بينما الجيش فقد زخمه، هل خسرت إسرائيل قدرتها على الردع؟
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • إذا قال الناطق بلسان مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، إن إسرائيل فعلت ما كان منتظراً منها، وهي تسير نحو وقف إطلاق النار في غزة، فإنه يعبّر بصدق عن التفسير الأميركي لخروج الفرقة الأخيرة من الجيش الإسرائيلي من القطاع. ومن الممكن أن الولايات المتحدة تشعر بالرضا عن الخطوة الإسرائيلية، وربما ستبدأ في اعتقاد أن الضغط على إسرائيل بدأ يعطي ثماره. ومن جهة أُخرى، في لبنان، وخصوصاً في أواسط حزب الله، فَهُم شبه واثقين من أنها مناورة تضليلية، وأن الإبقاء في غزة على قوات رمزية فقط يهدف إلى نشْر الجيش بقوات كبيرة في الشمال استعداداً لهجوم واسع النطاق في جنوب لبنان، وذلك من أجل إعادة سكان شمال إسرائيل إلى منازلهم ومستوطناتهم.
  • بينما يفسر الإيرانيون الخطوة الإسرائيلية بأنها تهدف إلى تركيز الجهد الأساسي في الحرب ضد إيران في حال حدوث عملية إيرانية مؤلمة ضد إسرائيل، بحيث تضطر هذه الأخيرة إلى التفكير في عملية أُخرى من أجل المحافظة على قدرتها على الردع. أمّا في "حماس"، فيمكن أن يفسروا إخراج الجزء الأكبر من قوات الجيش من القطاع بأنه يعود إلى الموقف الصامد لزعماء الحركة، ورفْضِهِم الموافقة على صفقة التبادل، كما تريد إسرائيل منذ وقت طويل، وهو يعبّر عن عدم قدرة إسرائيل على تحقيق أهداف الحرب.
  • ووحدها إسرائيل هي التي تعرف أن المقصود هنا هو عملية تكتيكية، الغرض في جزء منها إراحة القوات، وفي الجزء الآخر الاستعداد من جديد لشن عملية واسعة النطاق في رفح. ويجب أن نعترف بأن الخطوة التي اتخذها الجيش بإيعاز من المستوى السياسي تبدو محيرة بعض الشيء، وهي تُضاف إلى عدد من الخطوات المحيرة الأُخرى التي اتُخذت مؤخراً. وقد كان من المفترض أن تشير خطوة كهذه إلى هدنة ممكنة، سواء أكانت قصيرة أم طويلة، تترافق مع تبادُل أسرى فلسطينيين في مقابل مخطوفين إسرائيليين كما اقترح الأميركيون والمصريون والقطريون. لكن الجيش الإسرائيلي قرر الانسحاب من القطاع قبل إنهاء عملياته، وبينما أغلبية المخطوفين موجودة في أنفاق "حماس"، ولا نعرف متى سيُطلق سراحهم.
  • في جميع الأحوال، فإن الجيش فَقَدَ زخمه، ويبدو أنه تخلى عن عملية واسعة النطاق لإنهاء الحرب بطلب من الولايات المتحدة، وإلاّ، فلماذا قطع الاتصال بخان يونس ورفح في هذه المرحلة، وتخلى عن 4-6 كتائب من "المخربين" (4 في رفح و2 في مخيمات اللجوء) لا تزال قائمة وفاعلة؟ وهو الأمر الذي يمكن أن يشكّل نواة تضمن ترميم قدرة الحركة في المستقبل. فأين المنطق في هذا؟ إذا كانت التقارير التي تحدثت عن انتشار قريب لقوة شرطة عربية دولية في القطاع صحيحة، فإن الخروج المتسرع للجيش يطرح أسئلة كبيرة جداً؛ فعلى سبيل المثال، كيف سيتمكن الجيش الإسرائيلي من تدفيع "رأس الأفعى" "حماس" الثمن عندما تختبئ وراء ظهر رجال الشرطة من مصر والأردن، الذين من الممكن لأي ضرر يلحق بهم أن يعرض علاقات السلام معهما للخطر؟ ومَن يضمن أن تقبل قوة دولية بأن تتحرك إسرائيل في القطاع؟
  • إن الوضع الحالي في العالم العربي يفسَر بأن إسرائيل خسرت ردعها، والانسحاب المتسرع من غزة هو استمرار مباشر في رأيهم "للإخفاقات العسكرية لإسرائيل في القطاع." نعم، لقد دمرت إسرائيل غزة، ومن المتوقع أن تفعل ذلك مع أي دولة عربية أُخرى في حال دخلت في مواجهة معها، لكن إذا لم تحدث صفقة تبادُل، فإنه يتعين على الجيش الإسرائيلي أن يتحرك بسرعة في رفح، وأن يقضي على ما تبقّى من قوات لـ"حماس"، وحين يحدث ذلك، يحين وقت الانسحاب الواسع النطاق.