كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية في نهاية الأسبوع الماضي، أن الرئيس الأميركي جو بايدن حثّ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على وقف ضربة استباقية كان الجيش الإسرائيلي ينوي القيام بها ضد قوات حزب الله في لبنان، بعد أيام من هجوم عناصر حركة "حماس" على منطقة "غلاف غزة" في جنوب إسرائيل يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وحذّره من أن مثل هذا الهجوم قد يتسبب باندلاع حرب إقليمية أوسع.
ونقلت الصحيفة الأميركية عن مسؤولين رفيعي المستوى في الولايات المتحدة قولهم، إنه كان لدى إسرائيل معلومات استخباراتية اعتبرتها واشنطن غير موثوق بها، تفيد بأن عناصر حزب الله كانوا يستعدون لعبور الحدود، كجزء من هجوم متعدد الجوانب. وأوضحت الصحيفة أن الطائرات الحربية الإسرائيلية كانت في الجو، بانتظار الأوامر، عندما تحادث بايدن مع نتنياهو هاتفياً يوم 11 تشرين الأول/أكتوبر، وطلب منه التراجع والتفكير في العواقب الوخيمة لمثل هذا الإجراء.
وأضافت "وول ستريت جورنال" أنه في إثر تلك المحادثة، لم يحدث الهجوم الإسرائيلي، لكن المحادثة حددت نمط جهود البيت الأبيض لمنع أي تصعيد على طول الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان، حيث تتبادل القوات الإسرائيلية النار بشكل شبه يومي مع عناصر من حزب الله ومسلحين فلسطينيين. كما أنه بعد هجوم "حماس" يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، أرسلت الولايات المتحدة سفينتين من حاملات الطائرات إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، أعقبتهما غواصة نووية، لتعزيز الردع. كذلك فإن الدبلوماسية بقيت في صلب جهود واشنطن، إذ قام عاموس هوكشتاين، مبعوث البيت الأبيض الذي يقود الجهود الرامية إلى تهدئة التوترات في منطقة الحدود الإسرائيلية اللبنانية، بالتنقل بين واشنطن وبيروت والقدس، في محاولة لتأمين نهاية دبلوماسية للقتال. وإلى جانب ذلك، شاركت فرنسا بشكل كبير في دفع لبنان إلى الالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 الذي يدعو حزب الله إلى الانسحاب من الجنوب اللبناني والبقاء على بُعد 18 ميلاً على الأقل من منطقة الحدود مع إسرائيل.
وأوضحت الصحيفة أن الولايات المتحدة تلقت أول إشارة إلى خطط إسرائيل لتوجيه ضربة استباقية إلى حزب الله صباح يوم 11 تشرين الأول/أكتوبر، عندما بلّغ مسؤولون إسرائيليون البيت الأبيض أنهم يعتقدون أن حزب الله كان يخطط لشن هجوم، وقال مسؤولون أميركيون إن إسرائيل تعلم بأنها لا تستطيع القيام بذلك بمفردها، وطلبوا الدعم الأميركي. وأضافت الصحيفة أنه في إثر ذلك، عقد كبار مستشاري بايدن في مجال الاستخبارات والجيش والأمن القومي ووزيرا الخارجية والدفاع ورئيس هيئة الأركان المشتركة اجتماعاً، وقرروا أن المعلومات الاستخباراتية الأميركية لا تتوافق مع المعلومات الإسرائيلية. وبعد إطلاع بايدن على الأمر، أجرى محادثة هاتفية مع نتنياهو وحكومته الحربية لحثّ إسرائيل على التراجع عن ذلك.
وأشارت الصحيفة إلى أن نتنياهو لم يكن مقتنعاً أصلاً بضرورة شنّ هذه الضربة الاستباقية، لكن أعضاء حكومته الحربية، وخصوصاً وزير الدفاع يوآف غالانت، أوضحوا أن الحرب الأوسع كانت حتمية، وأنهم يريدون استباق أي هجوم من جانب حزب الله. كما أشارت إلى أن الأمر استغرق نحو 6 ساعات من المكالمات والاجتماعات المتبادلة، قبل أن يوافق المسؤولون الإسرائيليون على التراجع، إذ أصرّت الولايات المتحدة على أن المعلومات الاستخباراتية لا تشير إلى هجوم وشيك لحزب الله.
ونفى ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية في القدس صحة هذا التقرير. وأوضح في بيان صادر عنه أمس، أنه منذ اليوم الأول للحرب، قرر نتنياهو أن تعمل اسرائيل أولاً لتحقيق الانتصار الساحق في الجنوب، بالتوازي مع تحقيق الردع في الشمال، وأكد أن "كابينيت الحرب" تبنّى هذه السياسة.
من ناحية أُخرى، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي جو بايدن تحادث هاتفياً الليلة الماضية مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وبحث معه في آخر الأوضاع في إسرائيل وقطاع غزة.
وذكر بيان صادر عن ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية أن نتنياهو ثمّن خلال هذه المحادثة الهاتفية وقوف الولايات المتحدة إلى جانب اسرائيل في مجلس الأمن الدولي. كما أوضح لبايدن أن إسرائيل ستواصل الحرب في قطاع غزة إلى حين يتم تحقيق جميع أهدافها.
وجاءت هذه المحادثة بين الزعيمين غداة إصدار مجلس الأمن الدولي قراراً ينص على زيادة المساعدات إلى غزة، من دون أن يطالب بوقف فوري لإطلاق النار بين إسرائيل و"حماس".
وجاء في بيان صادر عن البيت الأبيض أن بايدن شدّد خلال المحادثة على الحاجة الماسة إلى حماية السكان المدنيين، بمن فيهم أولئك الذين يدعمون عملية المساعدات الإنسانية، وعلى أهمية السماح للمدنيين بالانتقال بأمان، بعيداً عن مناطق القتال المستمر.
وأضاف البيان أن بايدن ونتنياهو ناقشا أهداف ومراحل العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، وكذلك أهمية تأمين إطلاق سراح جميع المخطوفين الإسرائيليين المتبقين في القطاع.