[يجب وقف حرب الاستنزاف مع حزب الله على الحدود الشمالية]
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- ما دام القتال مستمراً في غزة، فإنه سواء إذا أوقفنا إطلاق النار أم صعّدنا القتال، فإن حزب الله لن يوقف حرب الاستنزاف ضدنا. وإذا صعّدنا باعتدال، فهو سيصعد باعتدال، وإذا صعّدنا نحو حرب شاملة، فهو سيصعّد تبعاً لذلك.
- وحتى هذه اللحظة، فإن الطرفَين يفضلان منع نشوب حرب شاملة. ومع ذلك، فإنه بسبب أوضاع داخلية لبنانية، نتيجة "نصيحة" إيرانية، بدا مؤخراً أنهم يتخوفون في لبنان من اندلاع حرب شاملة أكثر منا، وهذا تفوُق استراتيجي بدأت إسرائيل مؤخراً تستغله. صحيح أن الطرفَين لا يزالان يحافظان على تفاهمات متبادلة تفرض قيوداً على المواجهة، لكن إسرائيل هي التي تصعّد قليلاً، وحزب الله يرد. وإن الهجمات الأخيرة التي استهدفت منشآت عسكرية في سهل البقاع في بعلبك، الواقعة على بُعد 100 كيلومتر من الحدود، هي تعبير عن تصعيد إسرائيلي. وحرب الاستنزاف هي حرب قاسية جداً بالنسبة إلى إسرائيل، لكنها فُرضت علينا، لذلك، فإنه لا مفر لنا من محاولة استغلالها لمصلحتنا بقدر المستطاع.
- إن هدف إسرائيل هو إنشاء واقع جديد في الجليل يسمح بعودة السكان، أو على الأقل الجزء الأكبر منهم، وإذا كان من غير الممكن إقناع حزب الله أو تدميره في حرب شاملة، والتي لا تبدو اليوم أنها حل عملي، فإن ما تستطيع إسرائيل التعايش معه هو تطبيق جزئي للقرار رقم 1701 الصادر عن مجلس الأمن سنة 2006، والذي يفرض على حزب الله الانسحاب إلى شمال الليطاني ونزْع سلاحه. ومع أن الانسحاب إلى ما وراء الليطاني، أو على الأقل إلى مسافة 15 كيلومتراً، وهو مدى الصواريخ المضادة للدروع، ليس مضموناً، إلاّ إنه يجب أن نبذل كل جهد ممكن.
- وعلى الرغم من الثمن الباهظ في الخسائر والدمار وإجلاء السكان، فإن إسرائيل تتفوق عسكرياً بصورة واضحة على حزب الله. وحتى من دون غزو برّي، فإن أسلحة الجو والمدرعات والمدفعية قادرة على دفع حزب الله شمالاً، وتدمير كل أو أغلبية مواقعه حتى نهر الليطاني وأكثر. وهكذا، يجب أن تنتهي حرب الاستنزاف، ويجب منذ الآن التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة وفرنسا، ومن الأفضل أيضاً مع ألمانيا وبريطانيا (وموافقة رئيس الحكومة اللبنانية موجودة) من أجل أن يوافق حزب الله على الانسحاب المتفق عليه، وأن ينتشر الجيش اللبناني وقوات اليونفيل في المواقع على طول الحدود.
- فهل سيوافق حزب الله على ذلك؟ وتبدو الإجابة نعم. وحتى إيران تقدر على قبول ذلك، ففي سنة 2006، وافقوا في لبنان على الانسحاب خوفاً من استمرار المواجهة، وهم يأملون هذه المرة أيضاً، وبعد مرور بضعة أشهر على تطبيق الاتفاق، أن يتمكن مقاتلو قوة الرضوان من التسلل مجدداً وبالتدريج إلى القرى في الجنوب (حيث تقطن عائلاتهم) وإقامة بنى تحتية عسكرية هناك من جديد. وفي رأيهم، فإن إسرائيل لن تجرؤ على المخاطرة بحرب فقط بسبب بضعة مسلحين ومواقع. وهنا، يجب القيام بخطوة إسرائيلية إضافية الآن، ويجب علينا التوصل إلى اتفاق مع الدول العظمى الغربية بأن من حق إسرائيل الكامل مهاجمة أي هدف تابع لحزب الله يخرق التفاهمات في أي وقت؛ والمقصود هنا المحافظة على بقاء منطقة متفق عليها "نظيفة" من أي وجود لحزب الله.
- وكي يستطيع سكان الجليل العودة، يتعين على الحكومة الإسرائيلية إعلان التزامها أمرَين؛ الأول، زيادة ثابتة وكبيرة جداً في عدد قوات الجيش الإسرائيلي على الحدود، والثاني، هو التدمير الفوري لأي موقع أو مقاتل لحزب الله يظهر في المنطقة المتفق عليها في جنوب لبنان. وأي رئيس حكومة يخون هذين الالتزامَين، يجب أن يُقال فوراً، والمقصود هنا هو المنظومة السياسية الإسرائيلية، وليس حزب الله وإيران، أو دول غربية عظمى.