الانفجار في المستشفى الغزّي: جرس إنذار آخر بشأن أهمية الحرب على الوعي
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي

معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛  وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.

  • يمكن اعتبار الانفجار الذي وقع في المستشفى المعمداني الأهلي في قطاع غزة، حدثاً آخر يُظهر مدى تمسُّك وسائل الإعلام العالمية والنخب المثقفة في العالم الغربي بثوابتها (طبعاً، لا نتحدث عن الجميع هنا، لكن المؤكد أن الكثيرين من هؤلاء، هم كذلك). إن ذلك الميل إلى تصديق أيّ أخبار فلسطينية عموماً، والأخبار الصادرة عن "حماس" خصوصاً، باسم التعاطف مع الضعيف، والتعامل مع هذه الأخبار بصفتها كلمات الله على الأرض، يؤشر إلى فقدان الضمير الأخلاقي، والجبن، وعدم الشجاعة الفكرية، وهو يؤشر، في الأساس، إلى الكراهية المتوقدة، واللّاسامية في أجلى صورها، تجاه إسرائيل واليهود.
  • وحتى لو نجح الناطق باسم الجيش الإسرائيلي في استخدام الآيات والعجائب، بعد دقائق من وقوع الحدث، لإثبات ما حدث فعلاً، فإنه لم يكن ليتمكن من وقف تدفُّق التقارير، ومظاهر الصدمة، والشجب في وسائل الإعلام العالمية، حتى تلك الرائدة منها. وحتى بعد أن جرى، ومن دون أيّ شائبة، إثبات أن المستشفى أصيب نتيجة صاروخ فاشل أطلقته حركة الجهاد الإسلامي من إحدى المقابر القريبة من المستشفى، لكن على الرغم من ذلك، فإننا لم نسمع أصواتاً تدين حركة الجهاد الإسلامي، أو "حماس". ولم يتم توجيه انتقادات حادة إليهم لاستخدامهم المرافق المدنية، أو اتخاذهم المدنيين دروعاً بشرية. بل إن كون مستشفى الشفاء، وهو المستشفى الأكبر في قطاع غزة، هو غرفة قيادة عمليات متقدمة تابعة لـ "حماس"، فوق الأرض وتحتها، لا يزعج وسائل الإعلام العالمية بأيّ شكل.
  • الدرس المستفاد منه هنا، هو أن على دولة إسرائيل، إلى جانب التزام الجيش الإسرائيلي بقوانين الحرب، وإلى جانب الجهود الفائقة التي يبذلها هذا الجيش لتجنُّب إيذاء المدنيين الأبرياء، أن تردّ على الحرب بالحرب في الساحة الدولية، وفي وجه وسائل الإعلام العالمية. يجب أن نفضح نفاق وسائل الإعلام هذه، وتحيُّزها، وخطورتها على سلامة العالم الحر. لن يكون الأمر سهلاً بالمطلق، كما أن الإنجازات لن تكون فورية بالضرورة، لكن علينا ألّا نألو جهداً، وألا نعود إلى جدول أعمالنا اليومي، ونتجاهل هذا السلوك الشديد الإشكالية، وعديم الأخلاق تماماً. الحادث الأخير ليس سوى ناقوس خطر يدق في مسامع ساسة الدولة وقيادة الجيش بشأن ماهية ومغازي الحرب على الوعي. لقد علمتنا التجربة مدى أهمية الحرب على الوعي: فالحرب الأوكرانية هي حرب على وعي بوتائر هائلة، وهي تدور بالتوازي مع الحرب المادية. فما الذي يجب أن يحدث أيضاً لكي نثوب إلى رشدنا ونتعلم أن علينا تجنيد أفضل مواردنا ومواهبنا في هذه الحرب المهمة، وكم من المهم أن نبادر إلى القيام بذلك في أقرب وقت ممكن.
 

المزيد ضمن العدد