها لا تستطيع القيام بذلك بنفسها - هذا غير صحيح.
  • وكلمة أخيرة بخصوص الأسرى، الذين تقع علينا المسؤولية الأخلاقية بإعادتهم بكل الطرق الممكنة إلى بيوتهم. الأطفال، الشبان، الشابات، كبار السن، والجنود والجنديات. هناك قلق من أن تستخدم "حماس" الأسرى والمخطوفين كرهائن. في الأيام الأخيرة، تم التهديد بإعدام المخطوفين في حال قصف الجيش المنازل من دون تحذير. هذه المعضلة صعبة جداً، ولكن من الواضح أنه لن يتم منح "حماس" أيّ دفاع، بعد المذبحة التي نفّذتها. هنا أيضاً يجب تغيير النمط - قواعد اللعبة القديمة لم تعد قائمة.