المزيد من الحريديم، يعني المزيد من "نيتساح يهودا"
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- قبل أن تنتهي قضية العقوبات التي أرادت الإدارة الأميركية فرضها على كتيبة "نيتساح يهودا" - بدأ الجيش يضاعف الأخطاء نفسها. وحسبما نُشر، فإنه ينوي إقامة لواء جديد للجنود الحريديم، وسيتضمن 3 كتائب. سنضع جانباً السؤال عمّا إذا كان من الممكن تجنيد 3000 حريدي. التخوف هنا هو من نجاح الخطوة.
- الدعوات المطالِبة بتفكيك كتيبة "نيتساح يهودا" كانت تستند إلى الافتراض الأساسي القائل إن الكتيبة التي تقوم على التجانس الديني، وعلى تعلّم جنودها الرؤى القومية نفسها، وشعورهم بأنهم على هامش المجتمع - سيؤدي إلى نمو ثقافة تنظيمية تشجع على العنف ضد العرب. ويحدث هذا أيضاً من خلال تخطّي القواعد التي باتت مرنة جداً داخل الجيش. لكن بدلاًمن تفكيك الكتيبة، فإنهم ينوون إقامة لواء كامل من تركيبة مشابهة.
- اللواء الحريدي سيكون عبارة عن نموذج يجب إنجاحه. فالحرب لم تعزز القدرة التفاوضية للجيش مع الحريديم، إنما العكس - إذ يزعم هؤلاء أن مَن يريد تجنيدهم، يجب عليه الالتزام بشروطهم. الجيش بصورة خاصة، يخوض المفاوضات من موقع ضعف، كتنظيم يرتدع عن المواجهة مع فئات اجتماعية يجنّد منها الجنود. طاقم قيادة اللواء سيكون متديناً جداً، وهذا لم يحدث في "نيتساح يهودا": "درجة الروحانية" لدى الجنود الحريديم، حددها الجنرال دافيد زيني الذي كان ممن عملوا على تشكيل اللواء، ويعتبرها مهمة جداً.
- قواعد الشريحة الانعزالية ستفعّل بصورة خطِرة، وتصبح أكثر انعزالية، وستجعل المناطق العسكرية التي سيتم دمج الوحدات فيها "نظيفة" من النساء. ستزيد هذه الخطوة في صعوبة دمج النساء في الجيش بالتساوي. وإذا تم نشر القوات في منطقة محددة، فستتطور الأزمة نفسها، مثلما جرى في كتيبة "نيتساح يهودا"، ظاهرة الاستنزاف التي تُترجم بعنف ضد الفلسطينيين. هذا بالإضافة إلى أن التشديدات الدينية ستستقطب شباناً متدينين ليسوا من الحريديم، لكنهم سيفضلونها على وحدات مختلطة، وهو ما سيولد منافسة بين الوحدات ومَن المتشدد أكثر دينياً، وهو ما سيضاعف قوة الحاخامين الحريديم. أشك في أنهم سيرضون هذه المرة بمرافقة دينية فقط، وأعتقد أن هذا سيولد رغبة في التأثير في شخصية الجيش، مثلما يفعل، بنجاح، زملاؤهم الحردليم من الصهيونية الدينية.
- أزمة أُخرى لا تقلّ خطورةً، هي الاهتمام الذي يظهره الجيش بالمكانة الاجتماعية للمجندين الحريديم داخل مجتمعاتهم. ما حدث في "نيتساح يهودا" يشير إلى أن هذه المكانة الاجتماعية يتم الحصول عليها عبر الإنجازات العسكرية - بما معناه العنف ضد الفلسطينيين، وخصوصاً أن أساس عمل الجيش هو السيطرة على مجتمع مدني. هكذا تتعزز هيبة هؤلاء الذين يريدون أن يثبتوا لمجتمعهم المشبع بالقيم القومية أن التجنيد جدير بالاهتمام، وستصبح هذه الكتائب بؤراً للعنف.
- لذلك، يجب أن تُقرأ الادعاءات بشأن عنف الضباط في "نيتساح يهودا" (الذي كشف عنه تحقيق قناة CNN) بصورة عكسية أيضاً - الضباط لا يغضون الطرف فقط عن عنف جنودهم، بل يمكن أن يكونوا، هم أنفسهم، ينجرّون وراء جنودهم، ويغريهم الانضمام إلى وحدات كهذه. وكي يضمن الجيش حدوث هذه السيناريوهات فعلاً، قام بتعيين الجنرال أفينوعام إموناه، المقرب من إيتمار بن غفير، في منصب قائد اللواء، وهو نفسه أيضاً الذي تم توثيق خطاباته الحماسية للجنود، والتي قال في أحدها: "اقتلوهم (ناشطو "حماس") وهم هاربون". سيكون من اللائق وقف هذه المبادرة منذ البداية، وإذا أمكن، يجب إبطاء الاندفاع نحو تجنيد الحريديم بأي ثمن.