هل تتوسع الانتفاضة إلى منطقة الخليل؟
تاريخ المقال
المصدر
- لم تتوسع في هذه الأثناء ظاهرة "كتائب المخربين"، التي تنشط في شمال الضفة في الأشهر الأخيرة، وإلى حد ما، في غور الأردن، إلى المنطقة الواقعة جنوبي القدس، وإلى الخليل وجنوبي جبل الخليل، وذلك لعدة أسباب، أهمها أن كتائب "المخربين" في "حماس" والجهاد الإسلامي، وحتى المتطرفين من "فتح"، ظهرت في جنين، وفي منطقة طولكرم، قبل وقت طويل من السابع من تشرين الأول/أكتوبر، عندما بدأت "حماس" تطلب مساعدة قطاع غزة، بعد بداية مناورات الجيش الإسرائيلي هناك.
- هذه الظاهرة التي كان يبدو أنها أُخمدت بعد القضاء على "عصابة عرين الأسود" في نابلس من خلال عملية "بيت وحديقة" في جنين [في تموز/ يوليو 2023]، عادت إلى الظهور من جديد خلال حرب "السيوف الحديدية" [طوفان الأقصى]. لم تتمدد الانتفاضة إلى المنطقة الواقعة جنوبي القدس، وخصوصاً منطقة الخليل، لأن السلطة الفلسطينية قوية أكثر في منطقة الخليل، وفي البلدات الواقعة جنوبي جبل الخليل، ولأن تهريب الأسلحة إلى المنطقة من الأردن، عبر البحر الميت، أصعب جداً من تهريبه عبر نهر الأردن ذي المياه الضحلة، إلى شمال الضفة ومنطقة طولكرم، الواقعة غرباً.
- وحقيقة أن المنطقة الواقعة جنوبي القدس كانت هادئة أكثر، سمحت للجيش الإسرائيلي بتوفير قواته وتركيز جهده على شمال الضفة، وخصوصاً طولكرم، أي كل المناطق التي تستطيع إيران تهريب السلاح إليها، ويستطيع عناصر "حماس" في تركيا ولبنان نقل الأموال والأوامر إليها، أحياناً، بمساعدة حزب الله، من أجل المحافظة على مستوى عالٍ من العمليات "الإرهابية".
- لكن "الإرهاب" يتصرف مثل النهر السائل، فهو ينخفض عندما تضغط عليه في مكان معين، لكنه يرتفع في مكان آخر مرتبط به، وهذا بالضبط ما يحدث الآن في الضفة الغربية. ويبدو أن الضغط الشديد والمستمر للقيادة الوسطى وألوية الجيش على مخيمات اللاجئين في جنين ونور شمس، بالقرب من طولكرم، ومخيم الفارعة في غور الأردن، دفع المشجعين على "الإرهاب" وناشطيه إلى البحث عن مناطق أُخرى لا ينتشر فيها الجيش بأعداد كبيرة، ويقوم فيها بجهد دفاعي واعتقالات استباقية، وليس بعمليات هجومية كثيفة، مثل شمال الضفة.
- ومن المهم التوضيح هل من الممكن أن يكون لشمال الضفة تأثير في السيارتين المفخختين اللتين انفجرتا في "غوش عتسيون" أمس، أم أن المقصود عمل محلي، وبالتالي التحرك بطريقة ملائمة. لهذا الأمر أهمية كبيرة بالنسبة إلى الجيش الإسرائيلي، الذي يشعر بالضغط فيما يتعلق بالقوة البشرية والوحدات القتالية على الحدود. تعمل اليوم في الضفة الغربية ما بين 23 و26 كتيبة ووحدة خاصة من الجيش. كما يتعيّن على الجيش منع تفشّي "الإرهاب" في جبل الخليل كي لا يضطر إلى نقل قوات إضافية ، لا يملكها، إلى الضفة الغربية، وبذلك لن يكون في إمكانه التحرك براً كما يجب في قطاع غزة، وفي لبنان عند الحاجة.
- حالياً، يتعين على المؤسسة الأمنية رفع الجاهزية والوسائل الأمنية في المستوطنات الواقعة جنوبي القدس، وتكثيف الدوريات على الطرقات، والقيام بجهد طارىء من أجل سدّ خط التماس المخترَق، وخصوصاً جنوبي جبل الخليل.
- إن الجزء الأساسي من مهمة إحباط موجة "الإرهاب" في جنوبي القدس، وفي منطقة الخليل، ملقى على عاتق "الشاباك" والاستخبارات العسكرية، فإذا عملا بسرعة على اعتقال المحرضين ومنع تهريب السلاح من شمال الضفة إلى المناطق الواقعة جنوبي القدس، فسيكون في الإمكان السيطرة على النيران في هذه المنطقة. ويجب أن نتذكر أن الوضع الاقتصادي صعب في الضفة الغربية كلها، والناس لا يذهبون للعمل في إسرائيل، والسلطة الفلسطينية لا تدفع الرواتب، والأجهزة الأمنية لا تعمل بالقوة المطلوبة.
- يمكن أن يزداد هذا الوضع سوءاً لأن إسرائيل تمنع تحويل الإموال [من تحصيل الضرائب على المعابر] إلى السلطة الفلسطينية. بيْد أن معظم سكان منطقة "غوش عتسيون" والخليل وجنوبي جبل الخليل من المتدينين. ويوجد في بيت لحم مخيمان كبيران للاجئين يمكن أن تنشط فيهما كتائب "المخربين"، مثلما جرى في جنين، وهذا الأمر عائد إلينا، إذا نجحنا في منع تدفّق السلاح إلى هناك، وهو ما لم ينجح الجيش و"الشاباك" في منعه من حدود الأردن المخترَقة بين شمال البحر الميت وحتى بحيرة طبريا.
- ومن المتوقع أن يحاول الإيرانيون وعناصر "حماس" في الخارج، في تركيا ولبنان، وأيضاً "قيادة الضفة" التي بقيت في غزة، والتي لديها القدرة على التواصل مع أعضائها في الضفة، نقل نقاط الثقل للانتفاضة إلى المناطق الواقعة جنوبي القدس. فإذا نجحوا في ذلك، فسيضطر الجيش إلى القتال براً على جبهين للعمليات، وربما ثلاث جبهات، ونظراً إلى أن الحريديم لا يخضعون للخدمة العسكرية حتى الآن، فإن هذا يمكن أن يشكل مشكلة غير بسيطة.
- بالاضافة إلى ذلك، إذا تمددت حرب "الإرهاب" إلى المنطقة الواقعة جنوبي القدس، فيمكن أن تنزلق أيضاً إلى داخل أراضي إسرائيل، ما وراء الخط الأخضر. لذلك، يجب التركيز الآن على كل المجالات التي تغذي "الإرهاب" من عمليات اعتقال لناشطين أساسيين، واغتيالات للمشغلين من الخارج، والتركيز على منع تهريب السلاح والمال إلى منطقة الخليل وبيت لحم وجبل الخليل.