خلال زيارته لإسرائيل، بلينكن وجّه عدة تحذيرات أميركية تتعلق باستمرار الحرب في غزة وسيرها وعنف المستوطنين في الضفة
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

قال مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى إن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بلّغ "كابينيت الحرب" الإسرائيلي أنه من غير المرجح أن يكون أمام إسرائيل عدة أشهر للاستمرار في شنّ الحرب ضد حركة "حماس" في قطاع غزة، وذلك في ضوء تصاعُد الضغوط المحلية والدولية على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من أجل وضع حدّ لهذه الحرب.

ووفقاً لهذا المسؤول نفسه، كان هذا واحداً من عدة تحذيرات وجّهها بلينكن خلال اشتراكه في الاجتماع الذي عقده "كابينيت الحرب" يوم الخميس الماضي، وكذلك في اجتماعات منفصلة مع كبار المسؤولين الإسرائيليين. وتضمنت أيضاً تحذير إسرائيل مما وصفه بـ"السماح بالقدر نفسه من الموت والترحيل للسكان في جنوب قطاع غزة"، لدى انتقال القتال من شمال القطاع إلى جنوبه.

وأضاف المسؤول أن الوزراء الإسرائيليين رفضوا بعض المخاوف التي أعرب عنها بلينكن بشأن كيفية استمرار إسرائيل في العملية العسكرية، وقالوا إن الجيش الإسرائيلي يتبّع قوانين الحرب، ويتخذ خطوات من أجل تجنُّب وقوع إصابات في صفوف السكان المدنيين.

وقال المسؤول الإسرائيلي إن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أشار، في أثناء الاجتماع، إلى أن الجمهور الإسرائيلي العريض موحّد وراء هدف تفكيك حركة "حماس"، حتى لو استغرق الأمر شهوراً، فردّ عليه بلينكن بقوله إنه غير متأكد مما إذا كانت إسرائيل ستحصل على الدعم الدولي لمواصلة القتال لفترة طويلة بالشدة نفسها التي شاهدها العالم قبل دخول الهدنة إلى حيّز التنفيذ قبل أسبوع.

وذكرت قناة التلفزة الإسرائيلية 12 أن الجدول الزمني الذي أوضحه وزير الخارجية الأميركي منح إسرائيل أسابيع، تكون قادرة فيها على مواصلة القتال بالوتيرة الحالية.

وعقد بلينكن مؤتمراً صحافياً مساء الخميس الماضي، لخّص فيه زيارته واجتماعاته في إسرائيل.

وقال بلينكن إنه بلّغ قادة إسرائيل أنه سيتعيّن عليهم تغيير طريقة قتالهم في غزة، وأضاف: "لقد شدّدت على أنه بالنسبة إلى الولايات المتحدة، من الضروري ألا تتكرر الخسائر الفادحة في أرواح السكان المدنيين، وألا يتكرّر النزوح في جنوب القطاع بالحجم الذي رأيناه في شماله. كما أوضحت لهم أنه يجب على  إسرائيل، قبل أن تستأنف عملياتها العسكرية الكبيرة، أن تضع خططاً إنسانية لحماية السكان المدنيين، تقلل من وقوع مزيد من الضحايا في صفوف الفلسطينيين الأبرياء. وهذا يعني اتخاذ خطوات أكثر فعالية لحماية أرواح المدنيين، بما في ذلك تحديد مناطق وأماكن في جنوب ووسط غزة بشكل واضح ودقيق، حيث يمكن أن يكونوا آمنين وبعيدين عن خط النار. كذلك، يجب على إسرائيل تجنُّب حدوث مزيد من النزوح الجماعي للفلسطينيين، وتجنُّب استهداف البنية التحتية الحيوية، مثل محطات توليد الطاقة في المستشفيات ومحطات معالجة المياه والسماح بالعودة النهائية للفلسطينيين النازحين إلى شمال غزة".

وأقرّ بلينكن بأن التغييرات التي تطلب الولايات المتحدة من الجيش الإسرائيلي اتخاذها في قتاله صعبة بسبب استخدام "حماس" المدنيين دروعاً بشرية، لكنه أكد أن إسرائيل ملزمة بتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين، وأن إسرائيل تمتلك أحد أكثر الجيوش تطوراً في العالم، وبالتالي فهي قادرة على العمل ضمن قوانين الحرب. كما أكد أن هناك حاجة أيضاً إلى تسريع كبير في إيصال المساعدات الإنسانية.

تجدر الإشارة إلى أن كل هذه النقاط تم طرحها من جانب مسؤولين أميركيين رفضوا الكشف عن هوياتهم في الأسابيع الأخيرة، ويبدو أن هذه هي المرة الأولى التي يتم ذكرها بشكل رسمي.

من ناحية أُخرى، وردَ أن بلينكن طالب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، خلال الاجتماع مع "كابينيت الحرب"، باقتراح بدائل من حُكم السلطة الفلسطينية، بدلاً من مجرد رفض ما يعتقد كثيرون في المجتمع الدولي أنه الخيار الواقعي الوحيد لقطاع غزة ما بعد الحرب. وردّ الأخير على ذلك، قائلاً: "طالما أنا جالس على هذا الكرسي، فإن السلطة الفلسطينية التي تدعم الإرهاب وتعلّمه وتموّله، لن تحكم غزة في اليوم الذي يلي ’حماس’".

يُذكر أن هذه الزيارة إلى إسرائيل هي الرابعة التي يقوم بها بلينكن منذ يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، عندما اندلعت الحرب في أعقاب هجوم "حماس" على مستوطنات "غلاف غزة" في جنوب إسرائيل، والذي أدى إلى مقتل 1200 إسرائيلي واحتجاز نحو 240 أسيراً ورهينة. وبالإضافة إلى المشاركة في اجتماع "كابينيت الحرب"، عقد بلينكن اجتماعات منفصلة مع رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو، ورئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ، ووزير الدفاع يوآف غالانت، والوزير في "كابينيت الحرب" بني غانتس، وزعيم المعارضة عضو الكنيست يائير لبيد.

وجاءت الاجتماعات في اليوم الأخير من الهدنة التي تم تمديدها مرتين لمدة أسبوع، والتي دعمتها الولايات المتحدة، للسماح بالإفراج عن المخطوفين الإسرائيليين، وبوصول المساعدات الإنسانية إلى مزيد من أجزاء القطاع المحاصر.

وخلال الاجتماع مع نتنياهو، أثار بلينكن مرة أُخرى ضرورة اتخاذ إسرائيل خطوات فورية لمحاسبة المستوطنين المتطرفين على أعمال العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.

وقال بلينكن، خلال مؤتمره الصحافي، إنه أثار مخاوف واشنطن العميقة بشأن تصاعُد عنف المستوطنين المتطرفين، بالإضافة إلى مقترحات من عدة وزراء متشددين لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية. ودعا إلى اتخاذ خطوات لتحسين حياة الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية بطرق فورية وملموسة، مضيفا أنه ينبغي تزويدهم بمسار حقيقي نحو إقامة الدولة.

البيان الصادر عن ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية بشأن الاجتماع بين نتنياهو وبلينكن، لم يُشر إلى عنف المستوطنين، أو إلى حل الدولتين.

هذا، وقام بلينكن كذلك بزيارة لرام الله، عقد خلالها اجتماعاً مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.

وقال بلينكن لعباس إن الولايات المتحدة ستواصل الإصرار على المساءلة الكاملة للمسؤولين عن العنف ضد الفلسطينيين، والذي زاد بشكل كبير منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل و"حماس".

وأشارت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا" إلى أن عباس شدّد على ضرورة التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة، وتجنيب المدنيين القصف، وزيادة تدفّق المساعدات الإنسانية إلى القطاع. وأضافت أن عباس سلّم بلينكن ملفاً شاملاً يوثّق ما تقوم به إسرائيل في غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس.

وغادر بلينكن إسرائيل أمس (الجمعة)، متوجهاً إلى الإمارات العربية المتحدة، حيث من المتوقع أن يناقش الوضع في قطاع غزة مع القادة العرب المجتمعين في دبي ضمن مؤتمر تغيّر المناخ "كوب 28".