في الوقت الذي يؤجَّل الدخول البري، تتوسع المعركة الإقليمية - ليس فقط في الشمال
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • في الوقت الذي لا تزال إسرائيل تتجهز، وتتخبط بشأن الدخول المتوقع للجيش إلى قطاع غزة، فإن الساحة الإقليمية مليئة بالأحداث. الولايات المتحدة نشرت قوات عسكرية معززة في الشرق الأوسط، وهي الأكبر منذ إقامة الائتلاف لمحاربة تنظيم "داعش" في سنة 2014. وفي الوقت نفسه، تقوم إيران بتفعيل الميليشيات، بهدف إلحاق الضرر بأهداف إسرائيلية وأميركية، في الوقت الذي لا يزال حزب الله يصعّد على الحدود الشمالية.
  • الحدث الأكثر دراماتيكيةً في الدائرة البعيدة عن إسرائيل، كان يوم 19 تشرين الأول/أكتوبر، عندما أطلق الحوثيون من اليمن 19 طائرة مسيّرة وصاروخاً موجهاً إلى الشمال، في اتجاه إسرائيل. إيران تزود الحوثيين بكثير من السلاح منذ أكثر من 10 أعوام، والذي استُخدم لتنفيذ هجمات ضد السعودية والإمارات، بتوجيه منها. هدف الضربة الحالية يمكن أن يكون منطقة إيلات التي تضاعف عدد سكانها خلال الأسبوع الماضي، بعد أن استقبلت من تم إجلاؤهم عن "غلاف غزة" وبلدات الحدود الشمالية.
  • اعترضت القصف الحوثي، بنجاح، مدمرة أميركية مزودة بمنظومات إدارة القتال "إيجيس"، وتتضمن رادارات وصواريخ اعتراض. هذه المدمرة تابعة لمجموعة حاملة الطائرات جيرالد فورد، التي أرسلها الأميركيون إلى منطقة قبرص لردع إيران وحزب الله عن ضرب إسرائيل. قبل الهجوم بيوم واحد، توجهت المدمرة جنوباً إلى البحر الأحمر، وبذلك يمكن أن يكون الأميركيون قدّروا، أو عرفوا مسبقاً أن هناك شيئاً يحدث.
  • إسرائيل والولايات المتحدة تقومان منذ عدة أعوام بإجراء تدريبات تحت عنوان "جينيفر كوبرا"، إذ يتم التدرب على التعاون لاعتراض الصواريخ. هذه المرة، يبدو أنه تم بناء منظومة مشتركة أكبر من تلك التي نُشرت بالقرب من إسرائيل في حربَي العراق 1991 و2003. في الأعوام الأخيرة، جهّزت إدارة بايدن لبناء ما يسمى بنية دفاع جوي إقليمية، تشترك فيها الرادارات وصواريخ الاعتراض من دول مختلفة. الآن، وبأسرع مما كان مخططاً له، نشهد الامتحان العملي الأول لها.
  • وفي المقابل، يستمر تدفُّق القوات الأميركية التابعة للولايات المتحدة إلى المنطقة. حاملة الطائرات الثانية، آيزنهاور، ومجموعتها الهجومية ستصل إلى المنطقة، كما يبدو، في نهاية الأسبوع المقبل (يبدو أن هدفها هو الخليج). الأميركيون نشروا أيضاً أسراب طائرات مقاتلة في الأردن، في وقت يستمر الدفع بطائرات نقل وأسلحة وأدوات أُخرى إلى المنطقة. البنتاغون يبرر هذه الخطوات بالخطر المتصاعد على الاستقرار الإقليمي. وهذا كله يضاف إلى الجسر الجوي الذي يزود إسرائيل بالأسلحة وقطع الغيار، وفي إطاره، وصلت إلى هنا حتى الأمس 62 طائرة نقل أميركية وإسرائيلية. وفي المؤسسة الأمنية، يقولون إن هذه الحملة هي الثانية في تاريخ الدولة، من حيث الحجم، بعد تلك المشهورة خلال حرب "يوم الغفران".
  • وفي الوقت نفسه، لا يبدو أن الإيرانيين اتخذوا خطوات تراجُع. خلال الأيام الماضية، تلقّت القواعد العسكرية الأميركية في العراق وسورية ضربات من مسيّرات الميليشيات التي تفعّلها إيران. وفي تقدير أجهزة الاستخبارات الأوروبية أنه على الرغم من التهديد المباشر الذي وجّهه الرئيس جو بايدن، فإن طهران تريد فحص الجدية الأميركية بدعمها لإسرائيل. سفارة الولايات المتحدة في العراق قررت أول أمس إخلاء المكان من الموظفين غير الضروريين. وبالأمس، هددت حكومة الحوثيين في اليمن بضرب سفن إسرائيلية تمر في البحر الأحمر.
  • هذه التحولات الإقليمية تجري في الخلفية، في الوقت الذي يطلق حزب الله في كل يوم صواريخ ضد المدرعات وقذائف في اتجاه قوات الجيش المنتشرة على الحدود (البلدات نفسها فارغة، في أغلبيتها، بقرار من الجيش). يبدو أن الجيش حسّن خلال الأيام الماضية من قدرته على تشخيص الخلايا والتعامل معها. خلال الأسابيع الماضية، قُتل عشرات "المخربين" من حزب الله و"حماس"، معظمهم خلال الأيام الماضية.
  • إلاّ إن كل نجاح عملياتي لطرف من الأطراف، يجرّ بعده الطرف الثاني للبحث عن ردّ ملائم. الشعور في إسرائيل هو بأن سيناريو سوء الفهم قد يتحول إلى أمر خطير، وخصوصاً مع التحضير للدخول البري الذي سيقوم به الجيش إلى القطاع. رئيس الولايات المتحدة جو بايدن ووزير خارجيته قالا في الأمس إنهما لا يعارضان دخول إسرائيل إلى القطاع، لكنهما أضافا أن بايدن مرّر لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو رسالة، مفادها أن على إسرائيل التصرف بحسب قوانين الحرب، وأن تقلص إلحاق الضرر بالمدنيين. الأميركيون يريدون القيام بمحاولة إضافية خلال الأيام المقبلة لتحرير المزيد من المخطوفين الموجودين لدى "حماس" في صفقة، بوساطة قطرية.
  • وفي الوقت نفسه، بدأ المقربون من نتنياهو بإعادة تكرار الرسالة التي تقول بأنه يتعين عدم التسرع في الدخول إلى غزة، وأخذ خطر الاشتعال في الشمال والمنطقة برمتها بعين الاعتبار. الرجل الأكثر جديةً هناك هو مستشار الأمن القومي السابق، يعقوب عميدرور، الذي قال أمس لـ"كان الإخبارية" إنه "لا ضرر في الانتظار للدخول البري. كل يوم يمر هو لصالحنا وضد "حماس" ومع مرور الوقت سيكون هناك حاجة أقل إلى سلاح الجو في غزة، ويمكن تمريره إلى الشمال." بعد ذلك بساعات، بدأ مشجعو نتنياهو بالتغريد على موقع "X" أنه يجب الانتظار والقصف من الجو، من أجل تحرير المقاتلين من القيود التي فرضتها عليهم المنظومة القضائية، قبل دخولهم.
  • هذه التفسيرات لا تتعارض في هذه اللحظة مع رسائل الجيش بصورة مباشرة. الجيش يعمل على إنهاء التحضيرات للخطوة البرية، لكنه يستطيع استغلال بضعة أيام إضافية لتحسينها، إذا منحوه إياها. لكن هناك ضغوط خارجية أُخرى على المنظومة السياسية والعسكرية: توقعات الجمهور الإسرائيلي لضربة كبيرة ضد "حماس"، على الرغم من التخوف من الخسائر؛ حقيقة أن 350 ألف مقاتل احتياط مجند منذ أسبوعين والضرر الذي يلحق بالاقتصاد، ومن ضمنه إيقاف منظومة التعليم؛ والتخوف من أن الشرعية الدولية التي تحصل عليها إسرائيل بسبب المذبحة في "غلاف غزة"، ستتراجع مع وصول مزيد من المشاهد الصعبة نتيجة القصف الإسرائيلي على قطاع غزة.