دخول الجيش الإسرائيلي رفح هو النشاط الذي سيثير ردات فعل حادة لم نشهد مثلها من قبل
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

            ___

  • شهدت الأيام الأخيرة الماضية ارتفاعاً في التوتر في العلاقات التي تربط إسرائيل بمصر، وذلك في ضوء إمكانات إطلاق إسرائيل حملة عسكرية ضد كتائب "حماس" في منطقة رفح. وينجم السخط المصري في هذا الشأن عن خشية المصريين أن يؤدي النشاط العسكري في هذه المنطقة الشديدة الاكتظاظ (بحسب التقديرات، هناك نحو 1.4 مليون غزّي، اضطر أغلبهم إلى الانتقال إلى هذه المنطقة من شمال القطاع ووسطه منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر) إلى إلحاق أضرار كبيرة بالسكان، وتصعيد الانتقادات الداخلية المصرية ضد النظام، بصفته متعاوناً مع العمليات الإسرائيلية، كما من شأنه أيضاً أن يصعّد الضغوط الممارسة على النظام للسماح بمرور السكان عبر الحدود لدوافع إنسانية.
  • وتثير التقارير المتعلقة بنشاط إسرائيلي وشيك في رفح ردات فعل حادة، ليس في مصر وحدها، بل أيضاً في دول عربية أُخرى، إلى جانب كل من الولايات المتحدة وأوروبا؛ فعلى سبيل المثال، نشرت وزارة الخارجية السعودية تحذيراً بشأن التداعيات الخطِرة لعملية إسرائيلية في رفح.
  • والجدير بالذكر هنا أن هناك استياءً كبيراً في مصر، منذ بداية الحرب، من الأفكار التي يعبّر عنها وزراء وأعضاء كنيست إسرائيليون، المتعلقة بتهجير السكان والسيطرة على محور فيلادلفي من جانب إسرائيل وحدها. وقد حذّرت جهات مصرية من أن الأمر يمثل خطاًّ أحمر للنظام، وتهديداً للأمن القومي المصري، بصورة يمكن أن تعرقل استمرار التعاون بين البلدَين.
  • وبحسب تقارير متعددة، فقد قام النظام المصري بنفسه مؤخراً بتعزيز وسائل الرقابة في منطقة رفح، وذلك من أجل محاولة منع الغزّيين من اقتحام المعبر. إن السلام مع مصر هو أحد أهم الأرصدة الاستراتيجية لدولة إسرائيل، وهو ركيزة مهمة لأمنها القومي.
  • وقد اضطرت مصر، كما الأردن، منذ بداية الحرب، إلى المناورة بين الضغوط الداخلية من جانب شعبَيهما، وبين مصالحها الاستراتيجية، بالاستناد إلى رغبة إسرائيل في تقويض سلطة "حماس" في غزة. وقد حدث ذلك إدراكاً من النظامَين أن المعركة ستكون معركة واسعة النطاق بين المعسكر الذي تقوده الولايات المتحدة، والمحور المتطرف الذي تقوده إيران، وأن هذه الحرب ستكون لها نتائج إقليمية واسعة النطاق.
  • وعلاوة على ذلك، فإن مصر تؤدي دوراً أساسياً في المفاوضات الرامية إلى صوغ مخطط جديد يضمن استعادة المختطفين والمختطفات على قيد الحياة. بل أيضاً من المفترض بمصر أن تكون عنصراً رئيسياً في العثور على حل بنيوي وطويل المدى للحؤول دون استمرار التهريب على محور فيلادلفي، وإعادة إعمار القطاع في "اليوم التالي". وفي هذا الإطار، يبدو من الواضح أن مصر تتفق مع تصور الرئيس بايدن بشأن دور السلطة الفلسطينية في إعادة إعمار القطاع، وبشأن حل الدولتَين.
  • وفي ضوء ذلك، يجب على الحكومة الإسرائيلية أن تأخذ بعين الاعتبار مصالح مصر، وتحاول توفير حلول لها في الحوار السرّي القائم بين البلدَين، وذلك مع استمرار النشاط العسكري المصمم على هزيمة "حماس".
  • وفي هذا الإطار، يجب الامتناع من إطلاق التصريحات، وطرح الأفكار التي لا حاجة لها وغير المجدية، والتي من الممكن أن تحرج النظام المصري وتمس بنسيج العلاقات الحساس القائم بين البلدَين، إلى جانب المساس بالبنية الأمنية الإسرائيلية.
  • وبناءً عليه، فإننا نتوقع من نتنياهو أن يوضّح أنه يعارض الإجراءات الأحادية الجانب، ويعارض دفع السكان إلى الانتقال و/أو اتخاذ خطوات أحادية الجانب من شأنها أن تمس بالسيادة المصرية، فقدرة إسرائيل على تحقيق أهداف الحرب ستتأثر، بصورة كبيرة، بعملية دمج القدرة والتصميم العسكريَين في الحكمة السياسية.