قال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن إسرائيل ستسعى لمنع وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين [الأونروا] من العمل في غزة بعد الحرب، بعد أن قامت هذه الوكالة بطرد عدد من موظفيها بسبب تورُّطهم المزعوم في الهجوم الذي شنته حركة "حماس" على مستوطنات "غلاف غزة" يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وأكد كاتس في بيان نشره في موقع "إكس" ("تويتر" سابقاً) أمس (السبت)، إن وزارة الخارجية تهدف إلى ضمان ألّا تكون الأونروا جزءاً من اليوم التالي للحرب. وأضاف أنه سيحاول حشد الدعم لهذه الخطوة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والجهات المانحة الرئيسية الأُخرى للوكالة، إذ قام العديد منهم بتعليق التمويل في أعقاب كشف النقاب عن هذه المعلومات.
وكتب كاتس في بيانه: "لقد حذّرنا منذ أعوام من أن الأونروا تديم قضية اللاجئين، وتعرقل السلام، وتعمل كذراع مدنية لـ’حماس’ في غزة. إن الأونروا ليست الحل، فالعديد من موظفيها ينتمون إلى ’حماس’، ولديهم أيديولوجيات قاتلة، ويساعدون في النشاطات الإرهابية، ويحافظون على سلطتها". كما طالب الأمم المتحدة باتخاذ إجراءات شخصية فورية ضد قيادة الأونروا.
ونددت حركة "حماس" أمس بالتهديدات الإسرائيلية ضد الأونروا، وحثّت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأُخرى على عدم الاستسلام للتهديدات والابتزاز.
وكانت الأونروا أعلنت أول أمس (الجمعة) أنها فصلت عدة موظفين اتهمتهم إسرائيل بالتورط في هجوم "حماس" يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر على البلدات الجنوبية.
وقال المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني في بيان، إن القرار اتُّخذ من أجل حماية قدرة الوكالة على تقديم المساعدات الإنسانية. وأضاف: "إن كل موظف تورط في أعمال إرهابية يجب أن يُحاسَب، بما في ذلك من خلال ملاحقات قضائية"، وأشار إلى أن السلطات الإسرائيلية قدمت معلومات بشأن تورُّط الموظفين المزعوم.
وقال مسؤول إسرائيلي كبير لوسائل إعلام أجنبية إن جهاز الأمن العام ["الشاباك"] والجيش الإسرائيلي قدّما معلومات تشير إلى تورُّط موظفي الأونروا، إلى جانب استخدام مركبات الوكالة ومرافقها في الهجوم يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر.
وقال هذا المسؤول: "كانت هذه معلومات استخباراتية قوية ومؤكدة. إن جزءاً كبيراً من هذه المعلومات جاء نتيجة استجواب المسلحين الذين تم القبض عليهم خلال هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر".
وأشار الناطق بلسان السكرتير العام للأمم المتحدة إلى أن السكرتير العام أنطونيو غوتيريش فزع من هذه الاتهامات، وسيتم إجراء مراجعة مستقلة وعاجلة وشاملة للأونروا.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية إنها تشعر بقلق بالغ من هذه المزاعم، وستعلّق موقتاً التمويل الجديد، بينما تبحث في أمر هذه الادعاءات والخطوات التي تتخذها الأمم المتحدة للنظر فيها. واتّخذ كلٌّ من ألمانيا وبريطانيا وأستراليا وكندا إجراءات مماثلة، إذ أوقفت تمويلها للمنظمة وقالت إنها قلقة للغاية من المزاعم المتعلقة ببعض موظفي الأونروا.
وكانت الولايات المتحدة أكبر مانح للوكالة في سنة 2022، إذ ساهمت بأكثر من 340 مليون دولار، وفقاً لموقع الأونروا الإلكتروني. وبينما لم يحدد بيان الوكالة عدد الموظفين الذين فصلتهم، كشف البيان الأميركي أن 12 موظفاً قد يكونون متورطين.
وجاء في البيان الأميركي كذلك أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن تحدث مع غوتيريش يوم الخميس الماضي بهدف تأكيد الحاجة إلى إجراء تحقيق سريع ومعمّق بشأن هذه المسألة. وشدّد البيان على أن "الأونروا تلعب دوراً حاسماً في تقديم مساعدات منقذة لحياة الفلسطينيين، بما في ذلك الغذاء الأساسي والدواء والمأوى وغيرها من أشكال الدعم الإنساني الحيوي. وأنقذ عملها أرواحاً، ومن المهم أن تعالج الأونروا هذه الادعاءات وتتخذ أي إجراءات تصحيحية مناسبة، بما في ذلك مراجعة سياساتها وإجراءاتها الحالية". وأضاف أن الولايات المتحدة على اتصال بإسرائيل للحصول على مزيد من المعلومات.
وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل إنه يشعر أيضاً بقلق بالغ إزاء هذه المزاعم، وأن الاتحاد على اتصال بالأونروا، لكنه لم يعلن وقفاً مماثلاً للتمويل.
وقال بوريل في بيان: "نحن على اتصال بالأونروا، ونتوقع منها توفير الشفافية الكاملة بشأن هذه الادعاءات واتخاذ إجراءات فورية ضد الموظفين المتورطين، ونتعهد استخلاص الدروس، بناءً على نتيجة التحقيق الكامل والشامل".
تجدر الإشارة إلى أن الجماعات اليمينية المؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة وعدداً من قادة الحزب الجمهوري يطالبون منذ عدة أعوام بوقف تمويل هذه الوكالة، بحجة أن القيام بمنح وضع لاجئ، ليس فقط للجيل الأول من اللاجئين، بل لأحفادهم، يؤدي إلى إدامة الصراع وثقافة الاعتماد على المساعدات الخارجية لدى الفلسطينيين.
وأدى شنّ الحرب على قطاع غزة إلى تدهور العلاقات بين إسرائيل والأونروا. وقالت الوكالة بلهجة حادة في بعض الأحيان إن إسرائيل تقصف أهدافاً مدنية، بما في ذلك مدارسها ومراكز الإغاثة. وفي المقابل، ادعت إسرائيل أن الأونروا توفر، عمداً أو تحت التهديد، غطاء لمسلحي "حماس".