من دون متطرفين: إسرائيل في حاجة إلى حكومة طوارئ موسعة كي تصمد
تاريخ المقال
المصدر
- بعد ستة أشهر، ومع دخول الرئيس الأميركي الجديد البيت الأبيض، سيحدث تحول نحو الأسوأ في وضع إسرائيل؛ فالدعم التلقائي تقريباً، والذي يشمل التزود بالسلاح والعتاد بأحجام هائلة ومجاناً، والدعم السياسي، الذي يشمل القرارت ضدنا في مجلس الأمن، والوقوف الأخلاقي إلى جانبنا بصورة تؤثر في أغلبية زعماء أوروبا، كلها أمور لن تبقى كما كانت.
- فالإدارة الأميركية الجديدة وزعماء أوروبا سيتأثرون أكثر فأكثر بالجمهور المعادي لإسرائيل في بلدهم. والمطلوب من إسرائيل أن تضع أسساً لمفهوم استراتيجي جديد ما دامت تحظى بتأييد إدارة بايدن، كما عليها أن تختار بين أمرين صعبين ومتعارضَين: إمّا التوصل إلى حسم عسكري إقليمي، وإمّا التوصل إلى سلام إقليمي. الأمر الأول يستند إلى حقيقة عدم قبول إسرائيل كدولة شرعية، والاستعداد لمحاربتها وتدميرها وهو الأساس الصلب في معتقدات جزء كبير من الفلسطينيين واستعداداته. بالإضافة إلى ذلك، فإن هناك حلقة تشكلت حول إسرائيل ذات قدرة عسكرية وجهوزية لمحاربتنا، تضم حزب الله والحوثيين والميليشيات الشيعية في العراق وسورية، تقف وراءها إيران، وتعلن عزمها على تدميرنا، وتبني قدراتها للقيام بذلك.
- وإن قرار القضاء على هذه التهديدات هو قرار مشروع، لكن كي يكون فعالاً، فإنه يجب أن يشمل هجوماً ضد المنشآت النووية وإطلاق الصواريخ والنفط الإيراني، والاستعداد لهجوم مضاد إيراني، والأخذ بعين الاعتبار هجوماً صاروخياً واسع النطاق من طرف حزب الله. وهذا الأمر يفرض هجوماً برياً هدفه اقتلاع حزب الله وكسر قوته، وفي الوقت عينه محاربة الحوثيين والميليشيات الموالية لإيران. والمقصود هنا حرب قاسية يجب خوضها بعد تحليل المخاطر وإعداد الجبهة الداخلية، والحصول على التأييد الأميركي، ويجب عدم الانجرار إليها بسبب كارثة ارتكبها حزب الله والاغتيالات المركزة والردات التي أعقبتها.
- ويجب أن تكون الاغتيالات جزءاً من الاستراتيجيا في هذا الصراع الشامل. إن السلام مع مصر موجود منذ 45 عاماً، ومع الأردن منذ 30 عاماً، واتفاقات أبراهام لا تزال صامدة منذ 4 سنوات، وفي الخلفية، هناك الصفقة مع السعودية. والسلطة الفلسطينية ضعيفة، لكنها لا تزال صامدة وتتمسك بمبادئ السلام التي تبلورت في اتفاقات أوسلو منذ أكثر من 30 عاماً، وقواتنا المسلحة تبذل كل ما في وسعها لمنع تمدد "المنظمات الإرهابية".
- ولقد مر العرب في إسرائيل باختبار هوية صعب، وباستثناء حوادث معدودة من التظاهرات المؤيدة لـ"حماس" ومحاولات القيام بهجمات، فإن "الأغلبية المطلقة" اختارت الجانب الإسرائيلي... واستناداً إلى هذه الحقائق، فإن الخيار هو وقف القتال في غزة، والانسحاب في مقابل المخطوفين، وبعدها ترتيبات لإسقاط حكم "حماس" وإعادة إعمار القطاع المشروط بنزع السلاح، ثم وقف إطلاق النار في الشمال مع اتفاقات جديدة مع حزب الله. وإن دخول "صفقة سعودية" يتطلب خطوات أولية متدرجة ومشروطة نحو الدولة الفلسطينية.
- والحكومة الحالية غير مؤهلة لاتخاذ قرارات بهذا الحجم، إنما وحدها حكومة طوارئ موسعة تستطيع في حال الخيار الأول الإعداد بصورة صحيحة لمواجهة خطر دخول معركة عسكرية عبر الحصول على تأييد الشعب والولايات المتحدة. كما وحدها حكومة طوارئ موسعة من دون متطرفين تستطيع اختيار وقف القتال والانسحاب من غزة من دون "نصر مطلق"، لكن بدعم من الشعب ومع ضمانات من الدول الكبرى بتغيير الحكم في غزة ونزع سلاحها، وترميم السلطة الفلسطينية، وصفقة مع السعودية على طريق تسوية إقليمية شاملة. حان الوقت كي يسمو زعماء الأحزاب ويتوحدوا.