في إسرائيل، بعد 7 أكتوبر، حياة 4 مخطوفين إسرائيليين تعادل مئات القتلى من سكان غزة
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- الصور التي انتشرت في إسرائيل يوم السبت، بعد إنقاذ المخطوفين الأربعة أحياء من أسر "حماس"، أثارت فرحاً كبيراً وعفوياً ومشروعاً وسط العائلات والجمهور الإسرائيلي. كل المنظومة، من رئاسة الحكومة، مروراً بالناطق بلسان الجيش، إلى القنوات الإعلامية التي سارعت إلى استغلال عملية الإنقاذ واعتبارها خطوة إضافية على طريق "الانتصار على "حماس". لكن ردات الفعل على العملية أظهرت أن تداعياتها على السكان في غزة، وعلى الحرب عموماً، لا تُقلق مطلقاً أغلبية الجمهور في إسرائيل.
- التجاهل الواضح للعدد الهائل من القتلى والدمار غير المسبوق الذي حدث خلال ساعتين في مخيم اللاجئين النصيرات يؤكد ما هو ثابت في وعي الجمهور الفلسطيني: حتى بعد مرور 8 أشهر على الحرب، فإن قضية المخطوفين هي المسألة الأساسية التي تهمّ الناس في إسرائيل، وإذا كان هناك جدل بشأن الثمن الذي يجب دفعه، فإنه يتعلق بعدد الأسرى الذين سيتم تحريرهم في مقابل إطلاق المخطوفين، وليس أيّ شيء آخر. القتل والتدمير اللذان يحدثان في شمال القطاع، وفي النصيرات، وفي رفح، ليسا فعلاً في طليعة سلّم الأولويات، وعندما قال نتنياهو بالأمس إن الجمهور الإسرائيلي غير مستعد لوقف الحرب قبل تحقيق الأهداف، فإن هذا الكلام ليس بمثابة "كليشيه" منفصل عن الواقع، بل يعكس جيداً المناخ السائد في إسرائيل. وإذا كان هناك انتقاد، فإنه موجّه إلى الأسلوب الذي تُدار به الحرب، وليس إلى مبدأ ضرورة مواصلتها، على الرغم من الإصابات غير المسبوقة التي لحقت بالمدنيين في قطاع غزة.
- يدور النقاش في إسرائيل حول نتائج عملية إنقاذ المخطوفين وتداعياتها على الجانب الفلسطيني على مستويَين: الأول، رفض الأرقام التي تنشرها "حماس"، والتي تحدثت عن مقتل 274 شخصاً، بينهم 64 طفلاً و57 امرأة و37 رجلاً، وأكثر من 600 جريح أصيبوا بالنيران التي صبّها الجيش في إطار العملية، أو تجاهُل هذه الأرقام. الحجة الثانية هي أن هذه الأرقام مبالَغ فيها، وإذا حسمنا منها عدد القتلى من عناصر "حماس" فإن النتيجة معقولة.
- المستوى الثاني، تحميل قائدَي "حماس" يحيى السنوار ومحمد الضيف ومؤيديهم المسؤولية الكاملة، واتهامهم بأنهم سبب الموت والدمار. في إسرائيل، بعد 7 أكتوبر، لا مكان لعذاب الضمير، وثمن 4 مخطوفين يوازي مئات القتلى والجرحى من سكان غزة. ويقول مؤيّدو هذه الفكرة إن على قادة "حماس" استيعاب ذلك.
- وصلت الرسالة إلى الساحة الفلسطينية، وضمنها قطاع غزة. الدعوات إلى وقف الهجمات لم توجَّه قط إلى إسرائيل وحكومتها، ولا إلى الجمهور الإسرائيلي، بل إلى المجتمع الدولي، إذا كان لا يزال مهتماً بذلك بصورة جدية. رسام الكاريكاتور الفلسطيني علاء اللقطة أجاد التعبير عن ذلك، عندما رسم العالم يجلس على أريكة، وهو يشاهد على شاشة التلفزيون المخطوفين الأربعة مبتسمين، وخلفه، بعيداً عن أنظار العالم، أم فلسطينية تبكي أمام جثامين أولادها، من دون أن يعبأ بها أحد.
- رسالة "حماس" واضحة: التفكير في أن استمرار الضغط العسكري سيدفع قدماً بصفقة المخطوفين غير ذي دلالة، ومَن يتوقع تحرير كل المخطوفين الأحياء بعمليات مماثلة، سيضطر إلى أن يأخذ في حسابه أن هذا سيكون بمثابة حُكم بالموت على المخطوفين، وعلى آلاف الضحايا الفلسطينيين.
- بعد يوم من النشوة، يجب على الجمهور الإسرائيلي أن يتذكر أن هناك 120 مخطوفاً ما زالوا محتجزين في القطاع، وتحريرهم ممكن فقط من خلال تغيير جوهري لدى صنّاع القرار في إسرائيل. إذا كنا نريد استرداد بقية المخطوفين أحياء، فيجب أن نعترف بالحقيقة، وأن نوقف الحرب.