الضعف الإسرائيلي يظهر مجدداً
المصدر
قناة N12

موقع إخباري يومي يضم، إلى جانب الأخبار، تعليقات يكتبها عدد من المحللين من الشخصيات الأمنية السابقة، ومن المعلّقين المعروفين.

المؤلف
  • من ضمن الأسباب التي أدت إلى إصدار الأوامر بتنفيذ الهجوم "الإرهابي" الفتاك في 7 تشرين الأول/أكتوبر، اكتشاف جيراننا الضعف الخطِر الذي عانته إسرائيل خلال سنة 2023. يبقى السؤال المهم معلقاً، حتى لو افترضنا أن إسرائيل تمكنت، آنذاك، من صدّ الهجوم من دون إتاحة المجال لاختراق الحدود، أو احتلال البلدات، أو سقوط ضحايا، وحتى لو كان هناك إنذار استخباراتي، ولو كان الجيش الإسرائيلي في أتم الجاهزية. السؤال المهم هو: ما الذي جعل "حماس" تقرر إطلاق هجومها في ذلك التوقيت؟
  • لقد حذّرت تقديرات استخباراتية مختلفة خلال سنة 2023، ساندها تحذير من وزير الدفاع،  من أن قوة الردع الإسرائيلية تتآكل، وأن إسرائيل ضعيفة، وأن خصومنا يفكرون في كيفية استغلال هذه الحالة الاستثنائية. كل ما تقدّم يعني أمراً واحداً: انهيار الفرضيات المؤسِّسة التي بُنيت عليها نظرية الأمن الإسرائيلية.
  • لدى محاولتنا فهم ما الذي فكر فيه قادة "حماس"، سندرك أن ما جرى في خضم أحداث انقلاب اليمين الإسرائيلي على النظام، والاحتجاجات المضادة له، والاستقطاب الناجم عنهما، إلى جانب التحذير الصادر عن رجال الاحتياط، من عدم العودة إلى الخدمة، وتلافي مجلس الكابينيت مناقشة المسائل الأمنية، وما نُقل عن رئيس الحكومة بأن تحذيرات الأجهزة الاستخباراتية "أقل مما تبدو عليه"، واكتشاف "حماس" نقاط الضعف في التصورات الدفاعية في منطقة "غلاف غزة"، أمور كلها دفعت قادة "حماس"إلى الاستنتاج أن هناك فرصة يجب استغلالها فوراً.
  • بعد الهجوم، وبصورة خاصة منذ بداية التحرك العسكري للجيش في غزة، استعادت إسرائيل صورتها القوية، فكسرت جميع الحواجز، وبدأت بالضرب في جميع الاتجاهات، ونفّذت هجومها داخل القطاع كما لم تفعل في تاريخها قط. أمّا عمليات الاغتيالات في مناطق الضفة الغربية خلال الأشهر الماضية، فكانت وظلت هائلة وأكبر كثيراً مما كانت عليه خلال حملة "السور الواقي"، ولو كانت هذه النشاطات جرت في أزمنة أُخرى، لتصدّرت أخبارها مقدمات النشرات الإخبارية. أمّا نشاطنا في مواجهة حزب الله في لبنان، واغتيال صالح العاروري في قلب بيروت، فقد أظهرا عظمة إسرائيل وعدم ترددها في تلك الجبهة أيضاً. أمّا دخول حزب المعسكر الرسمي إلى الائتلاف الحكومي، فقد أظهر، على مدار الأيام الأولى، روح العودة إلى الوحدة الوطنية وتعزيز الأمن. يضاف إلى ذلك وقوف الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل بصورة واضحة. وعملياً، تبدلت صورة إسرائيل من الضعف والاستقطاب والتمزق والتردد في استخدام القوة، إلى صورة القوة العسكرية والعودة إلى الوحدة الوطنية، والإصرار على تحقيق الأهداف.
  • لكن حين أنظر إلى المستقبل، بعد ثلاثة أشهر من الآن، أرى خطر العودة إلى إظهار الضعف أمام الأعداء. وبعض مكونات هذا الضعف البارزة هي:
  • الامتناع من خوض نقاش استراتيجي في مجلس الكابينيت، وهذا يعود إلى الاعتبارات الائتلافية بصورة أساسية.
  • رفضُ الحكومة مبادرة الولايات المتحدة إلى الدفع قدماً في اتجاه تطبيع إقليمي واسع النطاق، نتيجة عدم رغبة الحكومة في "تطبيع" السلطة الفلسطينية ضمن إطار حل سياسي مستقبلي.
  • بوادر وجود خلافات جوهرية في الرأي مع الولايات المتحدة، وهي خلافات قد يرى خصومنا أنها تُضعف قدرة إسرائيل على تحقيق أهدافها.
  • رفضُ إسرائيل المناقشة في إدخال طرف فلسطيني مقبول لإدارة الشؤون الحياتية في القطاع، وهو ما يرسّخ سيطرة "حماس" هناك، على الرغم من الضربات القاسية التي تلقّتها الحركة من الجيش الإسرائيلي.
  • المصاعب التي تعترض عملية تحرير المخطوفين، ورفض الدعوة إلى وقف القتال لهذا الغرض.
  • مهاجمة أعضاء الحكومة لقيادة الجيش، فهذا أمر ينظر إليه خصومنا بصفته ضعفاً.
  • الانتقادات التي وجّهها مراقب الدولة إلى الجيش الإسرائيلي في أثناء الحرب، والتي لم تستهدف طرفاً سوى الجيش الإسرائيلي! يُنظر إلى هذه الخطوة على أنها خطوة متعمّدة من رئيس الحكومة، وتهدف إلى اتهام الجيش بالمسؤولية عن الإخفاق الأمني. يعتبر خصومنا هذا الأمر خطوة إضافية تُضعف الجيش وتعمّق الاستقطاب القائم بينه وبين الحكومة.
  • التوتر الشديد القائم بين وزير الدفاع ورئيس الحكومة.
  • انكشاف الضعف الواضح لدى رئيس الحكومة، وتعلُّقه التام بالأحزاب المتطرفة.
  • التهديد الفعلي الصادر عن حزب المعسكر الرسمي بالانسحاب من حكومة الطوارئ، وهو ما قد يشير إلى التحضير لدورة انتخابية جديدة.
  • الدعوى المقدمة ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، التي فتحت جبهة جديدة قد تدفع إسرائيل في المستقبل إلى التردد في استخدام القوة في أثناء القتال.
  • التعنّت في مسألة السماح بدخول العمال الفلسطينيين من الضفة الغربية، وهو ما قد يتسبب بفتح جبهة أُخرى على إسرائيل.
  • ما يدفع إلى الخوف هنا هو أن خصومنا سيعتبرون هذا الضعف فرصة للتشدد في مواقفهم. إذ إن "حماس" ستتعنّت في مواقفها على أمل أن تبدأ الساعة الرملية المعلقة فوق رأس إسرائيل بالنفاد، رويداً رويداً، وتعنُّت حزب الله في مواقفه إزاء محاولة إسرائيل التوصل إلى تسوية أمنية -سياسية لإزالة تهديد الحزب لبلدات الشمال، يمثل فرصة لدق الأسافين بين إسرائيل والولايات المتحدة في محاولة لإحباط عودة "المبادرة السعودية" إلى جدول الأعمال.
  • كل ما تقدم ناجم عن فشل فادح في القيادة، أو قيادة مدمرة، من شأنها تفويت الفرص التي نشأت خلال الانفجار. كنت قد ادّعيت في مقابلات سابقة لتاريخ السابع من تشرين الأول/أكتوبر أن نتنياهو يشكل خطراً أمنياً على إسرائيل. علينا أن نعلم بأن هذا الخطر لم يزُل بعد، بل لعلّه تفاقم.