في الاستديوهات يفضلون إخفاء الحقائق بشأن قضية المخطوفين
المصدر
مكور ريشون

صحيفة إسرائيلية يومية بدأت بالظهور في سنة 2007. تميل نحو مواقف اليمين وتؤيد نشاطات المستوطنين في الضفة الغربية، كما تعكس وجهة نظر المتدينين في إسرائيل.

  • في الأسبوع الماضي، أًجري استطلاع للرأي ربما لم يسمع به قراء "مكور ريشون"، ووفقاً لهذا الاستطلاع، فإن 61% من الجمهور الإسرائيلي يعارضون وقف الحرب في غزة قبل القضاء على حكم "حماس"، حتى لو كان معنى ذلك عدم استعادة المخطوفين. وهذا رقم مدهش لا يتطابق مع السردية والأجواء السائدة في وسائل الإعلام المركزية في إسرائيل، وفي طليعتها قناتا التلفزة التجاريتان 12 و13.
  • ومن أجل توضيح هذا أكثر، فإنه إذا حوّلنا نسبة 61% هذه إلى مقاعد في الكنيست، فإن هذا يساوي 73 مقعداً من مجموع 120 مقعداً، وهذا هو ما يفضّله مقدم البرامج، باريش غالي، من دون أن يختبئ وراء جُمَل ملتوية وغامضة عندما تتعارض المصالح بين أهداف الحرب التي وضعها الكابينيت السياسي الأمني، وبين هدف القضاء على "حماس" أو استعادة المخطوفين.
  • وثمة تفصيل مهم هنا؛ هو أن الجهة التي أجرت الاستطلاع ليس منظمة يمينية لديها أجنده واضحة تؤيد استمرار الحرب بأي ثمن، إنما هي معهد دراسات الأمن القومي، والمعروف بأن الذين يعملون فيه أشخاص لا ينتمون إلى اليمين الإسرائيلي، كعاموس جلعاد، ومانويل تراتنبرغ، وتامير هايمن.
  • إن صفقة المخطوفين موضوع حساس جداً، وقابل للاشتعال، ومهم للغاية، ومطروح على رأس سلّم الأولويات العام، ومن حق الجمهور التعبير عن رأيه فيه، والأهم من هذا، فإن من حقه معرفة ما يشعر به في قرارة نفسه. وهنا المفاجأة؛ فهذا الرقم الواضح والبسيط الذي نتحدث عنه لم يسلط عليه الضوء سوى في "مكور ريشون" والقناة 14، مع إشارات صغيرة هنا وهناك.
  • وقد لمّح معدو النشرات الإخبارية، الذين من المفترض أن يقدّموا إلينا الوقائع بصورة موضوعية، أو على الأقل أن يُظهروا اهتمامهم بذلك، إلى نتيجة الاستطلاع الذي كان يجب أن يحتل العناوين الأولى، وانتهى الأمر عند هذا الحد...
  • هؤلاء الـ 136 مخطوفاً هم إخوتنا وأخواتنا، ويجب أن نفعل كل ما نستطيع من أجل تحريرهم من الأسر ضمن إطار المنطق والأمن القومي. وتقوم أغلبية أهالي المخطوفين بكل ما تستطيع، وتصرخ معبّرة عن ألمها، وهذا واضح ومفهوم، لكن المشكلة هي في وسائل الإعلام، التي تتخذ موقفاً وتعبّر عنه بطريقة هي الأكثر تشدداً، بعبارة "بأي ثمن".
  • إن هذه مطالبة مشروعة ومفهومة عندما تأتي من أهالي المخطوفين، لكن عندما يقول عضو الكنيست، ميكي ليفي [من حزب "يوجد مستقبل"]، في الكنيست متحدثاً باسمه واسم كتلته: "أي ثمن هو أي ثمن، لا يهمني 6000 أسير فلسطيني ووقف القتال"، فهذا كلام مرفوض مطلقاً.
  • ما الرسالة التي تحملها هذه العبارة إلى "حماس" من عضو كنيست إسرائيلي يتحدث باسم أكبر كتلة للمعارضة؟ إن هذا يتعارض مع منطق المفاوضات، كما يتعارض مع "السوق الوحشي المتعطش للدماء" للإسلام في الشرق الأوسط.
  • وعلى الرغم من أن موضوع المخطوفين واستمرار القتال أو إعلان وقف إطلاق النار ليس موضوع يمين ويسار، فإنه أصبح هكذا، وفوراً، برز مجدداً الانحياز غير المقبول من جانب وسائل الإعلام الأساسية. وإلى جانب ذلك، فقد برز ربْط تلقائي للموقف من مسألة المخطوفين ووقف إطلاق النار بالموقف من نتنياهو وحكومته؛ في المقابل فإن من يريد استمرار القتال،  يُعتبر مؤيداً لنتنياهو، المعني باستمرار القتال من دون نهاية من أجل المحافظة على حكومته، وإبعاد اليوم الذي سيتعرض فيه للمساءلة. وفي المقابل، فإنه من يريد إعادة المخطوفين بأي ثمن، أو بثمن باهظ جداً، فهو يُعتبر أنه يريد الإطاحة بنتنياهو وحكومته من السلطة.
  • لكنني هنا أريد أن أكسر هذه الثنائية؛ ففي الأسبوع الذي حدثت فيه "المجزرة"، كتبتُ هنا أنه يجب على نتنياهو وحكومته أن يرحلوا، على الرغم من أنني كنتُ من أنصاره لأعوام كثيرة، فضلاً عن أنني، وقبل عدة أعوام، كتبتُ في مقال لي إنني أتخوف من اليوم الذي لن يكون فيه رئيساً للحكومة... وقد مرت عدة أعوام على موقفي هذا، وفي نظري، فإن نتنياهو تحوّل من رصيد إلى عبء؛ فبعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، لا يمكن في نظري أن يواصل قيادتنا، لا هو، ولا حكومته، فهما المسؤولان عن هذه "المذبحة" المريعة.
  • لكن على الرغم من ذلك، فأنا ضد صفقة تبادل مخطوفين بأي ثمن، وضد صفقة مخطوفين تعرّض أمن المواطنين الإسرائيليين للخطر.
  • لا أستطيع أن أحدد أين يمر الخط تحديداً. هل يوازي مخطوف إسرائيلي واحد 10 "مخربين"، أو ربما 20؟ هل مسموح الإفراج عَن مَن "قتل" أقل من 5 إسرائيليين وعدم الإفراج عن الذين "قتلوا" أكثر؟ ليست لدي أي فكرة. أريد بشدة رؤية كل المخطوفين يعودون إلى منازلهم، لكن من أجل السماح للإسرائيليين بأن يرسموا لأنفسهم الخطوط والتصرُف بصورة ديمقراطية، ومن أجل أن يكون في استطاعة كل واحد منا أن يبلور رأيه في هذا الموضوع، فنحن في حاجة إلى إعلام متوازن إلى جانب أجندته المعروفة، ويعرض أيضاً الأرقام التي لا تتوافق معها.
  • ونكرر هذه الحقيقة المذهلة مرة أُخرى: وفق استطلاع معهد الأمن القومي، فإن 61% من الجمهور الإسرائيلي يعارض وقف القتال قبل القضاء على سلطة "حماس"، حتى لو كان معنى ذلك عدم عودة المخطوفين، على أمل عودتهم كلهم قريباً.