في كل ساحة جبهتان: الأعمال القتالية التي ينفذها الجيش الإسرائيلي على ثلاثة محاور، وما تنطوي عليه كلٌّ منها
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- الساحة الرئيسية: وهي الساحة الفلسطينية. صحيح أن الحرب تدور في قطاع غزة، لكن هناك ساحة ثانوية في الضفة الغربية، تشمل نشاطات يومية وليلية تنفذها قوات الأمن الإسرائيلية. منذ بداية الحرب، سقط أكثر من 130 "مخرباً" هناك. تقوم قيادة المنطقة الوسطى في الجيش بعمل ممتاز، فالمصلحة الإسرائيلية تتمثل في الحؤول دون تصعيد إضافي على جبهة الضفة الغربية من أجل عدم الإضرار بالجهد الحربي الأساسي الذي نبذله ضد حركة "حماس" في قطاع غزة. ولذا، تُعتبر مسائل حفظ القانون والنظام، وحلّ مسألة الأموال الخاصة بالسلطة الفلسطينية مسائل مهمة.
- أما فيما يتعلق بقطاع غزة، فإن التحرك البري مستمر، ويتقدم بصورة جيدة. لقد تم كسر خط الدفاع الأول لحركة "حماس". ما زلنا بعيدين عن هزيمة الحركة، وللأسف، فإن القادم سيكون أصعب من الأيام الأخيرة التي فقدنا فيها عدداً من خيرة أبناء هذا البلد. لكننا، إلى جانب حزننا العميق، وبالنظر إلى حجم القوات العاملة الآن في قطاع غزة، فما من شك في أن حركة "حماس" لا تملك شيئاً قد يوقف الآن هذه المناورة التي ينفذها الجيش، أو ينجح في إيقافها في المستقبل.
- الساحة الشمالية: وهي تنقسم إلى الجبهة الرئيسية في لبنان، والجبهة الثانوية في سورية. في لبنان، لا يزال نصر الله يراوح مكانه في المنطقة الوسطى الواقعة تحت خط الحرب، وفوق خط الاحتكاك. سيواصل نصر الله، على ما يبدو، في الأيام المقبلة، محاولاته تعويض الفارق في الخسائر في الأرواح بينه وبين الجيش الإسرائيلي. وفي هذه اللعبة الدموية الفظيعة، المتسقة مع المعادلة الشهيرة التي أطلقها نصر الله، بلغت خسائر الرجل أكثر من 50 قتيلاً بفضل ممارسات وتكتيكات الجيش في "إغلاق الحلقات" [الرد المباشر على مصادر إطلاق النار، باللغة العسكرية الإسرائيلية]، والنار الممتازة التي يطلقها كلٌّ من قيادة الجبهة الشمالية وسلاح الجو. أما النتيجة في طرفنا، فهي 6 قتلى...
- ساحة الحلقة الثانية، الأبعد: وهي تنقسم إلى جبهتين: عراقية ويمنية. في العراق، تطلق الميليشيات الشيعية النار ضد الأميركيين بصورة أساسية، لأنهم حلفاؤنا، في حين يطلق الحوثيون في اليمن صواريخهم في اتجاه إسرائيل وإيلات بالذات. إن ما يجري على الساحة اليمنية ينطوي على فرصة بالنسبة إلى إسرائيل: فعدو الإماراتيين والسعوديين هو نفسه عدو إسرائيل. وهذا جزء من النظام الجديد الذي يمكننا خلقه هنا بعد انتهاء الحرب، ذات يوم بعيد.
- بالعودة إلى الساحة الرئيسية التي علينا مواصلة التركيز عليها، ألا وهي الحرب ضد حركة "حماس" في قطاع غزة. يجب علينا الانتباه إلى التوتر المتصاعد بين مجالين زمنيَين. الأول يتمثل في "الساعة الرملية" العملياتية، والآخر يتمثل في "الساعة الرملية" الدبلوماسية/الإنسانية. يؤثر هذا التوتر أيضاً، وبصورة مباشرة، في الشرعية الدولية التي تحظى بها إسرائيل، كما يؤثر، على وجه الخصوص، في موقف الولايات المتحدة. من الناحية العملياتية، لم يكن ولن يكون هناك خطوة واحدة نتخذها تضمن انتهاء الحرب بأكملها في لحظة. فمن المتوقع، بعد انتهاء المناورة البرية، أن يأتي دور مراحل إضافية، ولن نفصّلها لأسباب مفهومة. هذه المعركة طويلة الأمد، ويجب الإشارة إلى أنها ستنطوي على كثير من اللحظات الصعبة والخسائر المريرة. والمشكلة هي أن ساعة التوقيت الخاصة بالمعركة فيها وقت طويل، مقارنةً بساعة التوقيت السياسية الأقصر. علينا جَسر هذه الفجوة المتمثلة في الفارق بين التوقيتين، من أجل إفساح المجال أمام الجيش الإسرائيلي لاستكمال سحق حركة "حماس". والطريقة الوحيدة (وغير الشعبية مطلقاً) للقيام بذلك، تتمثل في التعامل مع مسألة الإغاثة الإنسانية. علينا أن نمنع، بقدر الإمكان، قرارات تصدر عن مجلس الأمن، وعدم القدرة الأميركية على الصمود في وجه الضغوط الداخلية. هناك مصاعب جمة في هذا الجانب، لكن علينا تحمُّلها لكي نتمكن من تركيع حركة "حماس".
- كلمة أخيرة بشأن القوات البرية، والسلاح المحبب إلى قلبي بصورة خاصة، سلاح المدرعات. لقد قيل الكثير عن مسألة كفاءة القوات البرية لاجتياح القطاع، وإن كان يُنصح باستخدامها. ما نراه الآن على الأرض هو عمل ريادي شجاع ومهني يقوم به المقاتلون الرائعون في القوات البرية وسلاح المدرعات، الذين يتمكنون من الوصول إلى أي هدف يتلقون أمراً بالوصول إليه، بشجاعة وإصرار منقطعَي النظير، ويثبتون قدرة الجيش الإسرائيلي بصورة تختلف عمّا اعتدناه، في جميع الجولات القتالية بين الحروب. لا تزال أمامنا أيام صعبة جداً، لكننا تلقينا إجابات شافية عن الأسئلة المهمة.