أفاد تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية أمس (الخميس) بأن الولايات المتحدة وافقت على أكثر من 100 صفقة بيع أسلحة، وسلّمتها إلى إسرائيل منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، بحسب ما بلّغ مسؤولون أميركيون الكونغرس مؤخراً في إطار إحاطة سرّية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين، لم تسمّهم، قَوْلَهم إن هذه الصفقات شملت آلاف الذخائر دقيقة التوجيه، والقنابل ذات القطر الصغير، بالإضافة إلى أسلحة أُخرى، وأكّدوا أن هذه الصفقات لم تكن في حاجة إلى موافقة الكونغرس، لأن تكلفة كل صفقة منها كانت أقل من الحد الأدنى الذي يتطلب أخذ موافقة كهذه.
وقال جيريمي كونينديك، المسؤول السابق في إدارة جو بايدن، للصحيفة إن العدد الاستثنائي من المبيعات على مدار فترة زمنية قصيرة جداً يشير إلى أن إسرائيل لن تكون قادرة على مواصلة حربها ضد حركة "حماس" في قطاع غزة من دون هذا المستوى العالي من الدعم الأميركي.
ودعا كونينديك، وهو الرئيس الحالي لمنظمة اللاجئين الدولية، الولايات المتحدة إلى استخدام مبيعات الأسلحة للضغط على إسرائيل لقبول وقف لإطلاق النار في غزة.
وقال الناطق بلسان وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، للصحيفة إن إدارة بايدن اتبعت الإجراءات التي حددها الكونغرس نفسه لإبقاء أعضائه على اطّلاع جيد، وهي تقوم بإطلاع أعضاء الكونغرس بانتظام، حتى عندما لا يكون إطلاع كهذا شرطاً قانونياً. وأشار إلى أن المسؤولين الأميركيين تواصلوا مع الكونغرس بشأن شحنات الأسلحة إلى إسرائيل أكثر من 200 مرة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وأشار التقرير إلى أن جميع المسؤولين الأميركيين الذين تحدثوا إلى الصحيفة رفضوا الكشف عن العدد الإجمالي للأسلحة الأميركية التي تم نقلها إلى إسرائيل منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر أو الكشف عن تكاليفها.
وكان المحلل السياسي في صحيفة "واشنطن بوست"، ديفيد إغناتيوس، ذكر في تقرير له أول أمس (الأربعاء) أن الولايات المتحدة تدرس على ما يبدو اتخاذ خطوات لمنع إسرائيل من استخدام الأسلحة الأميركية في هجوم مخطط له على مدينة رفح جنوبي غزة، والتي نزح إليها أكثر من نصف سكان قطاع غزة خلال الحرب. وأشار إلى أن الولايات المتحدة أكدت أن على إسرائيل أن تُظهر أن لديها خطة لحماية المدنيين عندما تشن هجوماً برّياً في هذه المدينة الواقعة في أقصى جنوب القطاع. وقالت إسرائيل من جهتها إنها ستقوم بإجلاء السكان، لكنها لم توافق بعد على خطة عملياتية للجيش، ولم تعلن المكان الذي سيذهب إليه السكان المدنيون.
وكتب إغناتيوس أن الرئيس الأميركي جو بايدن ومسؤولين آخرين لم يتخذوا أي قرار بشأن فرض شروط على الأسلحة الأميركية، لكن حقيقة أنهم يناقشون كما يبدو خطوة متطرفة كهذه تُظهر قلق الإدارة المتزايد بشأن الأزمة في غزة.
ونُقل عن السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل، مارتن إنديك، قوله في التقرير: "إذا شنّت إسرائيل هجوماً في رفح من دون توفير الحماية الكافية للسكان المدنيين النازحين، فربما يؤدي ذلك إلى حدوث أزمة غير مسبوقة في العلاقات الأميركية الإسرائيلية، حتى فيما يتعلق بإمدادات الأسلحة."
وتواجه إدارة بايدن دعوات متزايدة من نواب ديمقراطيين إلى دفع إسرائيل إلى تخفيف الأزمة الإنسانية، إذ قال البعض إنهم ربما يحاولون وقف المساعدات العسكرية التي وافق عليها الكونغرس إذا لم تتحسن أوضاع المدنيين.
وقال السيناتور كريس فان هولن، وهو عضو ديمقراطي في لجنة العلاقات الخارجية، في تصريحات لـ "واشنطن بوست": "يتعين علينا استخدام كل النفوذ الذي لدينا. لم تستخدم الإدارة هذا النفوذ حتى اليوم. لا أعرف كم عدد الأطفال الآخرين الذين يجب أن يتضوروا جوعاً قبل أن نستخدم كل أدوات نفوذنا هنا، لكن ينبغي عليهم حقاً فعل المزيد."
وطالب فان هولين وغيره الإدارة بوقف المساعدات العسكرية إلى إسرائيل إذا لم تتخذ حكومة بنيامين نتنياهو خطوات كفتح المعابر إلى غزة أمام شحنات المساعدات.
وأشار فان هولين إلى أن القانون الأميركي يحظر مبيعات الأسلحة إلى دول تمنع المساعدات الإنسانية، وقال إنه، إلى جانب مشرعين آخرين، ربما يحاولون منع مبيعات أسلحة جديدة إلى إسرائيل إذا لم تعالج حكومتها الأزمة.