الدعم غير المسبوق، والأزمة التي تقترب، وعلامات الاستفهام بشأن اليوم التالي؛ صورة الوضع على الجبهة السياسية
المصدر
قناة N12

موقع إخباري يومي يضم، إلى جانب الأخبار، تعليقات يكتبها عدد من المحللين من الشخصيات الأمنية السابقة، ومن المعلّقين المعروفين.

أولاً: النجاحات

1. الدعم الأميركي غير المسبوق لإسرائيل

  • افترض وزراء إسرائيليون قبل الحرب أن "بايدن يجب أن يهتم بشؤونه الخاصة"، وأن "إسرائيل ليست نجمة أُخرى على علم الولايات المتحدة" وأن "بايدن ينسق مع كل من لابيد وباراك"، لكن إدارة بايدن أوضحت منذ اللحظات الأولى لحرب السابع من تشرين الأول/أكتوبر أنها تقف إلى جانب إسرائيل بكل حزم ووضوح، ولقد تم التعبير عن هذا الدعم بالأقوال والأفعال؛ إذ أوضح بايدن لجميع أعداء إسرائيل أن الولايات المتحدة ستكون موجودة للدفاع عن إسرائيل بكل وسيلة ممكنة، كما أرسل حاملتَي طائرات، وأنظمة دفاعية، إلى جانب قيامه بتزويد إسرائيل بالذخائر والمخازن، كما قدّمت إدارته الدعم المطلق إلى إسرائيل في مؤسسات الأمم المتحدة حيث كانت إسرائيل تواجه تحديات.
  • وبهذا المعنى، يُعد الأمر نجاحاً إسرائيلياً مذهلاً؛ فالحكومة الإسرائيلية التي أوصلت العلاقات مع الأميركيين إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق خلال العام الماضي، لم تنجح في تدمير هذه العلاقة غير القابلة للكسر بين بايدن، الذي يعرّف نفسه بصفته صهيونياً، وبين الدولة ومواطنيها. أمّا الأميركيون من طرفهم، فقد أوضحوا منذ لحظات الحرب الأولى أنهم سيدعمون إسرائيل طالما تلتزم إدخال المساعدات الإنسانية. ولقد كان الأسبوعان الماضيان مليئَين بالأزمات، وعلى الرغم من ذلك، فإنهما لم يدفعا الإدارة إلى الدعوة إلى وقف الحرب، وما من أحد يتوقع حتى اللحظة أن تقوم الولايات المتحدة بذلك.

2. صد الضغوط القضائية الدولية

  • بعد صدور قرار محكمة لاهاي، بات في إمكان إسرائيل تنفُّس الصعداء؛ فالمحكمة، على الرغم من تشكيلتها، فهي لم تدعُ إسرائيل إلى وقف الحرب، كما لم تصدر أمراً احترازياً يلزمها فعل ذلك، وهذا يُعد إنجازاً هائلاً يجب أن ننسبه إلى الطواقم القضائية الممتازة التي مثلت إسرائيل في المداولات بصورة مهنية ومثيرة للإعجاب. وعلى الرغم من ذلك، فقد طُلب من إسرائيل تنفيذ سلسلة من الأوامر الأُخرى، على غرار العمل على اجتثاث التحريض على القتل الجماعي أو الأفعال التي تتسق مع القتل الجماعي، وغيرها من النشاطات المحظورة بموجب اتفاقيات جنيف.
  • إن مؤتمر الترانسفير الذي أُطلقت فيه دعوات إلى "تشجيع سكان غزة على ترك أراضي القطاع إلى مكان آخر"، لا يعجّل بالضبط تنفيذ أوامر محكمة لاهاي، وهو ليس سوى نشاط أحمق وفائض عن الحاجة، وكان يتعين على رئيس الحكومة حظره في هذه المرحلة الحساسة.
  • لم يتخذ مجلس الأمن الدولي أي قرارات دراماتيكية، فمن ناحية، صادق المجلس على مقترح آخر أقل حدة لزيادة المساعدات الإنسانية المرسلة إلى القطاع (وهو قرار يتسق على أي حال مع سياسة إسرائيل الاستراتيجية)، ومن جهة أُخرى، فقد تم رد المقترح الروسي إلى الوقف الفوري لإطلاق النار. وقد تم رد المقترح الروسي نتيجة فيتو أميركي، بعد أن قال ممثل الولايات المتحدة إن وقف إطلاق النار لن يكون سوى في مصلحة "حماس"، وهذا الإنجاز مهم، على ضوء العداء الذي يبدو واضحاً في تصريحات مسؤولين، على غرار الأمين العام للأمم المتحدة، وهو يتسق تقريباً مع اللاسامية. وادعى الأمين العام أن "غزة تتحول إلى مقبرة للأطفال"، كما ادعى الأمين العام لمنظمة الصحة العالمية وجود اعتداءات على سيارات الإسعاف والمستشفيات، من دون أن يشير إلى أن هذه المرافق تُستخدم كغطاء لـ "الإرهابيين"، أمّا مفوض حقوق الإنسان للأمم المتحدة، فقد صرّح بأن "إسرائيل تنفذ جرائم حرب في غزة."

 

3. الدعم الأوروبي

  • على خلفية تطورات العام القضائي في مجال الانقلاب القضائي، أظهر الزعماء الأوروبيون دعماً غير مسبوق لإسرائيل؛ إذ لم تَصدر عن الاتحاد الأوروبي بعدُ أي دعوة إلى وقف إطلاق النار، كما أن الاتحاد يواصل التزام الإشارة، بصورة متكررة، إلى المختطفين الإسرائيليين، وهذه القضية هي التي، مع الأسف الشديد، ساعدت في قلب التوجه الأوروبي، بل أيضاً إن رئيسة المفوضية الأوروبية قالت: "لقد انتهت أيام ’حماس‘ في قطاع غزة"، وعلى الرغم من أن هذا الموقف لا يتبناه جميع زعماء أوروبا، فإن هناك إجماعاً بين الدول الأكثر أهمية؛ بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، على أن إسرائيل لم تكن لديها خيارات أُخرى سوى دخول الحرب.
  • وأعلنت دول أُخرى "حماس" منظمة "إرهابية" (بفضل السابع من تشرين الأول/أكتوبر)، بينما فرضت أُخرى حظراً على دعم المنظمات المعادية. ولا تتسق القيود والمحظورات دائماً مع الرأي العام الداخلي في تلك الدول، أو مع رأي التظاهرات التي اندلعت فيها. وتلخيصاً لذلك، فإن إسرائيل لا ترى حتى الآن أي شروخ في الدعم المقدَّم من تلك الدول.

ثانياً: التحديات

1. المبادرات الكبرى لفرض نظام جديد في الشرق الأوسط

  • كما أسلفنا، لا تواجه إسرائيل أي مشكلات في حظوة الدعم الأميركي، ومع ذلك، فإن الأميركيين لا يشعرون بالراحة مع بعض المقولات التي تنطلق عن الحكومة الإسرائيلية، وفي كثير من الأحيان، يتم التشكيك بكون "أيدي نتنياهو ممسكة فعلاً بمقود البلاد"، ولقد أثبت عَقْدُ مؤتمر الترانسفير هذا الأمر، حين أطلق مسؤولون أميركيون توصيف "مثير للاشمئزاز" على هذا المؤتمر. وكما أشار موقع "والاّ"، فقد دارت محادثة صعبة بين نتنياهو وبايدن، بعد أن طالب الرئيس نتنياهو بالعثور على طرق لتحرير الأموال التي تستحقها السلطة الفلسطينية، وقد حدث هذا فعلاً في نهاية المطاف، بل أيضاً تمت المصادقة عليه في مجلس الكابينت.
  • ويرغب الأميركيون في استغلال الوضع الذي أثارته الأزمة والنجاح في صوغ "برنامج كبير"، أي برنامج تُنشأ في إطاره الأوضاع اللازمة لوقف إطلاق نار طويل الأمد في ظل إطلاق سراح المختطفين، وصولاً إلى معاهدة تطبيع هائلة بين إسرائيل والسعودية حتى نهاية شهر أبريل/نيسان، يتحول في إطارها وقف النار إلى وقف دائم. وتدرك الإدارة أن حكومة نتنياهو ستضطر، ربما بعكس ما كان سائداً قبل الحرب، إلى دفع ديونها، بحيث تضمن مستقبلاً سيادياً للفلسطينيين، ولن يضطر رئيس الحكومة إلى إعلان "دولة فلسطينية"، لكن سيضطر إلى التحدث عن "أفق" ما.
  • وتشير التقديرات الأميركية إلى أن السعودية لن توافق على دخول مفاوضات بشأن التطبيع، من دون موافقة إسرائيل على إشراك السلطة في إعادة إعمار غزة. كما يعتقد الأميركيون أن هذه السلطة يجب أن تكون "مجددة"، بدلاً من أن تكون تحريضية أو تربي على "الإرهاب"، وهذا هو التحدي الأكبر الذي يعترض إسرائيل، ونتنياهو، وحكومته، في هذه التسوية.

2. استمرار تدخّل الوسطاء في إطلاق سراح المختطفين

  • أحدثت تصريحات نتنياهو الأخيرة، التي كشفنا عنها في القناة 12، والتي سُمع فيها وهو يوجه عبارات قاسية إلى أهالي المختطفين بشأن وساطة قطر، ضجة كبيرة، ورداًّ على ذلك، قال رئيس الوزراء القطري، في مقابلة مع وسائل إعلام أجنبية: "لا أريد التعليق على تصريحات كهذه، ولا أتوقع الشكر منهم أو من أي شخص آخر. نحن نتفهم دورنا، فلقد كنا منذ البداية متعاونين جداً وشفافين جداً مع الجميع، وقد ثبت أن دورنا يجلب نتائج، ولا يتلخص في التصريحات المعدة للاستغلال السياسي. وإذا كان قد ساوى بيننا وبين الأمم المتحدة أو الصليب الأحمر، فهذا ممتاز، فهذه منظمات إنسانية، ونحن في النادي نفسه."
  • لم يعجَب القطريون، إذا ما شئنا التواضع في الوصف، بإهانة نتنياهو لهم، بينما لم يشعر نتنياهو بالحاجة إلى الاعتذار لذلك؛ فهناك شكوك فيما إذا كان هذا التسجيل قد تسرب من أجل دفع قطر إلى الزاوية. وفي نهاية المطاف، تحتاج إسرائيل إلى قطر الآن أكثر مما تحتاج قطر إلى إسرائيل؛ فهناك 136 مختطفاً في قبضة "حماس" في غزة، وقد أثبتت قطر فعلاً أنها قادرة على تحقيق نتائج. وإن محاولات زرع بذور الخلاف معها الآن، وهو أمر لم يحدث منذ أكثر من عقد، ليس أمراً حكيماً بالضرورة.

3. أزمة محور فيلاديلفي والعلاقات مع المصريين

  • العلاقات مع المصريين أيضاً على حافة أزمة حقيقية، ووفقاً للمراسلة السياسية لأخبار الثالثة عشرة، رفض السيسي مؤخراً استقبال مكالمة هاتفية من نتنياهو، وجاء رفضه بناء على غضبه على تصريحات إسرائيلية، وعلى رأسها تصريح نتنياهو بشأن الحاجة إلى السيطرة على محور فيلاديلفي.
  • ولم تساهم الاتهامات التي تم توجيهها تجاه مصر في المحكمة الدولية في لاهاي، بشأن مسؤولية مصر عن مصاعب إدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح، في تهدئة هذا الغضب. ومؤخراً، قام ضياء رشوان، وهو مصدر رسمي مصري، بالتحذير من أن أي إجراءات إسرائيلية للسيطرة على محور فيلاديلفي ستؤدي إلى أزمة خطِرة في العلاقات الإسرائيلية المصرية.