نتنياهو منح أحزاب اليمين الهامشية قوة هائلة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

  • في السبعينيات، وخلال الانقلاب السياسي الأول [صعود حزب الليكود للمرة الأولى إلى سدة الحكم]، كان الليكود الحزب الأكثر يمينية؛ إذ أيد زعيمه مناحيم بيغن بإخلاص مبدأ أرض إسرائيل الكاملة. وفي سنة 1979، جرى توقيع اتفاق السلام مع مصر، وكان من بنوده ضرورة إخلاء المستوطنات الإسرائيلية في رفح، بما فيها مدينة يميت، وهنا عارض عضوا الكنيست من الليكود، غيؤولا كوهين وموشيه شامير، الاتفاق والإخلاء، وقررا الاستقالة وتأليف كتلة جديدة تحمل اسم حلف المؤمنين بأرض إسرائيل الكاملة، وحينها، وللمرة الأولى، نشأ حزب أكثر يمينية من الليكود.
  • وقُبيل الانتخابات للكنيست العاشر، والتي جرت في حزيران/يونيو 1981، غير كوهين وشامير كتلتهما إلى حزب جديد اسمه "هتحيا"، وكان ناخبوه من المؤيدين بصورة أساسية لمبدأ أرض إسرائيل الكاملة، وإقامة المستوطنات في قلب الضفة الغربية، ومن المعارضين لتسوية تتضمن الانسحاب الإقليمي الإسرائيلي. وقد حصل هذا الحزب في الانتخابات على 3 مقاعد في الكنيست، والشخصية التي تولت رئاسة الحزب كانت محترمة جداً، وهي يوفال نئمان، وهو فيزيائي له شهرة عالمية، ونال جائزة إسرائيل في الفيزياء في سنة 1969، وتولى رئاسة جامعة تل أبيب (1971-1975).
  • وشارك هذا الحزب في الحكومة مرتَين؛ مرة سنة 1982، خلال حرب لبنان الأولى، انضم خلالها إلى حكومة بيغن، ومرة ثانية سنة 1990، دخل حينها الحكومة التي ألفها يتسحاق شامير. وفي انتخابات الكنيست الـ 13 (حزيران/يونيو 1992)، لم يتمكن حزب "هتحيا" من تجاوُز نسبة الحسم (التي كانت 1.5%)، واختفى تماماً من الساحة السياسية.
  • أمّا حزب اليمين الثاني، فكان حزب "تسومت" الذي أقامه رفائيل إيتان سنة 1988 قبل انتخابات الكنيست الـ 12، وكان حزباً يمينياً علمانياً، وحصل في الانتخابات على مقعدَين فقط. لكن في الانتخابات التالية، حدثت المفاجأة بِنَيْلِهِ 8 مقاعد، وقبْل انتخابات الكنيست الـ 14 (1996)، اقترح رئيس حزب الليكود حينها، بنيامين نتنياهو، على الحزب الانضمام إلى حزبه، وحصل على 5 مقاعد، وعُين إيتان وزيراً للزارعة في حكومة نتنياهو. وقد خاض حزب "تسوميت" الانتخابات المقبلة للكنيست الـ 15 (1999) بصورة منفردة، ولم يتجاوز نسبة الحسم، واختفى هو أيضاً.
  • وبالنسبة إلى حزب اليمين الثالث في موازاة "تسوميت"، فهو حزب "موليدت"، وقد أقامه رحبعام زئيفي سنة 1988، وكان حزباً أكثر تطرفاً، ودعا إلى حل النزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين عبر "الترانسفير الطوعي". وكان هذا الحزب هو الوريث لحزب "كاخ" الذي تزعّمه مائير كهانا، والذي مُنع من الترشح للانتخابات، وكان حزباً صغيراً (له مقعدان فقط في مختلف مجالس الكنيست)، وظل حزباً مستقلاً حتى انتخابات الكنيست الـ 15 (1999)، حين انضم إلى حزب "إيحود ليؤمي"، وهو حزب يميني أقامه عدد من الهيئات والشخصيات اليمينية، وحصل على 4 مقاعد فقط، ولم يشارك في الحكومة التي شكلها إيهود باراك.
  • لقد كانت جميع أحزاب اليمين أحزاباً صغيرة، وتولت حقائب غير مهمة، وكانت تُعتبر أحزاباً هامشية من دون تأثير. لكن منذ تأليف نتنياهو الحكومة الحالية؛ "حكومة اليمين بالكامل"، أصبحت للأحزاب اليمينية قوة سياسية هائلة، وقد منحهم نتنياهو هذه القوة السياسية الكبيرة بسبب حساباته السياسية الشخصية، متجاهلاً التداعيات التاريخية القاتلة لخطوته، كمنح الشرعية الكاملة للأفكار العنصرية/الفاشية، والتي يمكن أن تعرّض المجتمع الإسرائيلي وأمن الدولة للخطر، بينما كانت هذه الأحزاب هامشية وغير مقبولة من الجمهور الإسرائيلي.
  • ومن الأمثلة البارزة لذلك، مسألة زيارة اليهود حرم المسجد الأقصى. ففي سنة 1967، وبعد احتلال الحرم، قال موشيه دايان، وزير الدفاع آنذاك، إنه "إذا نشأ وضع يكون فيه حرم المسجد الأقصى مكاناً للعبادة لليهود والمسلمين، فلن تكون هناك لحظة سلام واحدة"، ورأى أنه لا يمكن احتلال الضفة الغربية والقدس الشرقية من دون حل المسألة، أي سيطرة إسلامية على المسجد، وغطاء أمني إسرائيلي خارجي. ومنذ ذلك الحين، وكل الحكومات ورؤساء الحكومات من كل الأحزاب فضلت عدم تغيير الوضع القائم، لأنها كانت تعلم أن هذا بمثابة اللعب بالنار. أمّا الآن، فأعضاء حزبَي "الصهيونية الدينية" و"قوة يهودية" يفعلون كل ما في وسعهم لتشجيع زيارة اليهود إلى الحرم والدفع قُدُماً بأفكار خطِرة، الأمر الذي سنندم عليه كثيراً.