? How Can We Not
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • هل هناك فارق بين أولادهم وأولادنا؟ هل صور الأطفال القتلى في جباليا تصدمنا أقل من صور الأطفال في بئيري؟ وهل صور الأطفال القتلى في جباليا يجب أن تصدمنا أصلاً؟ وهل من المشروع  أن تزعزع هذه الصور كياننا؟ أولادنا هم أغلى ما في الوجود، أولاد الإسرائيليين  الذين قُتلوا تدمي  قلب كل إسرائيلي، أكثر من أي ولد آخر. هذا أمر إنساني ومفهوم. لكن من الصعب ألّا يكون هناك مجال للتعبير عن صدمتنا إزاء القتل الجماعي للأولاد في غزة، فقط لأن أولادنا قُتلوا هم أيضاً. يجب أن يكون القتل في غزة مؤلماً، وخصوصاً إذا تذكرنا مَن يكون هؤلاء الأولاد، ومَن الذي سبّب لهم هذه الكارثة (الجواب: إسرائيل و"حماس")؛ وكيف كانت حياتهم، وكيف كان موتهم ؟ (الجواب: أولاد فقر وعوز وحصار ولجوء، من دون حاضر ولا مستقبل، وكل ذلك  بسبب إسرائيل).
  • صديقة جيدة وشخصية يسارية، كتبت في نهاية الأسبوع: "في الحرب، لا أستطيع التعاطف مع الطرفين بالطريقة نفسها، ربما في أوكرانيا، لكن ليس هنا. يصف جدعون ليفي طفلاً مصاباً بحروق، أنا أرى الطفل الذي قتلوه في نير عوز." الطفل في نير عوز قتله "الأنذال في حماس بوحشية" من الصعب وصفها.  الأطفال في جباليا، قتلهم الجيش الإسرائيلي بدم بارد، ومن دون نيات سيئة مقصودة، لكن بأعداد مخيفة. لكن أن نرى فقط طفل نير عوز، ولا نرى أطفال جباليا، هذا تشوّه أخلاقي، وخاصةً عندما يصل عدد الأطفال القتلى في غزة إلى ذروة لم نذكر مثيلاً لها من ذي قبل، 3900 قتيل حتى يوم أمس، وفقاً لوزارة الصحة التابعة لـ"حماس".
  • لقد كانت نهاية الأسبوع مضرجة بالدماء في غزة، والفيديوهات التي وصلت من هناك كانت من أكثر المشاهد المخيفة التي رأيناها في هذه الحرب. جثامين مشوهه لثمانية أطفال متعانقين في كيسَين من النايلون الأبيض، كل أربعة منهم في كيس واحد، يغلَق عليهم بـ"السوستة" إلى الأبد، ويُساقون إلى المقبرة الجماعية. هؤلاء أطفال غزيون. هناك مَن قتلهم. صحيح أنها الحرب، لكن، يجب وضع حدود في هذه الحرب.
  • في مقاطع من فيديو آخر، ظهرت أنقاض هائلة وصراخ وعشرات الجثث الموزعة، بينها جثث لعدد كبير من الأطفال. المناطق القريبة من المستشفيات في غزة تُقصف من دون توقف، وفي الأمس، جاء دور مستشفى الأطفال "الناصر" الذي يأوي أطفالاً مرضى بالسرطان، حيث قُتل خمسة أشخاص.  ليس صعباً تخيُّل الرعب الذي شعر به الأطفال المرضى في المستشفى. هذه المستشفى طُلب إخلاؤها، لكن لا يوجد مكان يمكن أن يذهبوا إليه. فحتى سيارات الإسعاف التي كانت في طريقها إلى معبر رفح، قصفها سلاح الجو الإسرائيلي، بحجة أنها كانت تنقل "مخربين". طريق الساحل الذي يحاول النازحون الهرب عبره نحو الجنوب، بأوامر من إسرائيل، كان مزورعاً بالجثث، بينهم جثث كثيرة لأطفال. كل قصف على غزة يقتل أطفالاً.
  • كل هذا، ليس من شأنه أن يصدم أي إسرائيلي، لأن إسرائيل في حالة حداد على موتاها. ليس فقط يجب ألا نُصدم، بل إن التعبير عن صدمتنا ممنوع. وكلُّ مَن يفعل ذلك يُعتقل، وخصوصاً إذا كان مواطناً عربياً. التعبير عن صدمتنا إزاء القتل في غزة ممنوع، وحتى إزاء قتل الأطفال الأبرياء والطيبين، ومن دون أي جدل؛ الاحتجاج على قتلهم خيانة. هم أطفال غزة، وبالنسبة إلى إسرائيل، هم ليسوا أطفالاً، وليسوا بشراً، تماماً مثل أهاليهم، الذين قتلوا أولادنا بوحشية.
  • "How We Can Not"، سأل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عندما نظر إلى صور الأطفال الغزيين القتلى الذين أُخرجوا من تحت الأنقاض. لقد تحدث بلينكن عن صدمته لدى رؤية أطفال إسرائيليين قُتلوا، بعدها، تحدث عن الأطفال الذين يُقتلون في غزة، متسائلاً : "عندما أنظر إلى عيونهم، أرى أولادي، كيف نستطيع ألّا نرى ذلك؟"
  • عندما ننظر نحن إلى عيون أطفال غزة القتلى، لا نرى أطفالنا. وثمة شك في أننا نراهم أطفالاً.

How Can We Not?