انتصار مطلق؟ الحرب مع لبنان ستقودنا إلى هزيمة مطلقة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • خلال الأشهر الثمانية الأولى من الحرب، لم يكن لدى متخذي القرار نيات حقيقية بشأن خوض حرب برية في لبنان. لقد هددوا بأقوال على شاكلة "أن نصر الله سيرتكب خطأ حياته"، لكن كان من الواضح لبنيامين نتنياهو ويوآف غالانت والقيادة العسكرية أنه لا جدوى من مواجهة كهذه، لن تحقق نتائج لا يمكن تحقيقها بالطرق الدبلوماسية، وأن الثمن سيكون ثقيلاً.
  • خلال الأسابيع الماضية، تغيّر الوضع بعض الشيء. الإذلال من طرف حزب الله بات أكبر مما يمكننا احتماله. وتشويش الروتين في الشمال، وكذلك بات اختراق المسيّرات والضربات التي تتلقاها إسرائيل أكثر مما يستطيع نتنياهو تحمُّله. فجأة، أصبح الذهاب إلى حرب "رخيصة" ممكناً، الآن، لا نريد إعادة لبنان إلى العصر الحجري، ولا نريد احتلال المنطقة حتى الليطاني. الآن، يتحدثون عن مناورة برية محدودة لبضعة كيلومترات، الهدف منها توجيه رسالة إلى سكان الشمال: التهديد بالاختراق البري على نمط السابع من تشرين الأول/أكتوبر، تمت إزالته، عودوا إلى منازلكم. وأيضاً اتفاق الترتيبات الذي تم الانتهاء منه تقريباً، لا يمكن تطبيقه. فمنذ البداية، كان منوطاً بترتيبات في الجنوب، ولا يبدو أن هذه الترتيبات تلوح في الأفق. أمّا صفقة التبادل، فأصبحت غير ممكنة، ويبدو أننا في الطريق إلى حرب استنزاف في غزة، على أمل القبض على يحيى السنوار في يوم من الأيام، وقدرتنا على إعلان النصر.
  • هذه التطورات تجعل المناورة البرية في الشمال ممكنة للمرة الأولى. وهذا القرار سيكون سيئاً. الوضع صعب ومذلّ، لكن المناورة على هذا النمط يمكن أن تجعله أسوأ. من الصعب رؤية كيف يمكن تحصيل أي فائدة منها. المتحدث باسم الجيش سيعلن البطولة (الحقيقية) للجنود، واغتيال "مخربين"، وتفجير مخابئ، إلاّ إن الجيش لن يبقى في الميدان بعد الحملة. لا يوجد مَن يريد العودة إلى خطأ الحزام الأمني. وبعد أن يخرج الجيش، لن يكون ممكناً الادعاء فعلاً أن تهديد الاختراق البري تمت إزالته كلياً. ففي جميع الأحوال، ستعود الأطراف إلى اتفاق ترتيبات مطروح أصلاً على الطاولة.
  • وقضية أُخرى شائكة: الضربات التي ستواجهها الجبهة الداخلية الإسرائيلية يمكن أن تكون مؤلمة، لكنها أيضاً يمكن أن تحوّل المناورة "الصغيرة" إلى حرب شاملة. إسرائيل لن تستطيع عدم الرد بقوة أكبر على ضربات موجهة إلى مواقع استراتيجية. وهذا الرد أيضاً يمكن أن يواجه تحديات كبيرة. المسؤولون الكبار في الجيش، وعلى مدار سنوات، هددوا دائماً بأنه في حال وقوع حرب مع حزب الله، فإن الدولة اللبنانية ستُباد، الكهرباء والماء والبنى التحتية.
  • لبنان هو حزب الله، وحزب الله هو لبنان. هل تستطيع إسرائيل، الآن، وفي ظل أوامر اعتقال في لاهاي وتسونامي دبلوماسي وعزل غير مسبوق، أن تضرب بنى تحتية في هذه الدولة "المفلسة" التي يحاول العالم الغربي، بكل قوته، إبقاءها في قيد الحياة؟ وإذا قمنا بهذا على الرغم من كل ما سبق، فما الذي سندّعيه ضد حزب الله والضرر الذي سيُلحقه بمواقعنا الاستراتيجية التي ستحولنا إلى دولة خطِرة للاستثمارات الأجنبية في الأعوام المقبلة؟
  • من المحزن ألّا يتجرأ يائير لبيد وبني غانتس، مرة أُخرى، على معارضة هذه المناورة علناً. هذا السلوك محبط، وبصورة خاصة بالنسبة إلى غانتس. عملية في رفح؟ أردنا هذا سابقاً. مَن المسؤول عن تجاهُل صفقة التبادل؟ "حماس". وهو ذاته ما يتكرر لدى الحديث عن خروج دونالد ترامب من الاتفاق النووي بدفع من نتنياهو، وبالتعامل العام مع الاتفاق. غانتس يتخوف من خسارة أصوات الوسط - يمين، وعلى الطريق، يخسر الأمر الأكثر أهميةً: القيادة.
  • ما الذي يمكن القيام به فعلاً في الشمال؟ لا توجد احتمالات جيدة، لكن إليكم الأقل سوءاً بينها: إسرائيل تنسحب بشكل أحادي من غزة، وتعلن أن الحرب مع "حماس" مستمرة، وأننا نحتفظ لأنفسنا بحق حرية العمل والعودة عندما تستدعي الحاجة؛ والتوصل إلى ترتيبات في الشمال، وتعزيز خطوط الدفاع عن البلدات والخطوط الحدودية في الشمال والجنوب. هذا بعيد عن "الانتصار المطلق"، لكنه على الأقل ليس "هزيمة مطلقة"، وهي الاتجاه الذي نذهب فيه الآن.

 

 

المزيد ضمن العدد