هكذا يجب أن يكون اليوم التالي لحملة "السيوف الحديدية"
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • تحدث الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، مؤخراً، بصراحة، عن الأدلة التي تملكها إسرائيل، والتي تثبت مسؤولية إيران المباشرة عن الهجوم الوحشي الذي نفّذته حركة "حماس"، وتشمل تلك المسؤولية التدريب والتسليح والتوجيه لتنفيذ جريمة ضد إسرائيل والإنسانية، في عيد نزول التوراة. لقد اندرجت تلك الهجمة في إطار التطلعات الإيرانية إلى التحول إلى قوة نووية، والهيمنة على الشرق الأوسط، ومستقبلاً، إبادة إسرائيل أيضاً.
  • في المرحلة الأولى، تحاول إيران جرّ إسرائيل إلى حرب متعددة الساحات ومتعددة المراحل، بأسلوب ذكي. ولهذا الغرض، يبدو أن خامنئي مستعد للتضحية بحركة "حماس" وغزة، ربما في المستقبل أيضاً، التضحية بأهم ما يملك، أي حزب الله.
  • إننا سنضطر في المستقبل، حتى بعد القضاء على "حماس"، وتحقيق النصر الساحق في حرب غزة الأولى، وصوغ حلّ معقول لليوم التالي للحرب، (ربما أيضاً خلال الحرب الجارية)، إلى العثور على حل لمشكلة حزب الله والمشكلة الإيرانية. لقد بدأ العالم يفهم، وإن ببطء، أن المشكلة الإيرانية ليست مشكلة إسرائيل وحدها.
  • ادّعيت في الماضي أن علينا التصرف في أي حرب كبرى، وفقاً للقاعدة التالية: "يجب التخطيط قبل المباشرة في العمل"، بمعنى أن علينا التفكير فيمن سيكون مسؤولاً عن سكان غزة في اليوم الذي يتلو الحرب. لكن، وبعد تكشُّف "الفظائع الرهيبة"، فإنني أغيّر موقفي موقتاً.
  • إن "اليوم التالي للحرب" في غزة، أي اليوم الذي يتلو إنهاء الحرب بانتصار تام وتحقيق جميع الأهداف التي وضعها المجلس الوزاري المصغر، هو أمر شديد الأهمية، لكن يحظر أن يكون هذا هو الذي يقود الاستراتيجيا القتالية، أو أن يكون عائقاً في وجه استكمال المهمة، وهي: إنهاء وجود "حماس" بصورة تامة في غزة، وإبادة جميع قدراتها العسكرية والإدارية والتنظيمية، وقتل زعمائها وكل مَن شارك في تخطيط وتنفيذ الهجوم على مواطني إسرائيل. وطبعاً، إعادة جميع المخطوفين والجثامين إلى "إسرائيل" من دون منح "القتَلة" في "حماس" أي إنجازات في موضوع المخطوفين. إن النصر المحقق ضروري أيضاً ليهود العالم، فحين تكون إسرائيل ضعيفة، تتصاعد اللاسامية وملاحقة اليهود، ويهود العالم يراقبون حربنا ويصلّون لانتصارنا التام، من أجل مصلحتهم هم أيضاً.
  • لكن، كيف يمكن أن يبدو الحل المعقول في غزة بعد انقشاع غبار الحرب؟ في رأيي، يذكّرنا هجوم "حماس" بمفاجأة "بيرل هاربر" (وأيضاً بمفاجأة 11 أيلول/سبتمبر، وفظائع النازيين)، لكن الجميع ينسى أن "بيرل هاربر" انطوت على مفاجأتين، عملياً. تتمثل الأولى في مفاجأة الأميركيين ومقتل الآلاف من جنودهم، والثانية التي ننساها، تتمثل في مفاجأة اليابانيين من هول الرد الأميركي.
  • بعد عامين، وقف الأميركيون خلالهما جانباً، دخلوا بكل قوتهم إلى الحرب العالمية، التي بدأت نهايتها تلوح، من خلال الانتصار الساحق على اليابانيين وتركيعهم، وقد شمل ذلك استخدام سلاح يوم القيامة. إن مسؤولية إسرائيل، والتزامها أيضاً، بعد المفاجأة التي نفّذتها "حماس"، تتمثل في تغيير قواعد اللعبة من أساسها، وأن تصعق "حماس" بهول الردّ الإسرائيلي الشامل، وطبعاً، إذلالها وتركيعها بصورة نهائية.
  • بكل تأكيد، ستتغير العقيدة الأمنية الإسرائيلية، جذرياً، ابتداءً من أحداث "السبت الأسود"، في 7 تشرين الأول/أكتوبر، في مواجهة التنظيمات "الإرهابية". لن يكون كافياً المزيد من "الردع"، أو "التحذير"، أو "الدفاع"، أو "الحسم". ينبغي لنا القول، بكل صراحة، إن الانسحاب من غزة كان خطأ. ولن يوجد مَن نتحاور معه من غزة بعد الحرب، وفي الوقت ذاته، علينا أن نتذكر أن إسرائيل غير معنية بالسيطرة مجدداً على الحياة اليومية لملايين المدنيين الغزيين، بعد انتهاء الحرب.
  • ليس لدى إسرائيل مطامح في التوصل إلى تسوية في غزة، أو عقد معاهدات سلام. ستكون إسرائيل "قوية"، ويجب أن تكون غزة، إمّا في حالة مشابهة لمناطق ب في الضفة الغربية، أو أقل شأناً منها حتى. وعلى الرغم من استخدامي مصطلحات من اتفاقية أوسلو، فإنني طبعاً، لا ألمّح هنا، بأي شكل، إلى ارتكاب خطأ فظيع مشابه لأوسلو. ليس مهماً مَن هي الجهة التي ستكون مسؤولة عن إدارة غزة، إسرائيل ستكون هي التي تحدد الواقع، والمسؤولية الأمنية، على مدار السنوات المقبلة.
  • يتعين علينا أيضاً، عدم العودة إلى استخدام مصطلحات، مثل "جولات قتالية"، تسوية، تهدئة، وسطاء، احتواء، تمايُز، تعزيز/إضعاف "حماس"/أو السلطة، وقف إطلاق النار، عوائق أمنية، وحزام أمني. إن قطاع غزة بأسره، مع التركيز على مدينة غزة، يجب أن يكون منزوع السلاح تماماً، من دون أنفاق، أو أسلحة، أو قدرات على إنتاج السلاح والصواريخ. وكل ما يدخل إلى غزة يجب أن يخضع للرقابة بصورة تامة من إسرائيل، وأن تملك قوات الأمن الإسرائيلية القدرة على الدخول إلى قطاع غزة في أي وقت، وإلى أي نقطة، من أجل التأكد من القضاء على أي تهديد محتمل في طور التشكل ضد إسرائيل.
  • إلى أن نتوصل إلى حل مستقر، على أساس هذه المبادئ، من المحتمل أننا سنضطر إلى خوض "معركة متواصلة"، في مواجهة فلول الأعداء الذين قد يظلّون في غزة، أو يتسللون إليها، لكن المعركة ستكون بشروطنا نحن: أي من دون أن نبقى قلقين دائماً من "تدهور الأوضاع الأمنية"، أو الامتناع من تنفيذ الاغتيالات، نتيجة خوفنا هذا، كما كانت عليه الحال قبل هجمة السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
  • في أعقاب تغيير العقيدة الأمنية، على الأقل في مجالَي الردع والإنذار، في مواجهة التنظيمات "الإرهابية"، يجب أن تتغير الطريقة التي تعمل وفقها القيادة الإسرائيلية، من الأساس. كما يجب أن تكون إدارة الأمور من الناحية الإسرائيلية مستمدة من الواقع الذي نرغب في أن تعيشه إسرائيل، لا بناءً على التقديرات الاستخباراتية المتعلقة بردات فعل أعدائنا، على الرغم من أهمية هذه التقديرات. لا يجب أن يتم افتتاح جلسات اجتماع المجلس الوزاري المصغر مجدداً بالإحاطات المتعلقة بالتقديرات الاستخباراتية الطويلة المدى من شعبة الاستخبارات العسكرية والموساد، بل من خلال عرض توجيهات المستوى السياسي. إن دور المستوى الأمني- المهني، يجب أن ينحصر في عرض كيفية تطبيق توجيهات المستويات السياسية.
  • من الواضح أن جزءاً من هذه الخطة يبدو خيالياً. إن الطريق المؤدية نحو تحقيق مثل هذا التحول لن تكون مفروشة بالورود، لكن، وبعد أن مرت إسرائيل بما مرت به قبل أكثر من أسبوعين، وبعد أن تجتاز الحرب التي على الأبواب، وحتى تحقيق النصر الساحق، لا خيار آخر لدينا. إن كانت إسرائيل تريد الحياة، وتسعى لازدهار الاستيطان في هذه الأرض المباركة، التي تعيش هذه الأيام في ظل الدمار والصدمة، فإن نهجنا تجاه غزة يجب أن يتغير من أساسه.
  • هذه العقيدة ستعيد إلى إسرائيل قدرتها على الردع في مواجهة حلقة النار التي رسمتها إيران حولنا، بموازاة الحل المأمول في الشمال، وفي مواجهة إيران. من المهم أن نعيد إلى الشعب ثقته بالجيش الإسرائيلي وضباطه، وهي ثقة تزعزعت كثيراً. لا خيار آخر أمامنا، كما أنه ليس لدينا سوى هذه الدولة.
 

المزيد ضمن العدد