الولايات المتحدة تنقذ "حماس"
تاريخ المقال
فصول من كتاب دليل اسرائيل
أحمد عز الدين أسعد, منير فخر الدين
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- عندما لوّح الرئيس جو بايدن بإصبعه محذراً وكرر كلمة "Don’t"، اعتقدنا أنه كان يقصد إيران، وحزب الله، وربما سورية، ومع مرور الأيام اتضح أنه يقصد إسرائيل، وفي الأيام الأخيرة يبدو أنه يقصد حصراً إسرائيل. والآن، حان وقت العقوبة؛ فـ"إذا تجاهلت إسرائيل معارضتنا لاحتلال رفح، فإن الولايات المتحدة ستمنع الجيش الإسرائيلي من استخدام السلاح الأميركي"، كما جاء في تحذير الإدارة الأميركية.
- بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، عادت الإدارة الأميركية إلى صيغة "دولتين لشعبين"، ولم تكتف بذلك، فها هي تفرض على إسرائيل كيف تدير تكتيكياً المعركة في غزة ولبنان. كما انضم إلى انتقادات الرئيس المتكررة لنتنياهو طاقم الإدارة الأميركية، وأصبحت الإحاطات السلبية أمراً يومياً، وهذا دليل، بالنسبة إلى الذين في حاجة إلى دليل، على التدخل العميق (وغير المسبوق) في مجال الأمن القومي الإسرائيلي الأساسي.
- يشرح المختصون لدينا بالشؤون الأميركية، والذين هم موالون لأميركا أكثر من الأميركيين أنفسهم، أن بايدن "أهم صديق عرفته إسرائيل" يخوض سباقاً انتخابياً، ويتخوف من الجناح التقدمي في حزبه، ولذلك، يجب القبول بسياسته، حتى لو كانت على خطأ هنا وهناك (أو أن طاقم الحملة الانتخابية والإدارة يؤثرون في قراراته)، ويتساءلون: "ماذا يمكن أن تفعل إسرائيل من دون المساعدة الأميركية؟"
- هذا الولاء للولايات المتحدة، وخصوصاً للرئيس بايدن، يشبه ولاء الحسيديم [المتدينين المتشددين] أمام كبار حاخاماتهم، أو تجاهل أنصار نتنياهو لإخفاقاته (بما في ذلك احتضانهم له بعد تقرير كارثة ميرون، واتهامهم لجنة التحقيق بأن لديها دوافع "يسارية"). في الإمكان أن نحب أميركا، ويجب أن نكون شاكرين لها على ما قدمته إلينا، لكن يجب ألاّ نقع في الفخ كسياسيين ورجال أمن وأكاديميين وإعلاميين، ونكون كالحسيديم الحمقى.
- إن سياسية بايدن إزاء إسرائيل ربما يكون لها تأثير سلبي وغير ظاهر في فرص اختياره كمرشح للديمقراطيين للرئاسة، وهذا ما ستثبته نتائج "Super Tuesday" [الانتخابات التمهيدية التي تجري عادة في شباط/ فبراير في الحزبَين؛ الجمهوري والديمقراطي، لاختيار مرشحهم للرئاسة]، وخصوصاً في الانتخابات في تشرين الثاني/نوفمبر. لمصلحة مَن سيصوت الجناح الديمقراطي الذي ليس لديه بديل؟ هل يصوتون لمصلحة دونالد ترامب؟ وعلى الرغم من السيئات التي يجدها هذا الجناح في بايدن، فإنه سيصوت له في الانتخابات كعادته بنسب عالية جداً، من أجل إنقاذ الولايات المتحدة من ترامب، العقاب الحقيقي.
- في الماضي، كتبتُ أن المقاربة الأميركية لحل النزاع هي مقاربة ساذجة، وتدفقت عليّ الردود كالعادة. وأكرر قَولي؛ بايدن وإدارته لم يتعلما شيئاً، ولم ينسيا شيئاً عندما اقترحا صيغة يمكن لإسرائيل، حتى إذا كان اليسار في السلطة، أن تتعايش معها، (ويمكن لأميركا أن تتعايش معها إذا كانت ترغب فعلاً بوجود دولة يهودية على جزء من أرض إسرائيل).
- إن الضغوط من أجل التوصل إلى وقف إطلاق نار ("إنساني")، والتي انضمت إليها مؤخراً كامالا هاريس، نائب الرئيس الأميركي، تدل على جهل وهو أسوأ من السذاجة، والنتيجة واحدة؛ مواصلة "حماس" السيطرة على القطاع والحصول على تأييد واسع في الضفة الغربية "للمذبحة" التي ارتكبتها في الغلاف. ويجب أن تعلم هاريس أن "حماس" تعارض تماماً حل الدولتين. أنتِ تريدين فرض سياسة من دون أن تكوني على علم بذلك، وإدارتكِ التي تدّعي أنها تقود العالم الحر مؤلفة من شخصيات مثلك لا تفهم تحديات المنطقة، عندما نلخص كل الإخفاقات الدولية للسياسة الخارجية الأميركية، وكل التحديات التي يواجهها العالم الحر.
