"حماس" تنتظر توحيد الساحات مع الضفة الغربية الذي يبدو قريباً
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- بينما تحوّل محور فيلادلفيا إلى محور الخلاف الوطني، كأن المقصود موضوع سياسي ومصدر لأمن دولة إسرائيل ووجودها، تدور في الضفة الغربية حرب دموية منذ عدة أسابيع، يمكن أن تتطور إلى معركة أوسع ستُحدد مراحلها، بناءً على الأساس السياسي – القومي لحكومة إسرائيل. وهذه الساحة مزدوجة الأبعاد، يسعى فيها الجيش لتدمير الآلاف من قطع السلاح، والقضاء على زعماء المنظمات المحلية في مخيمات اللاجئين، وإحباط الهجمات. وفي الوقت عينه، يقوم زعيما اليمين المتطرف إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، اللذان يعتمدان على المستوطنين المسلحين، بخلق وقائع سياسية على الأرض، يمكن أن تحبط الحرب ضد " الإرهاب".
- أدى تفجير سيارتين مفخختين، يوم الجمعة، إلى التقدير أن المقصود تصعيد شديد غير مسبوق، بطابع عمليات الخلايا "الإرهابية". لكن فضلاً عن النواحي التكتيكية لهذه العملية، التي تذكّرنا بالأيام الدموية في الانتفاضة الثانية، من المبكر القول إنها تدل على استراتيجيا فلسطينية جديدة تهدف إلى القيام بانتفاضة تشبه انتفاضة بداية الألفين.
- لم تنشأ بعد في وسط الجمهور الفلسطيني في الضفة الغربية الظروف المطلوبة من أجل القيام بتمرّد مدني واسع النطاق. وهذا على الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة منذ بداية الحرب في غزة، وخسارة نحو 100 ألف وظيفة في إسرائيل، والمصاعب الكبيرة في التنقل، التي تمنع حرية تنقُّل المواطنين، والضرر الكبير الذي لحِق بميزانية السلطة الفلسطينية، والعقبات الكثيرة المفروضة على حركة التجارة بين إسرائيل والضفة.
- في نهاية الأسبوع، قالت مصادر في "فتح" لصحيفة "هآرتس" إن ضبط النفس لدى الجمهور ناجم عن أنه "لا يريد أن تتحول الضفة إلى غزة. الدمار الذي أحدثته إسرائيل في غزة، ومقتل أكثر من 40 ألف شخص، والسهولة في قتل كل ما يتحرك، كل ذلك يخيف السكان ويردعهم". ثمة تفسير آخر هو أن "جزءاً من الشعور العام في الضفة يعتبر أن الحرب الدائرة في غزة هي حرب بين "حماس" وإسرائيل، وليست نضالاً وطنياً يستوجب تعبئة واسعة من أجل مواجهة عنيفة. ويعتمد هذا الشعور على تفسير، مفاده أن الحرب في غزة تخدم مصالح إيران، ولا تساعد على تحرُّر الشعب الفلسطيني من الاحتلال". هناك سبب ثالث، بحسب المصادر، هو "الخلاف الداخلي على مستوى القيادة داخل منظمة التحرير الفلسطينية، وحتى داخل "فتح"، بين المؤيدين لمحمود عباس وخصومه، وبين الذين يدفعون الآن نحو ترسيخ مصالحة بين "حماس" و"فتح"، وبين مَن يعارض، أو يطالب بالانتظار حتى انتهاء الحرب. وتؤدي هذه الخلافات إلى عدم إجراء نقاشات استراتيجية، لا على المستوى السياسي، ولا العملاني في الميدان".
- في الأسابيع الأخيرة، زار محمود عباس روسيا وتركيا والسعودية، والتقى زعماء هذه الدول، وأعلن بصورة دراماتيكية من على منبر البرلمان التركي في 15 آب/أغسطس، أنه "في غياب حلول أُخرى، قررت الذهاب إلى غزة برفقة أعضاء من القيادة الفلسطينية. سأبذل كل ما في وسعي من أجل وقف العدوان الوحشي هذا، حتى لو كلّفنا حياتنا، وحياتنا ليست أغلى من حياة طفل صغير من غزة".
- موقف إسرائيل الصارم ضد إجراء هذه الزيارة، لم يمنع عباس من ترويج هذه الخطوة التي إذا ما تحققت، يمكن أن تشكل بداية خطة عمل لتدخُّل السلطة الفلسطينية في إدارة معبر رفح. وهذا بالضبط ما يُقلق نتنياهو الذي يعتبر السلطة الفلسطينية "سلطة إرهابية" وتوأماً لحركة "حماس"، ويسعى لعرقلة أيّ حلّ سياسي يفرض على إسرائيل الانسحاب من القطاع.
- ما يعرقل زيارة عباس، ليس فقط معارضة إسرائيل، بل إن عدداً غير قليل في صفوف منظمة التحرير يعارض هذه الخطوة. "إنها مثل غرز سكين في ظهر ’حماس’، وهي التي تخوض الآن حرب بقاء في مواجهة إسرائيل"، هذا ما قاله أحد المسؤولين في "فتح" لـ"هآرتس"، الذي أضاف: "سيكون هذا تنازلاً عن المبدأ الذي وضعه عباس نفسه، وهو أن إدارة معبر رفح والقطاع كله من طرف السلطة الفلسطينية لا يمكن أن يتحقق إلّا ضمن إطار حل سياسي شامل".
- ... حتى الآن، لم تنجح الحرب في غزة في جرّ الضفة الغربية، وخصوصاً قيادة منظمة التحرير و"فتح"، إلى "توحيد الساحات"، لكن التخوف من الحرب الدائرة التي تشنّها العصابات المتوحشة والإرهاب اليهودي ضد البلدات الفلسطينية، وفي الأساس مسعى السيطرة على الحرم في المسجد الأقصى، والذي يقوم به بن غفير وشركاؤه، هو الذي سيؤدي إلى إنضاج الظروف لنشوب ثورة فلسطينية عنيفة. وإذا حدث ذلك، فإن السيطرة على محور فيلادلفيا ومعبر رفح لن تفيد إسرائيل، لا أمنياً، ولا سياسياً.
...