على الرغم من الضغط الداخلي على حزب الله فإن نهاية الحرب لا تزال بعيدة
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- هذا الأسبوع من القتال في الشمال كان الأعنف منذ بداية الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر. لم يظهر هذا في التغطية الإعلامية، ولم يثِر اهتمام المواطن العادي الذي يعيش في جنوبي حيفا، لكن سكان الجنوب اللبناني وشمال البلد شعروا بذلك جيداً. عشرات القذائف أُطلقت على كريات شمونة، وعلى هضبة الجولان، كما أُطلقت صواريخ مضادة للدروع على قواعد عسكرية ومستوطنات مجاورة للسياج الحدودي، وأدت إلى إطلاق عشرات صافرات الإنذار.
- في المقابل، زاد الجيش الإسرائيلي في هجماته وضغطه على حزب الله وسائر التنظيمات "الإرهابية" الموجودة على الساحة. وفي اليومين الأخيرين فقط، قُتل 16 ناشطاً في هجمات مركزة. في الطرف الثاني، برز ضغط داخلي تجلى في وسائل الإعلام اللبنانية، بينها صحيفة الأخبار "الناطقة بلسان الحزب"، كما برزت أصوات في لبنان من الذين يدفعون، عملياً، ثمن حرب حزب الله.
- وانتشرت أخبار، أمس (الخميس)، أن حزب الله مستعد لوقف القتال في الجنوب اللبناني وإعلان منطقة منزوعة السلاح على طول الخط الأزرق، وأن يكون الوجود العسكري فيها لقوات اليونيفيل والجيش اللبناني، بشرط التوصل إلى اتفاق على ترسيم الحدود البرية بعد وقف إطلاق النار، كما جرى بشأن ترسيم الحدود البحرية.
- حتى الآن، لم يطرح الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين اقتراحاً ملموساً. ونصر الله يربط استمرار الحرب بحرب يحيى السنوار في غزة، وهنا يجب القول، بحذر، إن الضغط الداخلي على حزب الله يزداد، وإذا كان التنظيم "الإرهابي" يريد الانضمام إلى حرب شاملة، فقد كان لديه فرص كثيرة جيدة لكي يفعل ذلك. يحافظ حزب الله على المعادلات، ولا يوسّع القتال، وربما هناك فرصة للتوصل إلى وقف إطلاق النار في الشمال، لأن نهاية الحرب في غزة لا تلوح في الأفق. حالياً، تقوم قيادة المنطقة الشمالية بثلاثة جهود أساسية: معركة دفاعية في مواجهة محاولات تسلل قوات من حزب الله، وفي مواجهة إطلاق الصواريخ؛ الجهد الثاني، مهاجمة قدرات حزب الله بصورة أقوى؛ الثالث، تسريع الاستعدادات للحرب.
- ضمن هذا الإطار، أجرى الجيش تدريباً متعدد الأذرع بصورة مفاجئة، لتحسين الاستعداد لمواجهة سيناريوهات مختلفة من القتال على الساحة الشمالية. شعبة العمليات قادت التدريب الذي شمل القيادات والأذرع والأجنحة والقيادة العامة. بالإضافة إلى ذلك، واستعداداً للمناورة في لبنان، قامت القيادة باستخلاص الدروس من حرب غزة، وأجرت تدريبات في هضبة الجولان، ووافق رئيس الأركان هرتسي هليفي على الخطط التي يجري تحديثها طوال الوقت بما يتلاءم مع التطورات الأخيرة، ومع المعلومات الاستخباراتية الجديدة التي جُمعت نتيجة استئناف تحليق سلاح الجو في الأجواء اللبنانية. حتى الآن، يعمل الطرفان [إسرائيل وحزب الله] على عدم الدخول في مناورة نتيجة التدهور، ويحاولان المحافظة على المواجهات ضمن إطار المعادلات القائمة بينهما.
- من ناحية الجيش الإسرائيلي، فإن رفع مستوى المواجهة هو خطوة محسوبة، لكن يمكنها دائماً أن تخرج عن السيطرة، وأن تؤدي إلى توسُّع إطلاق النار في اتجاه مستوطنات بعيدة عن الحدود. الجيش هاجم في عمق لبنان أكثر من مرة، في منطقة بعلبك، كما هاجم أرصدة في مجال مسيّرات حزب الله، وعندما يُطلق صاروخ مضاد للطيران ضد الطائرات الإسرائيلية، فإنه يستغل الفرصة لضرب قدرات الدفاع الجوي لحزب الله، ولهذا السبب تحاول إيران تسريع وصول شحنات السلاح وقطع الغيار إلى لبنان، والجيش الإسرائيلي يحاول ضربها وهي لا تزال في سورية.
- صورة الأضرار في المستوطنات الإسرائيلية ليست واضحة للمواطن الإسرائيلي العادي، وكذلك ما يجري في الجنوب اللبناني. تتركز الهجمات الإسرائيلية على القرى ضد مخازن السلاح والقيادات والبنى التحتية، وبالتاكيد ضد عناصر حزب الله. في خط التماس، أجبر الجيش الإسرائيلي قوات الرضوان على الابتعاد مسافة 5 كلم عن الحدود. وطبعاً، هذا لا يمنع الخلايا التي لا تزال موجودة من إطلاق الصواريخ المضادة للدروع، كما جرى في كريات شمونة، وفي قاعدة ميرون.
- ويجب إلقاء الضوء على الدمار الكبير الذي لحِق بالجنوب اللبناني. ووفقاً للتقديرات، بلغ عدد المنازل المدمرة في الجنوب نحو 700، بالإضافة إلى إصابة 10 آلاف منزل بأضرار تتراوح بين التدمير الجزئي والكامل. وينوي لبنان دفع 20 ألف دولار لكل عائلة فقدت شهيداً، ومبلغ 40 ألف دولار كتعويض للمنازل التي دُمرت بالكامل. والمقصود مبالغ ضخمة من الصعب الحصول عليها في فترة الأزمة الاقتصادية الحادة التي يمر بها لبنان، يضاف إلى ذلك الضرر الكبير الذي لحِق بالزراعة. تُطرح في لبنان أسئلة، بصورة خاصة من طرف المسيحيين، لماذا يجب على الدولة دفع نفقات لحرب هي ليست طرفاً فيها.
- حزب الله تراجع إلى الوراء، على الرغم من أنه لا يزال في حالة جاهزية عالية للحرب، لكن اللبنانيين قلقون من توسّع القتال. لقد حققت إسرائيل انتصارات تكتيكية، إذ قتلت نحو 350 ناشطاً من حزب الله، ومن تنظيمات أُخرى، وجرى دفع قوات الرضوان إلى الوراء، كما تم ضرب البنى التحتية ومخازن السلاح. لكن حزب الله حقق إنجازاً استراتيجياً تمثل بإخلاء عشرات المستوطنات الإسرائيلية على الحدود الشمالية منذ ستة أشهر. وفقط عندما نرى السكان يستقبلون فصل الربيع في منازلهم، نستطيع القول أن المهمة أُنجزت.