قصفت حركة "حماس" مساء أمس (الجمعة) مدينة عسقلان [أشكلون]. وسُمع دويّ صفارات الإنذار بشكل متواصل في المدينة. وأعلنت الحركة أنها أطلقت أكثر من 150 صاروخاً في اتجاهها. واعترضت صواريخ منظومة "القبة الحديدية" العديد من الصواريخ ودمرتها، وتمكن أحد الصواريخ من إصابة منزل، بينما سقط صاروخ آخر في موقف سيارات في أحد الشوارع. ولم تقع إصابات بشرية، وطُلب من سكان المدينة البقاء في الملاجئ.
وأمر الجيش الإسرائيلي أمس سكان شمال قطاع غزة بإخلاء منازلهم، فيما اعتُبر إشارة إلى أنه يستعد لتكثيف هجماته على أهداف تابعة لحركة "حماس" في منطقة مدينة غزة، وربما القيام بغزو برّي، رداً على هجوم الحركة المباغت ضد المستوطنات في جنوب إسرائيل يوم السبت الماضي.
وجاء هذا الأمر العسكري مع بزوغ فجر اليوم السابع من الحرب بين إسرائيل وغزة، ومع قيام الجيش الإسرائيلي بشنّ هجوم جويّ واسع، وفرض حصار كامل على القطاع.
وأبدى البيت الأبيض دعماً للأمر الإسرائيلي بإخلاء شمال قطاع غزة، ووصف عملية الإخلاء بأنها مهمة صعبة، وأشار إلى أن الولايات المتحدة تدرك أن إسرائيل تحاول من خلاله تحذير السكان المدنيين في غزة.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيانه إنه يدعو إلى إجلاء جميع المدنيين في مدينة غزة عن منازلهم، حفاظاً على سلامتهم ومن أجل حمايتهم، ويدعوهم إلى الانتقال إلى المنطقة الواقعة جنوبي وادي غزة.
وجاء في البيان: "شنّت منظمة حماس ’الإرهابية’ حرباً ضد دولة إسرائيل، ومدينة غزة هي منطقة تجري فيها العمليات العسكرية. إن هذا الإخلاء هو من أجل سلامتكم. لن تتمكنوا من العودة إلى مدينة غزة إلا عندما يتم إصدار إعلان آخر يسمح بذلك. لا تقتربوا من منطقة السياج الأمني مع دولة إسرائيل."
وأضاف البيان: "إن ’إرهابيي حماس’ يختبئون في مدينة غزة داخل أنفاق تحت المنازل وداخل المباني الآهلة بالمدنيين الأبرياء في غزة. وإننا نحثكم على الابتعاد عن المسلحين الذين يستخدمونكم كدروع بشرية."
وردّاً على ذلك، طلبت "حماس" من السكان البقاء في منازلهم وعدم اتباع تعليمات الإخلاء الإسرائيلية التي وصفتها بأنها دعائية.
كما دعت منظمة الأمم المتحدة إلى سحب الأمر الإسرائيلي، معتبرةً أن إجلاء 1.1 مليون شخص سيكون مستحيلاً. وجاء في بيان صادر عن هذه المنظمة الدولية: "إن الأمم المتحدة ترى أنه من المستحيل أن يتم مثل هذه الحركة من دون عواقب إنسانية مدمرة. وبناءً على ذلك، تدعو الأمم المتحدة، بشدة، إلى إلغاء أيّ أمر من هذا القبيل، إذا تم تأكيده، لتجنُّب ما يمكن أن يتحول ما هو بالفعل مأساة إلى وضع كارثي."
وتعقيباً على ذلك، قال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي دانييل هغاري إن الجيش يدرك أن عملية الإخلاء قد تستغرق عدة أيام، وشدد على أن إسرائيل تستهدف "حماس"، ولا تريد إيذاء المدنيين الفلسطينيين. وأضاف أن الأمر يهدف إلى تمكين إسرائيل من حرية العمل وتعميق الضرر ضد "حماس"، وشدّد على أن هذه الأخيرة مسؤولة عن أيّ ضرر يلحق بالمدنيين الذين لا يتم إجلاؤهم.
ووصف سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة غلعاد إردان بيان الأمم المتحدة بأنه وصمة عار.
وقال إردان في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام: "لسنوات، ظلت الأمم المتحدة تغض الطرف عن تسليح ’حماس’ واستخدام مدنييها لإخفاء أدواتها القاتلة. والآن، بدلاً من الوقوف مع إسرائيل، بعد المجزرة التي ارتكبتها ’حماس’، يتجرؤون على وعظنا عندما تحاول إسرائيل تقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين. في الوقت الحالي، الأمر الوحيد الذي ينبغي على الأمم المتحدة التركيز عليه هو إعادة الرهائن إلى إسرائيل. هذه هي الأزمة الإنسانية الأكثر إلحاحاً."
من ناحية أُخرى، قالت منظمة الصحة العالمية إن النظام الصحي في قطاع غزة على حافة الانهيار، في ظل القصف الجوي الإسرائيلي المستمر.
وأضافت منظمة الصحة العالمية في بيان صادر عنها أمس: "إن الوقت ينفد لمنع وقوع كارثة إنسانية في قطاع غزة، إذا لم يتم تسليم الوقود والإمدادات الصحية والإنسانية المنقذة للحياة بشكل عاجل إلى القطاع، وسط الحصار الكامل. إن المستشفيات تعمل بساعات قليلة من الكهرباء في اليوم، وتم تقنين الإمدادات التي من المحتم أن تنفد، ومع استمرار ارتفاع الإصابات والوفيات بسبب الغارات الجوية المستمرة على قطاع غزة، فإن النقص الحاد في الإمدادات الطبية يؤدي إلى تفاقُم الأزمة، وهو ما يحدّ من قدرة المستشفيات، المستنزَفة بالفعل، على الاستجابة لعلاج المرضى والجرحى."
وأشار البيان إلى أن منظمة الصحة العالمية وثّقت 34 هجوماً على نظام الرعاية الصحية في غزة منذ يوم السبت الماضي، وهو ما أسفر عن مقتل 11 عاملاً صحياً في أثناء الخدمة، وإصابة 16 آخرين، وإلحاق أضرار بـ19 منشأة صحية و20 سيارة إسعاف. ودعت المنظمة إلى إنهاء القتال وإنشاء ممر إنساني على الفور.
وذكرت مصادر فلسطينية أنه مع قيام إسرائيل بإغلاق قطاع غزة، في إثر هجوم "حماس"، فإن السبيل الوحيد إلى الدخول إليه أو الخروج منه هو عبر المعبر مع مصر في رفح. وعلى الرغم من أن معبر رفح غير مغلق رسمياً، فإن الغارات الجوية تحول دون تشغيله إلى حد كبير. وأضافت هذه المصادر نفسها أن مصر تبذل جهوداً من أجل إقناع إسرائيل والولايات المتحدة بالسماح بإيصال المساعدات والوقود، عبر معبر رفح، لكنها ترفض استقبال لاجئين.