بعد سنوات طويلة من استهداف الأونروا، إسرائيل تحتفل بمعاقبة الغرب للوكالة
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- بسبب الشك في أن 12 عاملاً في وكالة الأونروا شاركوا في "مذبحة" 7 تشرين الأول/أكتوبر، قرّرت 15 دولة غربية معاقبة كل سكان قطاع غزة- المنطقة التي تعيش أكبر كارثة إنسانية في العالم اليوم - واستناداً إلى الإثباتات التي لدى إسرائيل، والتي تؤكد هذا الشك، فقد أعلنت الولايات المتحدة، وبعدها اليابان والاتحاد الأوروبي، إيقاف التبرعات التي تقدَّم إلى الوكالة التي تقدّم خدمات إلى نحو 6 ملايين لاجئ فلسطيني في 3 دول، بالإضافة إلى المناطق المحتلة سنة 1967، وضمنها القدس. وفي هذا الصدد، فرحت إسرائيل طبعاً؛ إذ كانت، منذ سنوات طويلة، قد وضعت الأونروا في خانة الاستهداف، وكأن اختفاء الوكالة الدولية للاجئين الفلسطينيين سيمحو علاقتهم بوطنهم المسلوب، وينسيهم إيّاه.
- وبدءاً بالشهر المقبل، فإن نحو 30,000 موظّف في الأونروا لن يحصلوا على رواتبهم، وسيلحق الضرر بخدمات التعليم والصحة التي تقدّمها الوكالة. ومن دون تمويل، فإن طواقم الأونروا، التي تعمل في القطاع الذي يتعرض للقصف الدامي، ستتوقف عن القيام بالمهمات الطارئة: نقل الوقود على الرغم من الخطر على حياتهم إلى الأجزاء التي لا تزال تعمل في القطاع الصحي، وتزويد الناس بالماء، ومنع فيضان المجاري كلياً في الطرقات، والعمل على تحقيق الحد الأدنى من النظافة في مدارس الوكالة التي تحوّلت إلى أماكن لجوء مكتظة بمئات الآلاف من الأشخاص، ومعالجة المرضى في العيادات (وضمنهم من يعانون جرّاء التلوث بسبب الكثافة والمياه الملوثة)، ونقل حزمات الغذاء الأساسية والمياه إلى نقاط التوزيع وتوزيعها على آلاف الجائعين والعطشى. ولا توجد أي جهة أُخرى يمكنها استبدال الأونروا، التي لديها الخبرة خلال أسابيع.
- وقامت الوكالة الدولية بفصل 9 موظفين (أحدهم قُتل، وآخران لا يزالان مفقودَين)، وشكّلت لجنتَي تحقيق: إحداهما ستطرح خلاصة التحقيقات أمام الأونروا، والثانية في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، وهذه الخطوات لم تكن كافية لدول العالم المتنوّر. وإن اختيارهم كلاًّ من الأداة غير الديمقراطية والعقاب الجماعي، الذي سيجعل مأساة الجوع والعطش والأوبئة المنتشرة في القطاع أسوأ، يعكس أيضاً استهتاراً بقرار محكمة العدل الدولية في لاهاي؛ الذي جاء فيه أنه يجب على إسرائيل أن تقوم بكل الخطوات التي يمكنها القيام بها من أجل منع إبادة الشعب، وضمنها إدخال مساعدات إنسانية إلى القطاع، ولدى الأونروا في هذا السياق مهمة مركزية. وتقول 15 دولة، وعلى رأسها الولايات المتحدة وألمانيا، إن الكارثة الإنسانية في القطاع والشكوك والدلائل بشأن 12 موظفاً للوكالة أقل أهمية من إرضاء الحليفة إسرائيل.
- وهذه الحليفة تقوم، منذ عشرات الأعوام بتبنّي سياسة الاستيطان والتهجير القسري للفلسطينيين، وهو ما تعارضه هذه الدول على الورق، كما أن الأخبار بشأن الجنود الإسرائيليين والمواطنين الذين قتلوا فلسطينيين غير مسلحين معروفة بالنسبة إلى هذه الدول، لكن الحقيقة أنه في أغلبية الأحيان لا يتم محاسبة القتلة، فضلاً عن أن هناك وزراء كباراً لدى هذه الحليفة يدفعون علناً بجريمة تهجير الفلسطينيين من القطاع. وبالمقارنة مع إداناتهم الخفيفة، إذا أُدينوا أصلاً، فإن قرار الدول الـ15 بمساعدة إسرائيل في مسيرة الانتقام والدمار ضد سكان القطاع مخجلة.