لا يوجد بديل لنتنياهو
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • مجدداً، تأكد أنه لا يوجد بديل حقيقي لنتنياهو، ولا توجد معارضة حقيقية؛ فالتصويتان اللذان جريا في الكنيست في الأسبوع الماضي، إلى جانب سلوك أحزاب الوسط في الحرب، يثبت بما لا يقبل الشك أنه بالنسبة إلى المسائل الأساسية التي تحدد صورة الدولة كالاحتلال، والحرب والديمقراطية، فإنه لا توجد فوراق كبيرة بين اليمين والوسط واليسار الصهيوني، ففي هذه المسائل نجد أن دولة تتكلم بصوت واحد، ولديها وجهة نظر واحدة ورأي واحد؛ معاً ننتصر [شعار الحرب على غزة].

 

  • وهذه أمور مثيرة للدهشة، ولا سيما في مواجهة الصراع العاصف الدائر حالياً بين المعسكرات، والكل يتحدث عن انقسام وصدع وشرخ وغيره، بينما في الواقع لا يوجد خلاف فعلي في الأراء. وفي الإمكان الاعتقاد أن إسرائيل في الحرب كانت ستبدو دولة مختلفة لو قادها بني غانتس أو غادي أيزنكزت، أو يائير لبيد. لا وألف لا. ربما كان سلوكهم الشخصي أكثر وضوحاً وتواضعاً، لكن النتائج ستكون مشابهة بصورة مذهلة، وإليكم الدليل على ذلك.

 

  • بأغلبية محرجة؛ 99 ضد 9، أيد الكنيست قرار الحكومة معارضة الاعتراف "الأحادي الجانب" بالدولة الفلسطينية، والأجواء كانت عاصفة، وارتفعت الأيدي بصورة جارفة تأييداً للرفض الإسرائيلي. وتُعتبر السياسة الاحتلالية والاستيطانية لهذه الدولة هي ذروة الأحادية، تقف ضد العالم كله، وتتوحد بكل أطيافها ضد خطوة أحادية الطرف من المفترض أن تكون مقبولة من جانب نصف سكان البلد. يا له من عار، لكنه ليس مفاجئاً.

 

  • لم يكن متوقعاً التوحد بالكامل تقريباً لإقصاء عضو الكنيست، عوفر كسيف [بسبب موقفه المؤيد لشكوى جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية]. وهنا ليس المقصود الفلسطينيين والمناطق [المحتلة]، إنما المقصود هذه المرة هو الديمقراطية، وهي القضية التي أججت الدولة في السنة الماضية أكثر من أي قضية أُخرى؛ إذ انقسمت إسرائيل انقساماً كبيراً بين حراس الديمقراطية والذين يعملون على تقويضها، وفي أول امتحان ديمقراطي، توحّد الكل تقريباً وراء خطوة غير ديمقراطية خطِرة للغاية، فجميع الذين ناضلوا ضد الانقلاب الدستوري، وتقريباً جميع المدافعين عن الديمقراطية رفعوا أيديهم مع إقصاء عضو كنيست بسبب مواقفه وآرائه، أو فرّوا خوفاً من التصويت.

 

  • لقد انتصر الانقلاب الدستوري، وهذه المرة ليس فقط بأصوات اليمين، بل أيضاً بأصوات المعسكر الرسمي، وحزب "أمل جديد" و"يوجد مستقبل" وحتى حزب العمل. والهروب المهين لكل من غانتس وأيزنكوت ولبيد وميخائيلي ورفاقهم هو وصمة عار لكل الذين يتفاخرون بنضالهم دفاعاً عن الديمقراطية، فكان عليهم أن يصوتوا ضد القرار بصوت عالٍ وواضح، فَهُم يدركون أن نجاح هذه الخطوة مع كسيف، والتي تم إحباطها بـ 5 أصوات، معناه إقالة جميع أعضاء الكنيست من العرب، ولذلك هربوا، وهذا مزيد من العار الذي لا يُغتفر.

 

  • وفي الختام، يُكشف السلوك خلال الحرب؛ فاليسار والوسط أيدا كل حروب إسرائيل المحقة والإجرامية على حد سواء، لكنهما في الماضي كانا يعودان بسرعة إلى رشدهما، وفي كل حرب كانت هناك معارضة. أمّا في هذه الحرب الإسرائيلية الوحشية والعقيمة، فلا يوجد صوت معارض واحد في الكنسيت، حتى بعد مرور 4 أشهر، وسقوط 30,000 قتيل فلسطيني، باستثناء أصوات أعضاء الكنيست من العرب. وهناك جزء من الذين لا ينتمون إلى اليمين يؤيد الحرب من داخل الحكومة، وجزء يؤديها من خارجها، وكلّهم يرددون أغنية واحدة في جوقة يقودها اليمين. والعالم كله يدعو إلى وقف الحرب، بينما في الكنيست لا يوجد عضو صهيوني واحد يؤيد ذلك. فهل توجد ديمقراطية؟ أو معارضة؟ أو بديل؟ كلا.

 

  • الكراهية لنتنياهو فقط تذكّرنا بوجود معارضة، لكن هذه كراهية شخصية في الأساس؛ فهو كاذب، وفاسد، ولا يحب إلاّ نفسه، فقد تخلى عن المخطوفين، وباع روحه إلى اليمين الكهاني وشرعنه، وربما سيبقى هنا طوال الوقت، وهذا صحيح ومشين، لكن على الرغم من ذلك، فإنه لا يوجد بديل.