المصلحة الإسرائيلية تقتضي البدء بمفاوضات بشأن مَن سيحكم غزة
المصدر
مكور ريشون

صحيفة إسرائيلية يومية بدأت بالظهور في سنة 2007. تميل نحو مواقف اليمين وتؤيد نشاطات المستوطنين في الضفة الغربية، كما تعكس وجهة نظر المتدينين في إسرائيل.

المؤلف
  • مرت خمسة أشهر منذ نشوب الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر. وهذا التاريخ يبرر إجراء ميزان مرحلي لإنجازات هذه الحرب وتحدياتها. وخلافاً للأجواء المتشائمة في الخطاب الإعلامي، فإن إسرائيل وجهت ضربة قاسية إلى "حماس"، وهي تحتل كل أراضي القطاع تقريباً، كما قُتل أكثر من عشرة آلاف "مخرب"، وأصيب كثيرون بجروح بليغة تجعل من الصعب عودتهم إلى القتال، وجرى تدمير الجزء الأكبر من الصواريخ التي لم تُستخدم، فضلاً عن عدد كبير من الأعتدة العسكرية. كما دُمرت معامل تصنيع السلاح، وجرى تفجير العديد من الأنفاق.
  • بالإضافة إلى هذه المعطيات، لقد أصبح قطاع غزة مدمراً إلى درجة أن أي جهة ستسيطر عليه في السنوات المقبلة، ستحتاج إلى تخصيص كل جهودها من أجل إعادة الإعمار. علاوةً على ذلك، إذا كانت الحرب المتعددة الجبهات بمثابة أحد أكبر مخاوف إسرائيل، فإن حجم الدمار في غزة يشكل سبباً وجيهاً لأي طرف في المنطقة لكي يفكر جيداً قبل أن يتحدى إسرائيل.
  • إلى جانب الإنجازات، هناك طبعاً التحديات: 134 مخطوفاً، أحياء وأمواتاً، ما زالوا في أسر "حماس"، كما أن الحركة لم تعلن استسلامها، وليس واضحاً ما إذا كانت ستفعل ذلك، واحتمال أن تعود إلى السيطرة على القطاع إذا خففت إسرائيل من ضغطها، لا يزال موجوداً. وهناك تخوف كبير من أنه ما دامت إسرائيل لا تسيطر على الحدود بين القطاع ومصر، فمن المحتمل أن يجري تهريب مزيد من السلاح، من فوق الأرض، ومن تحتها. هناك أيضاً التحديات الأميركية والدولية؛ وأهمية المحافظة على تأييد الدول الغربية للموقف الإسرائيلي، ومواجهة الانتقادات الأميركية الكثيرة المتعلقة بالمساعدات الإنسانية، وبشأن عدم وجود خطة لإنهاء القتال و"اليوم التالي للحرب".
  • بالإضافة إلى هذه المخاطر، هناك مخاطر محددة في الأسابيع القادمة. الهجوم على رفح يتأخر، سواء بسبب انتظار إسرائيل نتائج المفاوضات بشأن صفقة المخطوفين، أو بسبب التحذير الأميركي من النتائج الخطِرة التي تترتب على مثل هذا الهجوم، وخصوصاً إذا لم يسارع المليون شخص هناك إلى مغادرة المكان. والنتيجة أن الجيش الإسرائيلي هو اليوم في حالة من الغرق تشبه حالته بعد 18 عاماً من الوجود العسكري في الجنوب اللبناني. وبعكس الأشهر الماضية، اليوم، لا توجد دينامية هجومية للجيش الإسرائيلي في القطاع، بل هناك حالة من المراوحة في أراضي العدو. ونسمع في الأيام الأخيرة عن إصابة جنودنا، ليس في عمليات هجومية لاحتلال أراضٍ لم يجرِ احتلالها، لكن جرّاء كمائن "حماس"، أو تفجير عبوات ناسفة.
  • الغرق هو وضع سيئ جداً، ويجب منعه بقدر الممكن. يجب ألّا تسمح إسرائيل لـ"حماس" بالمماطلة في المفاوضات أسابيع وشهوراً. إعادة المخطوفين هو هدف مهم للحرب يجب تحقيقه، لكنه هدف ثانوي، لم نخُض الحرب من أجله. وفي الماضي، جرت عمليات استعادة مخطوفين من خلال المفاوضات، وليس من خلال الحرب. إن الهدفين الأساسيَين للحرب، القضاء على سلطة "حماس"، ومنعها من العودة إلى الحكم، يمكن أن يتحققا في إطار عملية سياسية تتضمن، طبعاً، إعادة المخطوفين، أو من خلال السيطرة العسكرية على أراضي القطاع كلها. ومن أجل ذلك، لا حاجة إلى السيطرة على مدينة رفح، على الرغم من فائدتها، بل هناك ضرورة للسيطرة على محور فيلادلفي على طول الحدود مع مصر.
  • في إمكان إسرائيل أن تقترح على مصر والدول الوسيطة أن تتحمل هي السيطرة على محور فيلادلفي، من دون تحقيق هذا الهدف بواسطة القتال. وإذا جرت الموافقة على ذلك، وهو أمر ضئيل المعقولية، لكنه ليس مستحيلاً، سيكون الأفضل. وإذا لم يحدث، سيكون علينا القتال.
  • لكن استبدال حُكم "حماس" بحكم آخر يتطلب حواراً سياسياً، نحن نتردد في البدء به. إذا كانت النية أن تسيطر إسرائيل هناك عدة سنوات، فلا حاجة إلى الحوار، لكن مثل هذا السيناريو سيعيد جنود الجيش الإسرائيلي إلى وضع سيئ، وسيضر بالعلاقات مع الولايات المتحدة، ومع مصر، وسيجبر الاقتصاد الإسرائيلي على توظيف موارد لا يملكها في صيانة القطاع وإعادة إعماره.
  • لذا، فإن المصلحة الإسرائيلية تقتضي، تحديداً، البدء فوراً بمفاوضات بشأن مَن سيحل محلنا في السيطرة المدنية على القطاع، جهة قادرة من الناحية الاقتصادية على العمل على إعادة إعمار القطاع ونزع سلاحه، وتسمح لنا بالتدخل عسكرياً عند الحاجة. وبدلاً من تعريض الصدقية السياسية الإسرائيلية للخطر في نقاشات عقيمة بشأن هوية هذه الجهة، من الأفضل أن تعرض إسرائيل شروطها الرئيسية، وأن توضح مَن هو المستعد والمهيأ لتلبيتها، ويكون مقبولاً منها.