الضربة الإيرانية هي أحد أكبر الأخطاء التي قامت بها طهران
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- خلال النصف عام الماضي، شهدنا حدثَين تاريخيَين: 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، و14 نيسان/أبريل 2024. نظريتان انهارتا، وإخفاقان استخباراتيان. الحدث الأول، هو اليوم الأسود في تاريخ دولة إسرائيل؛ 1200 قتيل، و230 مخطوفاً، وحرب ضد "حماس" في غزة تكلفنا ضحايا إضافيين. أمّا الثاني - فهو ضربة متهورة وغير مسبوقة نفّذتها إيران ضد إسرائيل، وانتهت بنجاح مذهل لمنظومة الدفاع الجوي التابعة للجيش. القاسم المشترك بينهما فشل الردع الإسرائيلي ومفاجأة استراتيجية مطلقة.
- تقريباً، لم يتوقع أحد أن "حماس" ستقتحم إسرائيل بالآلاف وتحتل بلدات و"تذبح" مئات المواطنين. وتقريباً، لم يتوقع أحد أن إيران ستضرب إسرائيل مباشرةً. فبالإضافة إلى الإخفاقَين، العسكري والسياسي، يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، هناك التقدير الخاطئ أن اغتيال قائد "قوة القدس" في سورية، مهدوي، لن يدفع إلى ردّ إيراني مباشر.
- صحيح أن إسرائيل فوجئت، لكن يبدو أن الضربة الإيرانية هي أحد أكبر الأخطاء التي ارتكبتها طهران، والنظام يستطيع البدء بعدّ أيامه الأخيرة، ليس فقط بسبب الرد الإسرائيلي الذي يبدو أنه آتٍ، بل أيضاً لأنه انكشف أمام الجميع، وبدا واضحاً أن الحديث يدور حول نظام "إرهابي عدائي" يقترب من الحصول على سلاح نووي. وليس كما في السابق؛ الآن، على إسرائيل أن تستغل الضربة من أجل الضغط الدولي الحاد جداً، وهو ما يمكن أن يدفع إيران إلى التنازل عن منشآتها النووية، ويفرض عليها عقوبات ثقيلة جداً، تعيد هذا النظام "المتوحش" إلى حجمه الطبيعي، حتى إنها قد تؤدي إلى إسقاطه أخيراً.
- مع كتابة هذه السطور، تستمر المحادثات والمداولات في إسرائيل بشأن كيفية الرد على الضربة الإيرانية لإسرائيل بمئات الصواريخ الباليستية والمسيّرات. من حُسن حظنا، الضربة لم تنجح، وعملية الدفاع الجوي الإسرائيلية كانت مذهلة، وحصلنا على دعم من ائتلاف إقليمي غير مسبوق بقيادة الولايات المتحدة، لكن من الممنوع الاعتماد فقط على هذا الدعم الغربي الموضعي.
- لم يسبق أن شهدنا مثل هذا الوضع، وإذا لم تردّ إسرائيل، فإن قوة ردعها ستتآكل كثيراً، ولن يكون لها حق البقاء في الشرق الأوسط، في هذا الجوار السيئ الذي نعيش فيه. فكما لم يكن ممكناً عدم الرد على "مذبحة" 7 تشرين الأول/أكتوبر، فإنه من غير الممكن عدم الرد على ضربة 14 نيسان/أبريل، والفرق الوحيد هو متى وكيف. يمكن أيضاً أن يكون الرد الإسرائيلي تجديداً لعقيدة بينت [نفتالي بينت رئيس حكومة سابق]، وبحسبها، فإن كل ضربة من أذرع إيران، أذرع "الأخطبوط"، تفرض الرد على رأس "الأخطبوط" نفسه.
- وبعد أن قلنا هذا كله، على إسرائيل الاستمرار في التعاون مع الولايات المتحدة ورئيسها الجيد بايدن، الذي ما زال يساعدنا، على الرغم من أن نتنياهو تعامل معه بشكل غير لائق. علينا أن ننسّق ردنا مع الأميركيين، مع التصميم على أنه آتٍ. ردّ كهذا يجب أن يكون في داخل إيران ذاتها، وحتى لو بذلنا جهدنا من أجل عدم وقوع ضحايا، علينا أن نلمّح إلى نظام الملالي بأن أذرع إسرائيل طويلة وقوية.
- لقد فتح لنا السابع من تشرين الأول/أكتوبر أبواب جهنم؛ "مذبحة"، وحرب في غزة، وضربات من حزب الله، وأكثر من 100 ألف نازح من الجنوب والشمال، وجبهة مشتعلة في الضفة، وعمليات كثيرة، والضربة الإيرانية تدفع إلى اليأس أكثر. لو لم يكن لدينا حكومة فاشلة ورئيس حكومة منشغل، من الصباح حتى المساء، بالسياسات الصغيرة التي تبعث على الانقسام، لظلت قوة ردعنا على حالها، وكان الأمل أكثر وضوحاً، والمستقبل أكثر إشراقاً.