الخط الواصل ما بين العمليات الأخيرة في الضفة الغربية
المصدر
قناة N12

موقع إخباري يومي يضم، إلى جانب الأخبار، تعليقات يكتبها عدد من المحللين من الشخصيات الأمنية السابقة، ومن المعلّقين المعروفين.

  • الهجوم الذي وقع بالقرب من حاجز "الزعيم" على طريق مستوطنة "معاليه أدوميم" [جنوب شرقي القدس] يشبه في خصائصه سلسلة من عمليات إطلاق النار الأخيرة التي نفّذها "إرهابيون" من منطقة بيت لحم، والقدس الشرقية. وأهم ما يلفت النظر هو تشابُه الهجوم مع الهجوم الذي وقع بالقرب من حاجز الأنفاق (جنوب غربي القدس)، والذي نفّذه أيضاً عدد من الـ "مخربين" من منطقة بيت لحم [نفّذت الهجوم مجموعة من الشبان من مدينة الخليل، وليس من بيت لحم]، إلى جانب الهجوم الذي نُفّذ قرب مفترق الرام [شمالي القدس]، وبصورة أقل الهجوم الذي وقع في مدينة "رعنانا"، وهجوم في مستوطنة أدورا [قرب الخليل]. إحدى السمات الأُخرى المشتركة بين أغلبية الهجمات، هي أن مواطنين مدنيين مسلحين ومدربين على استخدام السلاح الناري هم مَن "حيّد" المنفّذين.

ما هي العبر المستفادة من ذلك؟

  1. إن الدافع إلى تنفيذ العمليات لدى بعض الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس مرتفع جداً. لسنا بحاجة إلى انتظار شهر رمضان، فـ"الإرهاب" موجود بيننا. إن الرغبة في إيذاء اليهود، مع الاستعداد للتضحية بالحياة في سبيل ذلك، هو أمر زرعته القيادة الفلسطينية بصورة ممنهجة في أدمغة الفلسطينيين، سواء أكانت "حماس"، أم السلطة الفلسطينية. وفي كل حين، وخصوصاً في أثناء فترات التوتر، عندما يتصاعد التحريض، سينطلق أولئك الذين يشعرون بالحاجة إلى ترجمة التزامهم بالنضال ضد الصهيونية، إلى تنفيذ عملية.
  2. يمكننا أيضاً أن ندرك أن التغطية الاستخباراتية لمنطقة الضفة غير كافية، وهذا يعود، جزئياً، إلى أن عدداً كبيراً من منفّذي الهجمات غير مطابق لـ"بروفايل" منفّذي الهجوم، والموجود لدى الأجهزة الاستخباراتية. فهؤلاء أكبر في السن، ولا ينتسبون، بالضرورة، إلى ناشطي المنظمات المعروفين، كما أنهم ناشطون جداً ومدفوعون بوازع ديني. فضلاً عن أن الإنجازات الاستخباراتية الإسرائيلية غير كافية فيما يتعلق بالجهود الهادفة إلى إحباط تسلُّح "المخربين" المحتملين.
  3. صحيح أن كل الإجراءات الهجومية الوقائية، على غرار مداهمة تجمعات "المخربين" في أرجاء الضفة، ومصادرة الأسلحة، وقتل مئات "المخربين" واعتقال الآلاف منهم، وتعزيز القوات في الميدان وتنفيذ الخطوات العقابية بحق "المخربين"، مع التركيز على هدم المنازل، أمور كلها تنجح في إحباط كثير من الهجمات، لكنها غير كافية لخفض منسوب "الإرهاب" إلى مستوى أقل.

4.  يمكننا أيضاً أن ندرك أنه لم يتم، بصورة كافية، تقديم جهود وقائية في نقاط الضعف المعروفة: الحواجز العسكرية، محطات الباصات، والسيارات الإسرائيلية التي تسير في الشوارع.

ما الذي يجب (ويمكن) فعله إذاً؟

  • علينا أولاً تحسين عمليات التعلم على جميع المستويات، وفي جميع مكونات المنظومة الأمنية، لكي يصبح في إمكاننا إنجاح جهودنا في إحباط الهجمات. يمكننا أن نصعّب حدوث هذه الهجمات بواسطة الحواجز وعمليات التفتيش المفاجئة ما بين المناطق التي يأتي منها "المخربون" في التجمعات السكنية الفلسطينية، وبين المناطق التي يسكنها الإسرائيليون ويتحركون فيها [مناطق C التي تشكّل ما نسبته 61% من مساحة الضفة الغربية]. كما يمكن أيضاً تحويل مناطق الازدحام المروري القريبة من نقاط الضعف، وخصوصاً الحواجز العسكرية، إلى منطقة محمية، كما قرر الجيش العمل الآن في منطقة حاجز الزعيم بعد وقوع الهجوم، كما يجب تحسين الاستجابة الأمنية.
  • وأخيراً، يتعين علينا مواصلة جهودنا المبذولة الآن في محاولة مكافحة "الإرهاب"، الإدراك أن الحملة ضد "الإرهاب" في الضفة الغربية، في موازاة القتال على الجبهات الأُخرى، ستستمر وقتاً طويلاً، وستكبّدنا أثماناً باهظة. لا يمكننا الاعتماد على السلطة الفلسطينية لإحباط "الإرهاب"، وللأسف الشديد، يبدو أننا تصالحنا مع هذا الواقع الغريب منذ الآن. وعلى الرغم من ذلك، فإننا يجب أن نطالب السلطة بالقيام بدورها، واتخاذ إجراءات ضدها ما دامت تواصل التحريض والتشجيع على "الإرهاب" من خلال دفع الرواتب لـ"الإرهابيين، وأن نوضح للفلسطينيين، من خلال مواصلة بناء المستوطنات في الضفة الغربية في إطار القانون، أن "الإرهاب" لا يفيد.
  • أهمية التصدّي "للإرهاب" في الضفة الغربية، تتخطى إنقاذ الأرواح، ولها أيضاً أهمية استراتيجية. ففي ضوء جهود "حماس" في إشعال النار في أوساط الفلسطينيين في الضفة الغربية من أجل زيادة الضغط على إسرائيل، والتشديد على تأييد الناس لها، ولقرارها تنفيذ "مجزرة" 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وفي مواجهة جهود إيران من أجل زيادة قدرات "الإرهاب" في منطقة الضفة. وعلى الرغم من تسلسُل الهجمات، فإنه يمكننا القول إن "حماس" وإيران لم تنجحا. في ضوء هذه الحقيقة، وفي ظل اقتراب شهر رمضان، من المهم أن يكون الاعتبار الأمني هو الاعتبار المهيمِن على ترسيم السياسات بشأن إصدار التصاريح للمصلّين إلى حرم المسجد الأقصى، إلى جانب تصاريح دخول العمال الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى إسرائيل.