أنهى الرئيس الأميركي جو بايدن مساء أمس (الأربعاء) زيارة خاطفة إلى إسرائيل استمرت عدة ساعات، في وقت وُصف بأنه غير عادي، إذ تعيش الدولة أوضاعاً غير مسبوقة من التوتر، في ظل حرب في الجنوب مع قطاع غزة قد يطول أمدها، ووسط تواتر عمليات تبادُل لإطلاق النار في الشمال، وخصوصاً مع حزب الله في لبنان، قد تتطور إلى اندلاع حرب.
وقبيل مغادرته إسرائيل، ألقى بايدن خطاباً طغى عليه موضوع واحد بارز، هو الهجوم الدموي المباغت الذي نفّذته حركة "حماس" ضد مستوطنات "غلاف غزة" يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر الحالي، لكنه ضمّن خطابه أيضاً رؤية للخروج من الأزمة، وسط تأكيد جارف على وقوف الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل.
وقال بايدن: "إن 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 الذي كان يوماً مقدّساً عند اليهود [آخر أيام "عيد العُرش"] أصبح الأكثر دمويةً للشعب اليهودي منذ المحرقة النازية، وكان العالم يتفرج، حينها، ولم يتكلم. لكننا لن نقف مكتوفي الأيدي مرة أُخرى، لا اليوم، ولا غداً، ولن نقف كذلك أبداً. ولأولئك المعذبين جرّاء عدم معرفة مصير أحبائهم [أهالي الأسرى الذين احتجزتهم حركة "حماس" وفصائل فلسطينية أُخرى في قطاع غزة] أقول: أنتم لستم وحدكم. نحن نبذل كل ما في وسعنا من أجل إعادة الرهائن إلى بلدهم. وكرئيس للولايات المتحدة، لا أولوية لديّ فوق هذه الأولوية."
وأضاف بايدن: "أنا أول رئيس أميركي يزور إسرائيل في أثناء الحرب. جئت إلى هنا لأفكر إلى أين نحن ذاهبون، وما هي الأهداف الاستراتيجية، وما الذي نريد تحقيقه. ومن المهم أن نتذكر أن ’حماس’ لا تمثل الشعب الفلسطيني، بل هي تستخدمه كدرع بشري. ويعاني الشعب الفلسطيني بشدة في ظل حكم ’حماس’، ولديه أيضاً مئات القتلى. والولايات المتحدة تدين، من دون شك، قتل جميع المدنيين."
وأكد بايدن أن إسرائيل معجزة، وتمثل انتصاراً للرؤية والتضحية، وشدّد على أن الولايات المتحدة لن تترك إسرائيل قط، وأشار إلى أنه فور عودته إلى واشنطن، سيطلب تحويل مساعدات غير مسبوقة إلى إسرائيل، كما سيتم تحويل 100 مليون دولار إلى غزة والسلطة الفلسطينية.
وخلال زيارته الخاطفة هذه، شارك بايدن في الاجتماع الذي عقده المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر لشؤون الحرب ["كابينيت الحرب"] الذي يضم كلاً من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت، ووزير الدفاع السابق بني غانتس، كما يضم وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، والرئيس السابق لهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي غادي أيزنكوت كمراقبيْن.
وقال مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى إن بايدن أكد خلال اجتماعه مع "كابينيت الحرب" أنه يدرك أن الحرب في غزة ستكون طويلة الأمد، وقد تستغرق وقتاً.
وأضاف هذا المسؤول أن كلاً من غانتس وغالانت شدّد خلال الاجتماع على أن عملية تفكيك حركة "حماس" وتغيير الواقع في قطاع غزة ستكون طويلة.
وقال غانتس إن الأمر قد يستغرق أعواماً، بينما شدد غالانت على أن الحرب على غزة ستكون طويلة وصعبة، وأن إسرائيل ستحتاج إلى الدعم السياسي الأميركي والمساعدات العسكرية والأمنية لفترة طويلة من الزمن.
من جانبه، شدّد بايدن كذلك على ضرورة الاستجابة للحاجات الإنسانية في غزة من أجل الحفاظ على الدعم الدولي الذي تحظى به إسرائيل حالياً، لفترة طويلة، كما شدد على ضرورة الالتفات إلى اليوم التالي للحرب.
وقال بايدن للمسؤولين في "كابينيت الحرب" الإسرائيلي: "ابدأوا بالتفكير فيما سيحدث في اليوم التالي للحرب. لديكم كل الشرعية والوقت للقتال، ولكن، لا تنسوا التفكير فيما سيحدث في اليوم التالي؟"
كما أعرب بايدن عن قلقه بشأن إمكانية تفجُّر الأوضاع في الجبهة الشمالية، وقدم تعهدات بالعمل على الصعيد الدبلوماسي، بهدف إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لدى الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، وخصوصاً المدنيين.