خلافات داخل الجيش: التقدم بسرعة أو الانتظار لمعالجة الأنفاق؟
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

  • مدة شهر ليست مدة طويلة في حياة الأمة، لكن الأسابيع الأربعة الماضية التي مرت منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، كانت طويلة جداً بالنسبة إلينا. من الصعب أن نتذكر كيف كنا قبل السابع من أكتوبر، كما من الصعب أن نتخيل كيف سنكون بعد انتهاء هذا كله، ولا متى ينتهي. في هذه النقطة، يجب أن نفهم كيف تبدو الأمور في نظر قادة المعارك على الأرض. في الحديث معهم، يريدون إرسال رسالة واضحة وقاطعة، تتألف من 3 كلمات: هذه فقط البداية.
  • في رأي هؤلاء القادة، الجيش لا "يطلب" وقتاً، بل هو مُلزم به لأن هذه ليست "جولة"، بل هي حرب، هدفها إزالة التهديد الذي نما خلال 3 عقود، وأصبح  أقوى كثيراً مما اعتقدنا. وما دام هذا التهديد يحتفظ بقدراته العسكرية والحكومية، لا يمكن أن نعيش حياة طبيعية بالقرب منه.
  • تقول مصادر عسكرية رفيعة المستوى إن وقف الحرب قبل إزالة  هذا التهديد، سيؤدي إلى تدهور كبير خلال وقت قصير جداً... وبصورة مفاجئة، يدّعون في الجيش أن الأميركيين يتبنّون هذا الموقف.  وعلى الرغم من التقارير التي تحدثت عن رغبة البيت الأبيض في زيادة المساعدات الإنسانية وإعلان هدنة إنسانية موقتة، فإن مسؤولاً كبيراً في إدارة المعركة يدّعي بحدّة: "يقول لنا الأميركيون، بوضوح، إنهم يتوقعون اختفاء ’حماس’ من الوجود في نهاية الحرب. لذا، لا يمكن الموافقة على وقف إطلاق نار إنساني يكبح العملية الهجومية، ويعرّض قواتنا للخطر."
  • الاتفاق في داخل الجيش على أهمية عامل الوقت لا يعني أن هناك توافقاً في الآراء داخل القيادة. وتتوزع الآراء بين وجهتَي نظر: من جهة، هناك الجناح الذي يضغط  من أجل التقدم بسرعة إلى الأمام، بما يتلاءم مع المخططات الموضوعة في غرفة عمليات القتال. في المقابل، يدّعي قادة في الميدان أن هناك حاجة إلى العمل بصورة مختلفة، ويقولون: "تحت الأرض يغلي، ومن الخطر التقدم من دون معالجة الأنفاق. قلتم لنا إنه يجب تدمير "حماس"، لكنها موجودة هناك، ويجب معالجة هذا وعدم تجاوُزه. وإذا لم نقم بتدميرها، وجذرياً، فإن الصراع سيستمر ويتواصل. لذلك، يجب القضاء على مَن هم تحت الأرض، ثم التقدم إلى سطحها، لا توجد أنصاف حروب."
  • في هذه الأثناء، الفرق التي تشارك في المعركة تضيّق الحصار على مدينة غزة من كل النواحي. التفوق النسبي للجيش الإسرائيلي هو من خلال السيطرة الجوية، كذلك الأسلوب الهجومي المركزي لـ"حماس"، الخروج من الأنفاق وإطلاق الصواريخ المضادة للمدرعات، ثم العودة إلى تحت الأرض، يكبدها ضربات قاسية: القتلى من "حماس"، في معظمهم، يُقتلون بنيران سلاح الجو، وليس في المعارك، وجهاً لوجه. على هذا الصعيد، الجيش يحقق نجاحات، لكنه يتكبد أيضاً خسائر، وفي الأمس، سُمح بنشر خبر مقتل 4 جنود، ثلاثة منهم مقاتلون من فرقة غفعاتي التي تقود القتال.
  • يبحثون في الجيش عن نقطة تكسر "حماس"، التي لا تزال تقاتل وتُلحق الأذى بقواتنا. لهذا، تتحرك القوات ببطء، وبحذر، الأمر الذي يتعارض مع توقعات الجمهور (والأميركيين) بشأن إنهاء الحرب بسرعة والعودة إلى الحياة الطبيعية للأسباب المعروفة: الساعة السياسية ليست هي التي تدق فقط، بل أيضاً الساعة الاقتصادية، وبينما مئات آلاف المجندين في الاحتياط، فإن الاقتصاد يعمل بوتيرة متدنية منذ 30 يوماً.
  • الصحيح حتى الآن، أن غزة ستبقى محور الاهتمام، حتى بعد خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في يوم الجمعة... ومع ذلك، لا تزال المعادلة على الحدود مع لبنان قائمة، مع بعض التوسيعات، فالجيش الإسرائيلي يهاجم أبعد قليلاً من خط الخمسة كيلومترات من الحدود، ويبدأ بتقشير قدرات حزب الله على خط التماس. صحيح أن هذا لا يكفي لإعادة سكان المستوطنات في اليوم التالي، لكن بالتأكيد هذا هو التوجه الذي يجب أن ينتهجه الجيش إلى جانب الدفاع القوي.
  • من المهم التطرق إلى بعض ردات الفعل المثيرة للاستغراب في إسرائيل على خطاب نصر الله. بحسب جزء من المحللين وجِهات في مكتب رئيس الحكومة وحتى الناطق الرسمي من جهاز الدعاية، إن الخطاب هو بمثابة تراجُع من نصر الله. في المقابل، يتعامل الجيش مع الخطاب بطريقة أكثر حذراً. قائد المنطقة الشمالية أوري غوردين أمر بعدم خفض حالة التأهب، وفي سلاح الجو، يحرصون على  المحافظة على درجة عالية من اليقظة. وليس هناك مَن يجرؤ على التلفظ بعبارة: "نصر الله مرتدع"...
  • لقد جاء كلام نصر الله مطابقاً لتقديرات الاستخبارات في إسرائيل بأن "حماس" لم تخبر إيران وحزب الله بهجومها. ولهذا السبب تحديداً، يجب الإصغاء إلى التهديد الذي أطلقه عندما قال: "كل الاحتمالات مطروحة". الأمر الأكيد الذي يتعين علينا  ألّا نفعله، هو الانتقال خلال أقل من ساعة من الصورة المأساوية لسلاح الجو الذي يوجد في حالة تأهّب، استعداداً لخوض حرب شاملة، يمكن أن تضع سكان الدولة كلهم في الملاجىء لأسابيع، إلى التباهي  والغطرسة، كأننا لم نتعلم شيئاً من أفظع شهر في تاريخ إسرائيل.