صفقة تبادُل الأسرى ستخلق وضعاً جديداً في مواجهة حزب الله، تستطيع إسرائيل استغلاله
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
صفقة التبادل
- يوجد الآن تحدّيان مركزيان. الأول، هو تحدي وقف القتال، والثاني هو عدد "المخربين" الكبير الذين سيتم تحريرهم في صفقة كهذه. القضية الإشكالية بينهما، وهي أيضاً السبب في التأخير، هي قضية "المخربين" الكثر، المحكومين بالمؤبدات، و"القتلة" الذين تطالب "حماس" بتحريرهم. من غير المؤكد ما إذا كانت إسرائيل والحكومة مستعدتين للموافقة على تحرير جماعي كهذا.
- تحدي وقف القتال يشكل عائقاً صعباً، لكن بصورة أقل، إذا استمر وجود "حماس"، فإنها ستبقى كما هي عليه، وستمنحنا المبرر للاستمرار في ضربها. السؤال هو: متى ستُعقد الهدنة الطويلة المرتبطة بصفقة التبادل، إذا عُقدت الصفقة أصلاً، وكيف ستتصرف إسرائيل خلالها في الجبهة الشمالية؟
الحملة المستقبلية في رفح
- من أجل إخضاع الذراع العسكرية لـ"حماس"، يجب احتلال رفح وتفكيك الكتائب التي لا تزال هناك. هذا مهم، لأن رفح تحولت إلى ملجأ لكثيرين من "مخربي حماس" الذين هربوا إليها، يوجد هناك لواء كامل و4 كتائب لم يلحق بهم الضرر تقريباً، كما أن رفح تقع على الحدود المصرية، ومعالجة الوضع هناك ستمنع "حماس" من إعادة بناء قوتها. لذلك، فإن السؤال ليس عن الحملة في رفح، إنما متى، وفي ظل أي ظروف؟
- الجهد المركزي للحملة في رفح هو الجهد السياسي، وليس العسكري- حكومة إسرائيل مطالَبة بتنسيق الخطوة مع المصريين، وتهدئتهم بالقول أننا لا ننوي نقل 1.4 مليون غزي، الذين تم إجلاؤهم إلى جنوب القطاع، نحو سيناء. هذا فضلاً عن أنه على الحكومة أن تضمن الدعم الأميركي، عبر تهدئة المخاوف الإنسانية بشأن مصير السكان هناك والضرر الذي يمكن أن يلحق بهم. سؤال آخر يجب على إسرائيل الرد عليه (بينها وبين نفسها) هو مَن سيوزع المساعدات الإنسانية على الغزيين الذين سينتقلون شمالاً؟
- وبكلمات أُخرى، إلى مَن ستؤول الصلاحية المدنية البديلة من "حماس"؟ انتقال السكان الغزيين إلى الشمال، أو إلى وسط القطاع، يجب أن يكون في إطار ما يسمى خطأً "اليوم التالي" (خطأ لأنه ليس غداً، بل اليوم). على الصعيد العسكري العملياتي، صحيح أن الحديث لا يدور حول رحلة، وأنه سيكون مركّباً وصعباً، لكن الجيش قام بمهمات مركّبة أكثر خلال هذه الحرب، ولا شك في أنه سيحسم أمام كتائب رفح أيضاً.
الجبهة الشمالية
- المواجهة مع "حزب الله" لا تزال تحت سقف الحرب، لكنها في حالة تصعيد. كلما عمّقت إسرائيل مبادراتها، وانتقلت إلى "إزالة التهديد" و"تفكيك البنى" و"اغتيال" القيادات الكبيرة، كلما صعّد حزب الله أيضاً عملياته. دينامية التصعيد المستمرة أفضل من الحرب- بما معناه استنزاف إسرائيل في معركة على جبهتين: في مقابل "حماس" في الجنوب، وضد حزب الله في الشمال.
- هدف حزب الله هو ضمان نجاة "حماس"، عبر دفع القوات الإسرائيلية إلى التركيز على الشمال، وتمديد وقت الحرب في الجنوب. دولة إسرائيل لا يمكنها السماح بذلك- 83 ألف مواطن تركوا منازلهم في الشمال، هذا واقع لا يُحتمل، ويجب تغييره. ولذلك، يجب العمل بعدة طرق:
- هناك درجة نعمل فيها الآن، عبر النيران المحدودة المتصاعدة، وأيضاً محاولات الوساطة الدولية (في الأساس أميركية وفرنسية). حتى الآن، النتائج متوسطة. الجانب الإيجابي هو أن أغلبية ناشطي قوة الرضوان غادرت المنطقة، وفي الوقت نفسه، فإن النيران لا تزال مستمرة، والسكان لم يعودوا إلى منازلهم، ولا نرى النهاية.
- الدرجة الثانية الممكنة، أنه في حال كان هناك تهدئة في الجنوب في أعقاب صفقة تحرير الرهائن، فإن إسرائيل ستستمر في العمل في الشمال. صحيح أن هذا سيبقى تحت سقف الحرب، لكن المنطقة هناك ستشهد تصعيداً في الضربات من أجل التوصل إلى تفاهمات سياسية. من جانب حزب الله، إن استمرار القتال ضد إسرئيل في وقت الاتفاق بشأن هدنة في الجنوب، هو أمر غير مفيد، لأن عمليات حزب الله الآن مرتبطة بوحدة الساحات، وبما يحدث في الجنوب، وإذا توصلنا إلى تهدئة في الجنوب، فلا معنى لاستمرار القتال بالنسبة إليه. صحيح أن هذا يمكن أن يدفع إلى تصعيد في الحرب، لكن يمكن أيضاً أن يؤدي إلى اتفاق ينهي المعركة في الجبهة الشمالية.
- الدرجة الثالثة، في حال لم تكن الثانية ناجعة، هي في الدخول في معركة واسعة، الهدف منها إزالة تهديد حزب الله، وإبادة قدراته في مجال النيران التي تهدد الحدود الشمالية (وفي نهاية هذه الدرجة أيضاً، يمكن التوصل إلى تفاهمات). الحرب ضد حزب الله ستخلّف أضراراً كبيرة جداً- لبنان لن يكون هو نفسه، بل سيشهد دماراً وخراباً لا يمكن وصفهما، لكن يجب الاعتراف، بصدق، بأن الجبهة الداخلية الإسرائيلية أيضاً ستصاب بأضرار كبيرة.
- كيف يرتبط هذا بقضية واحدة؟ هدنة من أجل عقد صفقة تبادُل رهائن، يمكن أن تُستعمل لفتح مواجهة جديدة مع حزب الله (أكثر من درجة ثانية). وفي نهاية هدنة تبادُل الأسرى، وبافتراض أن الحملة في رفح ستحدث، إمّا بسبب قيام "حماس" بمنحنا المبرر، وإمّا بسبب قرار إسرائيلي، في كل الأحوال، إن نتائج الانتقال إلى المرحلة الثانية في الشمال سيتم البحث فيها.
- إذا قام حزب الله بتجديد النيران، تزامناً مع تجديد إسرائيل العمليات في غزة- فستكون إشارة إلى أن الدرجة الثانية أيضاً لم تكن كافية لخلق وضع يمكنّنا من إعادة السكان إلى منازلهم، ويجب علينا العمل بشكل أكثر عدوانيةً (الدرجة الثالثة)، وإذا لم يجدد حزب الله إطلاق النار، فستكون إشارة إلى أن الحل مستقر، ويمكن البدء بخطوة إعادة السكان إلى الشمال.