ماذا تعلّمت "حماس" من حزب الله؟
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- خلال الأعوام العشرة الأخيرة، تابعت إسرائيل عن قُرب ما يحدث في الحدود الشمالية، تخوفاً من أن "السيئ سيأتي من هناك"، وفي هذه الأعوام، تزوَّد حزب الله بأكثر من 150,000 صاروخ، وبنى قوّة مقاتلة يصل تعدادها إلى عشرات آلاف المقاتلين، هدفها احتلال الجليل. وكما هو معروف، فقد كان لدى "حماس" فقط 15,000 صاروخ، بينهم عدد قليل جداً للمدى البعيد، وكانت ترى إسرائيل في قوّة النخبة الخاصة بها عصابات لا تشكّل تهديداً حقيقياً. ومن غير المستغرَب أن إسرائيل تخوّفت من أن حزب الله سيضرب أولاً، وبذلك يجر إسرائيل إلى "حرب الشمال الأولى"، والتي تمتد من رأس الناقورة وعلى طول السياج الحدودي، وأيضاً في العمق السوري، وفي العراق، وحتّى إيران.
- إلاّ إنه، وبعكس جميع التوقّعات والتقديرات، فإن "حماس" هي التي بادرت وفاجأت إسرائيل وضربتها في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وقتلت أكثر من 1200 من مواطنيها، بينهم نساء وأطفال.
- إن التنظيمَين "الإرهابيَين" حزب الله و"حماس"، أُقيما وبدأ كلاهما العمل خلال الثمانينيات؛ الأول كذراع إيراني، والثاني كذراع لحركة الإخوان المسلمين السنية. وكان من الواضح أن حزب الله هو التنظيم الأكبر الذي يسبق دائماً "حماس"، وهذا بسبب علاقته بإيران؛ القوّة العظمى الإقليمية التي منحته المساعدات العسكرية والاقتصادية، وأيضاً بسبب العمق الذي منحته إيّاه الساحة اللبنانية التي عمل فيها، والآن تشكّل سورية والعراق وإيران بالنسبة إليه عمقاً استراتيجياً لا تملك "حماس" شبيهاً له.
- إذاً، فإن حزب الله كان المعلّم، و"حماس" كانت التلميذ المجتهد. وكان الأمر قبل كل شيء يتعلق بأساليب القتال ضد إسرائيل، التي أخذها حزب الله من إيران، وبعد ذلك مرّرها إلى "حماس"؛ وعلى سبيل المثال، خلال الـ 100 عام الأولى من الصراع اليهودي – العربي لم نشهد عمليات انتحارية في أرض إسرائيل، وإيران هي التي صدّرت هذا النوع من العمليّات، التي استعملتها بصورة واسعة خلال حرب إيران - العراق، ومن ثم، بدأ حزب الله يستعملها في الثمانينيات ضد أهداف غربية، وضد قوّات الجيش الإسرائيلي.
- من بعدها جرى نقل المعرفة والخبرة من حزب الله إلى "حماس" التي، في بداية التسعينيات، بدأت تفعّل "مخربين" "انتحاريين" ضد إسرائيل، وهذا ينطبق أيضاً على خطف الجنود والمدنيين، وبناء القوة العسكرية التي تستطيع تنفيذ عمليات في منطقة العدو، وفي النهاية، والأهم من ذلك، هو بناء قوّة صاروخية يصل تعدادها إلى عشرات الآلاف من الصواريخ، تمنحها القوة لإلحاق الضرر في إسرائيل، وبصورة أساسية، ردعها عن الرد أو المبادرة إلى ضربة استباقية.
- لقد علّم حزب الله "حماس" أيضاً كيف تحصل على غطاء سياسي وتزرع ذاتها في وسط المجتمع المدني، وهو ما حدث في لبنان حين عمل حزب الله تحت غطاء الدولة التي تمنحه الشرعية والدعم في أواسط المجتمع الشيعي الذي يدعمه. وكذلك الأمر في غزة، فقد حوّلت "حماس" سكّان القطاع إلى دروع حيّة في مشروع "الإرهاب" الخاص بها، واستعملت التنظيمات الدولية التي منحت المجتمع خدمات التعليم، والصحة، والرفاه، وبهذه الطريقة عززت حكمها.
- وتعلّمت أيضاً "حماس" من حزب الله عقيدة المواجهة مع إسرائيل، والتي تقوم على صراع طويل يجب خلاله ضربها وعدم منحها الهدوء للحظة، وذلك بهدف استنفادها ودفعها إلى الانهيار عندما تتلقّى الضربة النهائية.
- وعلى الرغم من ذلك، فإن "حماس" لم تفاجئ إسرائيل فقط، بل أيضاً حزب الله وإيران، وذلك عندما أخذت المُبادرة وخرجت في هجوم شامل، الهدف منه ليس خطف جندي أو احتلال موقع أو بلدة، إنما تفكيك إسرائيل كلياً.
- لا توجد إجابة واضحة بشأن ما إذا كان حزب الله قد خطط للقيام، بنفسه، بهجوم على إسرائيل و"حماس" سبقته وسلبت منه عنصر المفاجأة، أم إن التلميذ تفوّق على أستاذه، وقرّرت "حماس" الذهاب خطوة أمام حزب الله.
- حزب الله، ووراءه إيران، هما "رأس الأفعى"، وسبب مشكلات إسرائيل الأمنية، وهذا أيضاً ما يجب تذكّره عندما نبحث مسألة كيفية التعامل مع التهديد الذي يفرضه حزب الله علينا في الحدود الشمالية.