انتفاضة حردلية في الجيش
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • موجة دينية - قومية تجتاح سلاح البر الموجود في غزة. نصوص دينية تتضمن دعوات إلى الانتقام والقتل، ووعود بتجديد المستوطنات في "غوش قطيف"، وصلوات جماعية، برعاية الحاخامات المدنيين، وغيرها.
  • الحديث لا يدور حول نشاطات عفوية في مناطق التجمع، أو مبادرات للحاخامات العسكريين، بل إن هذا يحدث بمشاركة ضباط كبار. هناك تفسيرات مقبولة: هذا هو الانعكاس العسكري للتطرف السياسي العام، وبصورة خاصة، بعد المذبحة في "غلاف غزة"؛ ومسار التديُّن الذي أدى إلى دخول القيم الدينية إلى الجيش؛ وبروز الضباط والجنود من التيار "الحريدي"، وغير ذلك. لكن هذه التفسيرات غير كافية.
  • هذا السلوك الذي يتم نشره على نطاق واسع (ومن دون القول إنه من دون مسؤولية أيضاً)، هو حجر أساسي في الصراع من أجل السيطرة الرمزية - الأيديولوجية، التي تجري منذ نحو 20 عاماً، على ثقافة الجيش وقيَمه ورموزه. تحدّي الترتيبات العسكرية القائمة يتم من خلال مجموعتين: الحردلية التي تسعى، منذ الانسحاب من غزة، لتغيير طبيعة الجيش المكبوحة والعلمانية؛ ومقاتلو "القبة الزرقاء" - هم، أساساً، من أصول شرقية وطبقة وسطى، وما دونها، إذ يحاولون الانتفاض في أعقاب فضيحة إليؤور آزريا، وفي اعتقادهم أن الجيش ترك الجنود يواجهون مصيرهم.
  • تأليف الحكومة الحالية شكّل نقطة مهمة في تعزيز قوة هذه المجموعات التي تتماشى مع ازدياد القوة السياسية - "الصهيونية الدينية" و"عوتسما يهوديت". بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، قادا خطوات عززت مطالب هذه الفئات الاجتماعية، والتعبير الأفضل عن ذلك، هو ضعف الرقابة على جيش المهمات الشرطية في الضفة. الانقلاب الدستوري خلق ظروفاً ساهمت في مأسسة هذه التغييرات التي تُضعف الضوابط على تفعيل القوة العسكرية. وهي أيضاً تفضل مَن برز ولاءه للجيش على ذلك الذي تركه - بما معناه الطبقة الوسطى العلمانية، التي يتم التعامل معها على أنها قادت دعم خطوات عدم الامتثال/وقف التطوع.
  • مع اندلاع الحرب، حدث تحوُّل غير متوقع في هذه المسارات. أبطاله هم تلك الطبقة المتوسطة التي اتُّهمت بالتنازل عن الجيش. فعلى سبيل المثال، منها جاء الطيارون الذين يقصفون غزة ويزوّدون القوات والمواطنين بالمعلومات الاستخباراتية، وبدلوا الدولة جزئياً في مجال التزويد بالخدمات. انظروا إلى الرمزية - "أخوة السلاح" باتوا المركز، وصورة المقاتل الأبرز لديهم النساء، كحسم للنقاش في مشاركة النساء في المعركة، بعكس ما يريده الحردليون. وأيضاً، الصورة الجماهيرية لتقديس الذين سقطوا في الحرب، هي صورة هؤلاء الذين تم التعامل معهم على أنهم سيتركون الجيش، على خلفية الاحتجاجات على الانقلاب الدستوري، على الرغم من أن أغلبيتهم من الوحدات الخاصة، وهذا قبل الحديث عن "صفوف الجاهزية" في كيبوتسات "غلاف غزة".
  • في ظل هذه الظروف، يعمل التيار الحريدي المنظّم على إبراز وجوده من جديد في الجيش. فإلى جانب التمرد على الأوامر في الضفة - اللهجة والنصوص الدينية هي استفزاز وخروج عن الثقافة والقيم العسكرية التي لا يزال فيها بقايا من الإدارة العقلانية، والالتزام بقرارات المستوى السياسي واحترام القانون. يقولون، نحن نعمل في أطر مختلفة: القيود ماتت، وماتت معها أيضاً صفة "الأبرياء". وفي مركز الصورة، هناك جيش ينتصر، وغير منضبط؛ لا نخجل من العنف، ومن مطالب الانتقام، إنما ننشرها بفخر. الرسالة المقلقة هي أنه: بغطاء هيئة الأركان التي تمتنع من ضبط هذه الظاهرة، يتحول الآن "عرس الكراهية" إلى وضع عام، وليس إلى حالة استثنائية هامشية.