نحن على الطريق إلى "دولة بن غفير"
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف
  • سجّلوا أمامكم كي لا تتفاجأوا. ما رأيناه مساء يوم السبت في شوارع تل أبيب هو البداية فقط. بمرور الوقت، سيبدو طبيعياً أكثر. ككل شيء صعب آخر في الدولة، سننجح في التعود عليه، وهذا ما سيجري أيضاً لعنف الشرطة.
  • الشرطة تتصرف بعنف منذ وقت طويل. سنوات طويلة، وهذا العنف موجّه أساساً إلى الفئات الضعيفة في المجتمع، كالعرب والحريديم، وحتى اليهود من أصول أثيوبية، وأحياناً، إلى فئة ذوي الحاجات الخاصة على الكراسي المتحركة. هل هناك مَن يعيّن أشخاصاً عنيفين في الشرطة؟ وإلّا كيف يمكن شرح ما فعله الشرطي الذي صوّب من على ظهر حصانه ضربة باللجام إلى رأس إنسان متقدم في السن، أو كيف يمكن تفسير إصابة سيدة بسبب الحصان، وهي تقوم بقطع الطريق، أو إصابة أشخاص كثُر لأنهم تظاهروا فقط، وتم نقلهم إلى المستشفيات، بعد إصابتهم بخراطيم المياه في عيونهم.
  • حتى أفراد عائلات الرهائن الذين وصلوا إلى ساحة كابلان، وهم يرفعون المشاعل - أصيبوا بخراطيم رش المياه. وبحسب متظاهرة في كابلان، لقد بدت الأمور "كما في الأنظمة الظلامية التي نراها في الأفلام، ونخاف من أن هناك شرطة تتصرف على هذا النحو". مضيفةً أن "الأحصنة تنحرف عن الطريق لإخافة السيدات المتقدمات في السن اللواتي لا يهدّدن أحداً، 20 شرطياً أحاطوا بـ5 أشخاص، بينهم رجل عسكري سابق متقدم في السن، وأغلقوا عليهم الطريق. كل ما جرى كان عنيفاً وهجومياً. سيدات سقطن على حافة الطريق، خوفاً من الأحصنة، وإحداهن داسها الحصان. وفي لحظة، شعرت بأنني تحولت من مواطنة عادية إلى وضع يتوجب فيه عليّ الانصياع للنظام. لقد كان عرض للقوة والعنف لا مبرر له".
  • يبدو أن عنف الشرطة منتشر في العالم أجمع.  لقد عكست حركة "حياة السود مهمة" في أميركا هذا الأمر بصورة لافتة، وفي دول أُخرى، يمكن أن نلمس ميل الشرطة إلى ممارسة العنف والسادية. لكن فقط في إسرائيل، وبصورة خاصة في فترة بن غفير، الشرطة لا تُعاقب، وأحياناً لا يُفتح حتى تحقيق. بل على العكس، يتم وعدهم بالترقية. أو كما قال بن غفير: "إذا كتبوا عنكم في ’هآرتس’، فتعالوا لنتحدث عن ترقية لكم".
  • يجب القول بوضوح إن الشرطة كانت عنيفة قبل تعيين بن غفير في المنصب. هذا المنصب الذي تغيّر، من صفة وزير الشرطة إلى وزير الأمن الداخلي، وصولاً إلى وزير الأمن القومي، لكنه لا يزال وزيراً للشرطة. الجهاز الذي يسمي نفسه "قسم التحقيقات مع الشرطة" مركّب أساساً من أفراد الشرطة، ويعتبر أن وظيفته الأساسية التغطية على عمل الشرطة التي تقترب من المخالفات الجنائية. النيابة العامة التي تعاني منذ معالجتها قضية نتنياهو، بعيدة كل البعد عن معالجة المشكلة.
  • منذ تأليف الحكومة الحالية، وبرعاية الوزير النشيط، ارتفعت نسبة العنف، وتوسعت الفئات التي يستهدفها هذا العنف. لقد تحول معارضو النظام إلى هدف شرعي للعنف الذي لا يعرف الحدود. المتظاهرون ضد الحكومة - بدءاً بالضباط الكبار في جيش الاحتياط، مروراً بالمسنين والنساء الشابات، وصولاً إلى طلاب المدارس الثانوية وأهالي الرهائن لدى "حماس" والعائلات الثكلى، وكل مَن يمرّ على الطريق بالصدفة- جميعهم أهداف شرعية للشرطة. حتى مَن نشر في وسائل التواصل الاجتماعي منشوراً ضد النظام، فيتم استدعاؤه إلى التحقيق في أقرب مركز للشرطة.
  • حالياً، المعتقلون الذين يتم توقيفهم بسهولة وإحضارهم إلى المحكمة، يُطلق سراح أغلبيتهم من دون قيود. لكن المسألة مسألة وقت حتى ينجح وزير العدل بضم القضاة إلى دائرة الشر. وهذه ستكون أيضاً البداية.
  • في الأسابيع المقبلة، ستتصاعد الاحتجاجات. جنود الاحتياط سيعودون إلى بيوتهم، ويخرجون إلى الطرقات. وتردّد قيادات الاحتجاجات بشأن الخروج إلى الشوارع، وإن كان الوقت حان - سيُحسم. استمرار الحرب، وامتناع السلطة الحالية من الاتفاق على موعد الانتخابات - سيزيدان في الغضب. ومع امتلاء الطرقات بالمتظاهرين والمطالبة بانتخابات - ستزداد مطالب وزير الشرطة بزيادة القوة، وزيادة العنف.
  • مجموعات من الزعران المسلحين، الذين يرتدون ملابس كُتب عليها "صفوف التأهب"، تنتشر في بعض البلدات. حتى الآن، هم يزعجون العرب في الأساس، لكن المسألة مسألة وقت للبدء بالتصدي لكل مَن يبدو لهم يسارياً.
  • وهذا كله يحدث في الوقت الذي تستمر الحرب في غزة، والتصعيد في الشمال، والضفة الغربية مشتعلة، وفي وسط البلد، الشرطة تعتدي على المتظاهرين. هل هناك وصف أكثر دقةً لدولة لم نكن نريد أن نشبهها؟
  • كنا نتوقع أن نسمع من رئيس الحكومة انتقادات لِما تقوم به الشرطة. أن يقوم مثلاً بتوبيخ الذين فقدوا السيطرة على أنفسهم، بوضوح. لكن هل كنا نتوقع ذلك فعلاً؟ فكيف يمكن أن يكون لدينا توقعات ممن امتنع من توجيه أي انتقاد إلى الجهات المتطرفة في حكومته، كلامياً أو عملياً، وذلك بسبب التخوف من خسارة الائتلاف الخاص به الذي يتكون من 64 مقعداً. وكيف يمكن أن يكون لدينا توقعات من شخص، كل ما يقوم به سياسي، ولا يحرّكه إلّا المصلحة الشخصية في البقاء. وممّن تنازل عن مقعده، مرة لياريف ليفين، ومرة لإيتمار بن غفير. ولتحترق الدولة.
  • وفعلاً، هذه فقط البداية. بعد قليل، سيبدأون بدق أبواب كل مَن وضع "لايك" على أي منشور في الفايسبوك، أو تويتر، ويدخلون إلى منزله، ويعتقلونه بعد تفتيش خزانته.
  • بعد قليل، سيعتقلون الصحافيين المعارضين لهم، ويدعونهم إلى التحقيق في الأقبية.
  • وبعد قليل أيضاً، سيغلقون المتاحف والمسارح التي لا تتماشى مع دولة بن غفير. هل هناك مَن يشك في أن هذا ما نحن عليه، أو أننا سنصبح دولة بن غفير؟ أو على الأقل، أننا في الطريق إلى هناك؟
  • لكل مَن يبدو متفاجئاً، الجواب نعم. نحن على الطريق إلى هناك.