قال الناطق بلسان مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض الأميركي، جون كيربي، إن إدارة الرئيس جو بايدن لن تسمح للمتطرفين، بما في ذلك في إسرائيل، بدفع المحادثات لوقف إطلاق النار وإطلاق المخطوفين الإسرائيليين في غزة بعيداً عن مسارها، واتهم وزير المال الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، بتقديم ادعاءات كاذبة.
وقال كيربي في سياق مؤتمر صحافي عقده في واشنطن أول أمس (الجمعة)، إن مزاعم سموتريتش أن اتفاق وقف إطلاق النار سيكون بمثابة استسلام لحركة "حماس" أو أنه لا ينبغي تبادل المخطوفين الإسرائيليين بأسرى فلسطينيين خاطئة تماماً، وقال إن الوزير اليميني المتطرف يضلل الجمهور الإسرائيلي.
وأضاف كيربي أنه ينبغي على سموتريتش أن يخجل من نفسه لتشكيكه في نيات الرئيس الأميركي، جو بايدن، مضيفاً أن فكرة أن يدعم بايدن صفقة تترك أمن إسرائيل في خطر هي فكرة خاطئة من الناحية الواقعية، وهذا مشين وسخيف.
واتهم كيربي سموتريتش بأنه يعرض المخطوفين الإسرائيليين والأميركيين، الذين من المنتظر أن يتم إطلاقهم في إطار الصفقة، للخطر، في موقف يتعارض مع مصالح الأمن القومي لإسرائيل في هذه المرحلة الحرجة من الحرب.
وقال: "إنه [سموتريتش] يقول ذلك بينما يوجه الرئيس بايدن في الواقع الجيش الأميركي إلى الشرق الأوسط للدفاع مباشرةً عن إسرائيل ضد أي هجوم ممكن من طرف إيران أو غيرها من الجماعات ’الإرهابية‘ المدعومة من إيران."
ويُذكر أن الولايات المتحدة وحلفاءها يحاولون منذ أشهر التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في مقابل إطلاق المخطوفين، لكنهم يواجهون باستمرار عقبات من جانب إسرائيل و"حماس". ويعتقد المسؤولون الأميركيون أن الاقتراح الأخير هو الأقرب الذي وصل فيه الطرفان نحو التوصل إلى اتفاق لإطلاق النساء والمرضى وكبار السن الذين تحتجزهم "حماس" في غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 في مقابل وقف إطلاق النار لمدة 6 أسابيع على الأقل، وهي المرحلة الأولى في اتفاق من ثلاث مراحل لإنهاء الحرب.
وقال كيربي للصحافيين: "إننا نريد التوصل إلى اتفاق. ونعتقد أنه من الممكن القيام بذلك، لكن الأمر سيتطلب بعض القيادة من جميع الأطراف هنا وبعض التنازلات."
وكان زعماء الولايات المتحدة ومصر وقطر قد دعوا في بيان مشترك صادر عنهم يوم الخميس الماضي إسرائيل و"حماس" إلى الاجتماع لإجراء مفاوضات يوم 15 آب/أغسطس الحالي لإتمام اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح المخطوفين.
وندد الوزير سموتريتش بالاقتراح، وقال إنه يوجِد تناظراً وهمياً بين المخطوفين الإسرائيليين و"’الإرهابيين‘ الذين يقتلون اليهود" والذين سيتم الإفراج عنهم.
وأضاف سموتريتش: "إن الوقت ليس مناسباً مطلقاً لفخ خطِر حيث يملي ’الوسطاء‘ ’صيغة‘ ويفرضون علينا صفقة استسلامية من شأنها أن تهدر الدماء التي أرقناها في هذه الحرب العادلة."
وقال ديوان رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، إن وفداً إسرائيلياً سيحضر مفاوضات وقف إطلاق النار في مقابل الإفراج عن المخطوفين مع حركة "حماس" يوم 15 آب/أغسطس.
وجاء في البيان الذي وقعه الرئيس الأميركي، جو بايدن، والرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، وأمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، ما يلي: "لقد حان الوقت لتقديم الإغاثة الفورية إلى سكان غزة الذين طالت معاناتهم، والمخطوفين الذين طالت معاناتهم ومعاناة أسرهم."
وقال البيان: "ليس هناك مزيد من الوقت لإضاعته، ولا أعذار من أي طرف لمزيد من التأخير. لقد حان الوقت لإطلاق سراح المخطوفين وبدء وقف إطلاق النار وتنفيذ هذا الاتفاق. وكوسطاء، إذا لزم الأمر، نحن على استعداد لتقديم اقتراح تقريبي نهائي يحل مسائل تنفيذ الاتفاق المتبقية بطريقة تلبي توقعات جميع الأطراف."
ودعا البيان إسرائيل و"حماس" إلى استئناف المحادثات يوم الخميس المقبل، إمّا في القاهرة، وإمّا في الدوحة للتوصل إلى التفاصيل النهائية والبدء في تنفيذ الاتفاق من دون مزيد من التأخير.
وكما ذكرنا، فإنه سرعان ما أكد ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية أن المفاوضين الإسرائيليين سيشاركون في محادثات 15 آب/أغسطس. وفي رد مقتضب على البيان المشترك للوسطاء، قال ديوان نتنياهو إن الوفد سيسافر إلى أي مكان يتم تحديده من أجل وضع اللمسات النهائية على تفاصيل تنفيذ الاتفاق الإطاري.
ولم يصدر رد فوري عن حركة "حماس".
وأوضح مسؤول كبير في إدارة بايدن أن إشارة البيان المشترك الصادر عن الولايات المتحدة ومصر وقطر إلى هدف مفاوضات الخميس المقبل، وهو سد الفجوات المتبقية، لا تعني أن الاتفاق سيكون جاهزاً للتوقيع يوم الخميس. وقال: "لا يزال هناك قدر كبير من العمل الذي يتعين القيام به، لكننا نعتقد أن ما تبقّى يمكن سده. ويوم الخميس لن يشهد سوى استئناف للمحادثات، وليس الانتهاء منها."
ووفقاً لهذا المسؤول، فقد جاء البيان المشترك نتيجة ضغط الرئيس المصري وأمير قطر من أجل هذه الخطوة، ولم يكن يهدف، بصورة خاصة، إلى إرسال إشارة إلى إيران بشأن هجومها الممكن على إسرائيل. ومع ذلك، فقد أقر المسؤول الأميركي أنه إذا شنت إيران حرباً كبيرة في الشرق الأوسط بهجوم واسع على إسرائيل، وهو ما تهدد به بالتنسيق مع مجموعات أُخرى، فمن الواضح أن ذلك سيعرض، بصورة كبيرة، أي أمل في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة للخطر، لأن التركيز الأكبر سينصب على أمور أُخرى.
وقال المسؤول أيضاً إن إيران ليس لها الحق في مهاجمة إسرائيل عسكرياً بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، في طهران الأسبوع الماضي، والذي نُسب على نطاق واسع إلى إسرائيل، وأوضح أن الولايات المتحدة مستعدة لأي طارئ قائلاً: "لقد نقلنا قدراً هائلاً من القوة العسكرية إلى منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك طائرات ’إف 22‘ التي وصلت قبل عدة ساعات. إننا نبذل كل ما في وسعنا من أجل ردع هجوم كهذا، ودحر أي هجوم إذا حدث، وأيضاً لنُظهر لإيران أن هناك مساراً أفضل من الهجوم العسكري للمضي قدماً هنا."
وأشار المسؤول الأميركي إلى أن الرئيس بايدن التقى في المكتب البيضاوي وزير دفاعه، لويد أوستن، لمراجعة الانتشار العسكري الأميركي للمساعدة في الدفاع عن إسرائيل من أي هجوم لإيران.
وقال المسؤول أيضاً: "إن عواقب هجوم مباشر كهذا يمكن أن تكون كبيرة للغاية، بما في ذلك بالنسبة إلى إيران نفسها والاقتصاد الإيراني، وهو ما أعرف أن الحكومة الجديدة في طهران تشعر بالقلق الكبير إزاءه."