بايدن وخامنئي يمكنهما إرغام نتنياهو على اتخاذ قرار، ويمكن أن يكون هذا جيداً بالمناسبة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • يقترب بنيامين نتنياهو من الوضع الذي يكرهه كثيراً؛ اتخاذ القرار. وهذه المرة، عليه أن يختار بين وقف الحرب أو صفقة التبادل كما تسمى في إسرائيل، وبين استمرار المناورة السياسية والدبلوماسية من أجل الحصول على مزيد من الوقت إلى أن يحدث شيء لمصلحته، كما فعل منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، وأساساً منذ وصوله إلى السلطة.
  • وقد بدأت المرحلة الحالية من الحرب عندما أخذت إسرائيل زمام المبادرة في سلسلة اغتيالات لقادة "حماس" وحزب الله في غزة ولبنان وطهران، ومن غير الواضح إذا ما كان نتنياهو ورؤساء الجيش والاستخبارات اعتقدوا أن الاغتيالات ستغير كفة المعركة، أم إنهم اعتقدوا أن النجاحات العملياتية سترفع من معنويات الجمهور والجيش المستنزَف. صحيح أن المعنويات الإسرائيلية ارتفعت لبضعة أيام، لكن اتضح بعدها أن العدو لم يستسلم، إنما هو الآن يهدد بالرد الصعب. إن الفرحة عقب عملية "جيمس بوند" تحولت سريعاً إلى قشعريرة في الظهر وهلع من شتاء الصواريخ المتوقع من لبنان وإيران واليمن وبقية خلايا "حلقة النيران" التي تحيط بإسرائيل.
  • إذا تمت إقامة لجنة تحقيق في إخفاقات الحرب - يوماً ما - فسيكون عليها أن تفحص كيف فشلت إسرائيل في فهم التحول في السياسة الإيرانية وقرار القائد علي خامنئي الرد مباشرة على الاستفزازات المتكررة للنظام الصهيوني بدلاً من التجاهل والاختباء وراء الحلفاء والمنظمات في الجبهة. إن الرسالة لم تصل إلى هنا، حتى بعد القصف الصاروخي والمسيّرات التي أطلقها الإيرانيون في نيسان/أبريل كرد على اغتيال ضابط في الحرس الثوري في دمشق، ومنذ ذلك الوقت، تبيّن أن الاستخبارات الإسرائيلية، على الرغم من كل إنجازاتها التكتيكية اللافتة، فإنها لا فكرة لديها عما يجول في رأس وساحة القائد الأعلى في طهران. إن تقديرات الاستخبارات كانت ولا تزال "سيكون كل شيء بخير."
  • خامنئي لم يكن الوحيد الذي استغل الخطأ الإسرائيلي ونظر إليه كفرصة، بل أيضاً الرئيس جو بايدن، الذي يريد وقف الحرب في غزة وتحرير الحملة الانتخابية لنائبه كاميلا هاريس من غضب الداعمين للفلسطينيين، شخّص فرصة غير مسبوقة من أجل ثني يد نتنياهو. وإن إدارة بايدن تقود خلال الأسابيع الماضية خطوة مضاعفة؛ ضغوطاً على خامنئي ونصر الله كي لا يستعجلا ضرب إسرائيل، ويمنحا وقف إطلاق النار في غزة فرصة تجعلهم المخلصين للفلسطينيين، وفي الوقت نفسه إرسال قوات أميركية كبيرة إلى المنطقة، والمصادقة على صفقة سلاح كبيرة للجيش سيتم تنفيذها على يد الإدارة المقبلة.
  • عملياً، يقول بايدن لنتنياهو: "قم بإنقاذ حيفا وتل أبيب من الخراب، وستحصل في المقابل على جزء من المخطوفين وحزمة مساعدات من أجل ترميم الجيش، وفي المقابل، انسحب من غزة وحرر الأسرى الكبار الفلسطينيين، وامنح السنوار إمكان قول إنه انتصر." وفي الوقت نفسه، يسمع نتنياهو في البيت أصوات بن غفير وسموتريتش اللذين يهددان بإسقاط الحكومة، وفي المقابل صوت يوآف غالانت وزير الدفاع الذي فقد الأمل في الانتصار، ورؤساء الجيش والاستخبارات الذين، بحسب التسريبات، "يدعمون الصفقة"، وهو ما يعني أنهم يتمنونها. إنهم يعرفون أنه على الرغم من تهديداتهم بـ"ضرب كل مكان"، فإن إسرائيل لن تصل إلى الانتصار المطلق على إيران وحزب الله، وفي كل مواجهة معهما، ستحتاج إلى الدفاع الأميركي اللصيق، ومساعدة من الدول السنية. ومن يدافع عنها، يستطيع أيضاً طلب مقابل.
  • نتنياهو كان يفضل تشويه سمعة الجميع إلى أن يخفت الرد الإيراني، وأن يستمر في اللعب بهم جميعاً بسياسة فرّق تسد، وذلك لأنه إن وافق على وقف إطلاق النار، فإن ميزان التهديد الداخلي بين اليمين المتطرف وقيادات الجيش، الذي أبقى على الجميع جالسين في مقاعدهم على الرغم من مسؤوليتهم عن الكارثة، يمكن أن ينهار في لحظة، وذلك على الرغم من أنه لا يوجد اليوم أي بديل حقيقي لنتنياهو، ولا يوجد من يطرح سياسة بديلة أو هيئة أركان بديلة.
  • لكن حتى لو اختار السير مع بايدن وخامنئي والذهاب إلى صفقة، وتحدي بن غفير وسموتريتش بتفكيك الحكومة وفقدان موقع القوة لديهما في الشرطة والمالية، فإن نتنياهو يمكن أن يربح، وذلك لأن وقف إطلاق النار الآن سيخدم أهدافه العليا بحيث تكون "حماس" حية لكن ضعيفة، وقوية بصورة كافية لإحباط أي ترتيبات أو مفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية على تقسيم الأرض، وفي الوقت نفسه منشغلة بما يكفي بإعادة ترميم الهدم في غزة من أجل الخروج إلى هجوم آخر، على الأقل طالما لا يزال نتنياهو في السلطة. وهذا السيناريو أيضاً مغرٍ بالنسبة إلى رئيس الحكومة.