يجب إعادة المخطوفين بأيّ ثمن
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- صورتان ترويان قصة تحرير المخطوفين في غزة. الأولى، نُشرت عشية إطلاق سراح نتالي ويهوديت رعنان، ويظهر فيها غال هيرش ممسكاً بأيديهما، وهو يبتسم. ومن دون الدخول في موضوعات شخصية، من الواضح أن الصورة تبعث بالرسالة التالية إلى الشعب الإسرائيلي: نحن، أي دولة إسرائيل، حررناهما. لكن الحقيقة المعروفة مختلفة، وهي ظهرت في الصور التي نشرتها "هآرتس"، والتي تظهر فيها المخطوفتان المحررتان تتحدثان مع الرئيس الأميركي جو بايدن، وهما تبتسمان، وتعبّران عن امتنانهما بتأثر. هما ونحن، نعلم أنه لولا بايدن، لكانتا لا تزالان بين براثن الخاطفين في غزة.
- تنطوي هذه الصور على خطر على هوية الدولة الإسرائيلية. فإذا تبين في نهاية الأمر، أن المخطوفين الوحيدين الذين سيُطلق سراحهم هم الذين يحملون هويات أجنبية، فإن هذا يعني بصورة قاطعة للمواطنين الإسرائيليين أنه ليس لديكم دولة. وبعد الصدمة جرّاء فشل الجيش في الدفاع عن المدنيين في مواجهة "المخربين" في غزة، ستأتي صدمة أكبر بكثير، أي تخلّي الدولة عن مواطنيها، واستعدادها لأن يُقتلوا في مقابل استمرار جولة سفك الدماء والحرب العقيمة في غزة. وإذا كان الهدف قيام إسرائيل بالدفاع عن اليهود، فإن الحكومة الإسرائيلية تقول لمواطنيها اليوم: عودوا إلى بولندا والمغرب وأميركا. ربما يعتنون بكم أكثر هناك.
- لهذا السبب، يتعين على المواطنين الإسرائيليين الوقوف كلهم، ودعم عائلات المخطوفين في مطالبتهم الحازمة ببذل كل ما يمكن – وقف إطلاق النار، مساعدة إنسانية، وإطلاق سراح أسرى أمنيين - من أجل العودة الفورية للمدنيين المخطوفين كلهم، نساءً وكباراً وأطفالاً وشيوخاً. لقد اختار أول ممثل لعائلات المخطوفين نصب خيمة الاحتجاج أمام مدخل الكرياه في شارع كابلان في تل أبيب. هذا المكان إشكالي لأنه يذكّر بالاحتجاج ضد الانقلاب الدستوري، وسيحين وقت هذا الاحتجاج، وأيضاً المطالبة باستبدال رئيس الحكومة، إذا لم يفعل الشيء المطلوب ويستقيل. لكن الآن، ليس هذا هو الموضوع. إن الرسالة الوحيدة التي يجب أن تخرج من هذه الخيمة هي إعادة المخطوفين. وهذا هو الواجب الأعلى للحكومة الإسرائيلية في هذه اللحظة. ويجب إعادتهم بأيّ ثمن. ما من أمور أهم من ذلك، ولا حتى إسقاط "حماس". هذا الأمر يمكن معالجته لاحقاً.
- في نهاية يوم السبت، كان يوجد في خيمة أهالي المخطوفين في شارع كابلان بضع مئات من الناس. وكانت هذه التظاهرة أكبر من التظاهرات التي جرت في الأيام السابقة، لكنها ليست كبيرة بما فيه الكفاية. يتعين على مئات الآلاف من المواطنين المطالبة بإطلاق المخطوفين فوراً، وعدم الخضوع لمناورات رئيس الحكومة وآخرين، والتي تحاول تفريق عائلات المخطوفين، بين داعمة لنتنياهو وبين معارِضة له، وبين اليسار واليمين. وعلينا أن نتوحد صفاً واحداً مع عائلات المخطوفين والمطالبة بتحريرهم فوراً، وعدم غزو غزة قبل عودتهم كلهم.
- في أيلول/سبتمبر 2014، تحصّن إرهابيون من الشيشان في مدرسة في مدينة ببسلان واحتجزوا رهائن كانوا، في أغلبيتهم، من الأطفال. نهج القوة الذي استخدمه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في معالجة الأزمة أدى إلى مقتل 334 رهينة، بينهم 186 طفلاً. إذا كان الرهائن الذين وقعوا في أسر "حماس" سيواجهون المصير نفسه، فسندرك جميعنا أن واقع حياتنا هو روسيا البوتينية. ويتعين علينا الوقوف في وجه ذلك بكل ما أوتينا من قوة.