لو كان لدى "الشاباك" أشرف مروان في 7 تشرين الأول/أكتوبر؟
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف
  • في هذه السنة، صدرت النسخة العبرية من كتاب "بيرل هابر - إنذار وقرار" للباحثة الأميركية روبرتا والسيستر، وموضوعه الهجوم المفاجىء الذي شنّه اليابانيون على الولايات المتحدة في سنة 1941. وللمرة الأولى، تحدثت الباحثة عن الحاجة إلى التمييز بين "إشارة" و"ضجة"، للتحذير من التهديد في الوقت المناسب. وأُرسل الكتاب إلى عدد كبير من ضباط الجيش مع مقدمة كتبها رئيس شعبة التنصت السيبرانية اللواء عيران نيف، أشار فيها إلى أن الرسالة الأساسية من الكتاب هي أنه "يجب على الجهاز ألّا يشعر بالرضا الكبير عن نفسه، كون هذا الشعور خطراً، لأنه يمنعنا من التعلم والتفكير النقدي. يجب التحفيز على اليقظة والفضول والشجاعة والتغلب على جدران الجمود التنظيمي". لا نعلم كم هو عدد ضباط الجيش الإسرائيلي الذين قرأوا الكتاب، لكن تقصير السابع من تشرين الأول/أكتوبر، يدل على أنهم لم يستوعبوا دروسه.
  • وبعكس ما جرى قبل حرب "يوم الغفران" [حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973]، حين أُطلق إنذار استخباراتي أُسيءَ فهمه، في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، لم يكن هناك استخبارات من هذا النوع. ويظهر مما نُشر حتى اليوم أن هناك فشلاً في جمع المعلومات، وفي الليلة التي سبقت الهجوم، كان لدى "الشاباك" والاستخبارات العسكرية "إشارات ضعيفة" فقط، أشارت إلى تغييرات في جاهزية "حماس"، من دون نية ملموسة بشأن القيام بهجوم. وبعد مشاورات بين قادة "الشاباك" وكبار المسؤولين في الاستخبارات العسكرية، من دون مشاركة رئيس "أمان" ورئيس شعبة الأبحاث، اتُّخذ قرار قبول توصية الجهاز بأن المقصود تدريب، ولم يُتّخذ أي إجراء لاستباق حدوث الأسوأ.
  • ستضطر لجنة التحقيق التي ستُشكَّل إلى إيضاح هذه المسألة الحساسة: على أي أساس أوصى "الشاباك" بأن "حماس" تُجري تدريباً، وليس تحضيراً لهجوم فوري؟ وكيف نجح "الشاباك" في إقناع الجيش الإسرائيلي بذلك؟ ولماذا لم تُعلَن حالة التأهب على الرغم من هذا، ولم يُوجَّه إنذار إلى قوات الجيش الإسرائيلي ووحدات التأهب؟ في سنة 2013، وفي الذكرى الأربعين لحرب "يوم الغفران"، كتب أفيف كوخافي، الذي كان رئيساً لـ"أمان"، حينها، أن دروس 1973، جرت الاستفادة منها جيداً، وأن مثل هذا التقصير الاستخباراتي لن يتكرر. فعلاً؟
  • التغطية الاستخباراتية لقطاع غزة هي تغطية خاصةـ هناك جهازان، "الشاباك" و"أمان"، يعملان بالتوازي، بحسب توزيع عمل ثابت. وحتى نشر تقرير لجنة التحقيق، لن نعرف نوعية التعاون بينهما ومدى تأثيره في الإخفاق الاستخباراتي. لكن تجربة الماضي لا تبشّر بالخير. في عملية "الجرف الصامد" (2014)، فوجىء الجيش و"الشاباك" بعدد الأنفاق في غزة. وكان السبب النقص في التعاون بينهما. لقد أشار مراقب الدولة في سنة 2016 إلى عيوب خطِرة في عمل الجهازَين الاستخباراتيَين، وشدد على أنه سبق أن حذّر منها في سنة 2007 "في الفترة التي سبقت عملية ’الجرف الصامد’، كان هناك خلل في التعاون بين "أمان" و"الشاباك"، وكان لهذا الخلل تداعيات على مجال العثور على معلومات استخباراتية بشأن الأنفاق... ونشبت خلافات ونقاشات بين الجهازَين فيما يتعلق بتفعيل التعاون بينهما". لم يُعالَج هذا الخلل خلال السنوات التسع الماضية. وبحسب مراقب الدولة، فقط في تشرين الثاني/نوفمبر 2016، وُقِّع اتفاق تعاوُن بينهما في مجال التغطية الاستخباراتية للقطاع.
  • تُظهر المعلومات التي نُشرت عن التقصير في 7 تشرين الأول/أكتوبر، أنه لم يكن لدى "أمان" و"الشاباك" معلومات ملموسة بشأن نية "حماس" القيام بهجوم شامل وواسع النطاق. لقد نجحت "حماس" في إخفاء نيتها، وقامت بعمليات تضليل ناجحة. والظاهر أنه كان لدى "أمان" و"الشاباك" معلومات نوعية تتعلق باستعدادات "حماس" وقدراتها العملانية، لكن يبدو أنها لم تحظَ بالاهتمام المطلوب.
  • في سنة 2021، أغلق "أمان" وحدة جمع المعلومات الاستخباراتية العلنية (هاتساف) [التي تعمل ضمن الوحدة 8200 في مجال جمع المعلومات من المصادر المرئية]. أيضاً المعلومات التي وردت من خط الحدود، فهي لم تحظَ بالاهتمام المطلوب.
  • ويظهر أن استخبارات "أمان" و"الشاباك" لم تعلم بتوقيت الهجوم، وكذلك لم تؤمن بأن لدى "حماس" قدرات على تنفيذ عملية استراتيجية واسعة النطاق، وكان التقدير أن الحركة مرتدعة، وهي تركز على تحسين وضعها الاقتصادي في القطاع. فضلاً عن ذلك، ساد اعتقاد أن السياج الحدودي "العائق"، الذي يحتوي على أحدث التقنيات وبالونات المراقبة، سيؤمّن الردع. وكان الافتراض أنه إذا حدث هجوم، على الرغم من هذا كله، فإنه سيكون محدوداً، ويستطيع الجيش إحباطه. وعلى الرغم من نشر تحذيرات وصلت من درجات منخفضة، مثلاً من الفرقة 8200، ومن وحدات المراقبة، فإنها لم تؤخذ بجدية.
  • في مقابل التقارير بشأن أداء "أمان"، فإن المعلومات عن إخفاق "الشاباك" غير متوفرة. في 16 تشرين الأول/أكتوبر، قال رئيس "الشاباك" رونين بار: "لم ننجح في تقديم إنذار من الحرب - هذه مسؤوليتي.. مع الأسف، في يوم السبت، لم ننجح في تقديم الإنذار اللازم الذي يسمح بإحباط الهجوم". بعد مرور أسبوعين، ذكر تقرير في محطة "كان" أن الدروس استُخلصت. كيف يمكن، في وقت قصير كهذا، استخلاص الدروس من حدث خطِر من هذا النوع؟ الأمر لا يبدو جدياً، وهو غير مقبول، ويعطي الانطباع أن هدف هذه التصريحات تهدئة الانتقادات العامة.
  • على الرغم من عدم وجود معلومات استخباراتية ملموسة بشأن الهجوم، والتقديرات الخاطئة لقدرات "حماس"، وعلى الرغم من توصية "الشاباك" باعتبار "الإشارات الضعيفة" تدريباً لـ"حماس"، فإنه كان من الممكن الاستعداد للهجوم في الوقت المناسب، لو عمل صنّاع القرار الذين اجتمعوا في فجر السابع من تشرين الأول/أكتوبر وفق القواعد الأساسية التي تُطبَّق في إعداد السيناريوهات (Scenario Analysis). وبحسب هذا النموذج، حتى لو كان هناك تقديرات ذات معقولية ضئيلة بشأن هجوم، لكان ضرره خطِراً، في حال تنفيذه، وكان ينبغي العمل وفق تقدير الضرر المحتمل، وليس وفق مدى معقولية الخطر. في هذه الحالة، كان يجب أن يكون القرار إعلاناً فورياً لحالة التأهب التي كانت، على الأقل، ستؤدي إلى دفاع أفضل عن المستوطنات.
  • بناءً على ذلك، وبالاستناد إلى معلومات إضافية نُشرت، نعلم بأنه بينما كان لدى "حماس" معلومات استخباراتية جيدة عن استعدادات الجيش الإسرائيلي، مصادر بعضها علنية، فإن "الشاباك" الذي كان من المتوقع أن يكون لديه معلومات استخباراتية نوعية، كان أعمى، ولم يشاهد ما يجري في القطاع، وخصوصاً بسبب النقص في المصادر البشرية (العملاء) وسط متخّذي القرارات في "حماس"، وأيضاً في الدرجات الأدنى في الحركة. السؤال: لو كان هناك أشرف مروان (الجاسوس المصري الذي حذّر من حرب "يوم الغفران") لدى "الشاباك"، قبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر، هل كان في الإمكان منع الضربة؟
  • لن نعرف الصورة الرسمية لطبيعة الفشل حتى انتهاء لجنة التحقيق من عملها. وهذا قد يستغرق وقتاً طويلاً، وربما أعواماً. ماذا بعد؟ ضخامة الفشل التنظيمي لا يترك مجالاً للانتظار، ويجب البدء فوراً بإصلاح منظومة الاستخبارات. وبخلاف الماضي، يجب ألّا يجري هذا من خلال عملية داخلية في "أمان" و"الشاباك" اللذين فشلا. يجب إشراك جهات خارجية، ومن داخل المجال، في تحليل الإخفاق واستخلاص العبر والتوصيات. كما يجب فحص بنية المجتمع الاستخباراتي والتوازنات والضوابط بينه وبين متّخذي القرارات، وأيضاً يجب أن تكون الرقابة عليه أكثر تشدداً مما هي عليه اليوم.