التخلّي عن المخطوفين الإسرائيليين يخدم هدف حرب نتنياهو الحقيقي: احتلال غزة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • تحدّث رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، يوم الاثنين الماضي، خلال بيان إفشال وقف إطلاق النار مع "حماس"، عن "الموارد الأمنية والاستراتيجية الخاصة بنا" - السيطرة على محورَي فيلادلفيا ونيتساريم اللذين ستخسرهما إسرائيل، في حال وافقت على الصفقة المطروحة [مع حركة "حماس"]. النقاش المجتمعي يركز على المخطوفين ومصيرهم، إلّا إن نتنياهو يعتبره مجرد إزعاج إعلامي، وأداة للمناكفة في يد منافسيه السياسيين وتضليل للهدف: احتلال مستمر لقطاع غزة، أو كما أعلن، المرة تلو الأُخرى، منذ بداية الحرب "السيطرة الأمنية الإسرائيلية".
  • إن السيطرة على محور فيلادلفيا و"الممر الأمني" على طول الحدود، تسمح لإسرائيل بمحاصرة القطاع من معابره البرية الثلاثة وعزله عن مصر. السيطرة على محور نيتساريم تقسم المنطقة فعلياً بين شمال - لم يتبقّ فيه سوى قلة من السكان، مع بيوت وبنى تحتية مدمرة - وجنوب القطاع، المليء باللاجئين من جميع مناطق القطاع.
  • عملياً، هذا الترتيب طويل المدى لـ"اليوم التالي للحرب". إسرائيل ستسيطر على شمال غزة، وتدفع 300 ألف فلسطيني هناك إلى الجنوب. اللواء غيورا آيلاند، المنظّر للحرب، يقترح تجويعهم حتى الموت، أو تهجيرهم، كأداة ضغط على "حماس". اليمين الإسرائيلي يريد الأرض للاستيطان اليهودي، مع احتمالات أن تكون ذات قيمة عقارية عالية جداً، وتضاريس مريحة، هذا بالإضافة إلى القرب من مركز البلد والشاطئ على البحر. فتجربة إسرائيل في الضفة الغربية والقدس الشرقية توحي أن هذا الاحتلال سيكون طويلاً جداً، ويتطلب كثيراً من الصبر والمناورة الدبلوماسية، وبالتالي لن تُبنى مدينة يهودية كبيرة في غزة غداً، بل خطوةً بعد خطوة، ودونماً بعد دونم، وكرفاناً بعد كرفان، ثم بؤرةً بعد بؤرة؛ كالخليل و"ألون موريه" و"حفات جلعاد".
  • سيُترك قطاع غزة لـ"حماس"، وعليها أن تكون مسؤولة عن السكان الذين فقدوا كل شيء، المسجونين تحت حصار إسرائيلي، حتى بعد أن ينشغل الرأي العام الدولي بأمر آخر، ويفقد اهتمامه بالموضوع. يعتقد نتنياهو أن الانتخابات الأميركية ستستحوذ على اهتمام أكبر من الاهتمام بالمتظاهرين الداعمين لفلسطين، في السياسة الأميركية، حتى لو فازت كاميلا هاريس. وطبعاً، في حال عاد ترامب إلى البيت الأبيض، فإن نتنياهو يتوقع منه أن يُطلق له اليد للعمل في القطاع. في السيناريوهَين، يتوجب على أميركا مع حاملات طائراتها، إمّا ردع إيران عن حرب شاملة، وإمّا التورط بنفسها في حرب لإنقاذ إسرائيل.
  • لا يجب أن نقع في بلبلة: الاحتلال هو الهدف الذي يقاتل نتنياهو من أجله، حتى لو كان الثمن موت الرهائن الذين ما زالوا في قيد الحياة، ومع خطر حرب إقليمية. الدعامات التي تحمل حُكمه، مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، ستبقى مكانها ما دام الأمر ما زال كلاماً، ولم ينتقل إلى أفعال نحو احتلال ثابت وضمّ زاحف لقطاع غزة. خلال جلسة الحكومة، عاد نتنياهو إلى شعاره الانتخابي في سنة 1996 ضد اتفاقيات أوسلو "مفاوضات أخذ وعطاء، وليس عطاء وعطاء" - أو بالعبرية، لن تُعاد أيّ مناطق محتلة في غزة، حتى تحت الضغوط الدولية؛ وفي الجولة الحالية، ليس بسبب المخطوفين وعائلاتهم، بل هذا هو الهدف الحقيقي لحربه.

 

 

المزيد ضمن العدد